حمامات سباحة وحدائق ووجبات و3 لغات لـ«ولاد الذوات».. والفقراء: «الإيد قصيرة»
حضانات مجهزة على أعلى مستوى لأطفال الذوات
تسبب غياب رقابة وزارة التضامن الاجتماعى، وتنافس الأهالى على إلحاق أطفالهم بحضانات لتأهيلهم قبل دخول المدارس، فى تكدس الإسكندرية بالمئات من الحضانات غير المرخصة، خلال السنوات الأخيرة، حتى صار تعليم الأطفال مهنة من لا مهنة له من خريجى المعاهد والدبلومات الفنية.
وتنقسم الحضانات فى الإسكندرية إلى ثلاث فئات؛ الأولى لأولاد الذوات وتتراوح اشتراكاتها بين 3 آلاف إلى 5 آلاف جنيه فى الشهر، وتنتشر فى المناطق الراقية، مثل كفر عبده، وسموحة، ورشدى، وسان ستيفانو، وستانلى، وتتميز بكثرة الأنشطة واللغات التى يتعلمها الأطفال، وتقديم وجبات غذائية وحدائق كبيرة وحمامات سباحة، وهى تقلد الحضانات الدولية.
أما الثانية، فهى لأبناء الطبقة المتوسطة وفوق المتوسطة، وتتراوح الاشتراكات فيها ما بين 800 جنيه إلى ألفى جنيه كل شهر، وتقع فى المناطق التى يسكنها أبناء هذه الطبقة، مثل وابور المياه، وسبورتنج، والإبراهيمية، وفيكتوريا، وميامى، وجليم.
أما الثالثة فهى لأبناء الغلابة وتنتشر فى المناطق الشعبية، وتتراوح اشتراكاتها ما بين 100 جنيه إلى 300 جنيه، وهى لا توفر إلا مكاناً لإيواء الأطفال فترة غياب الآباء والأمهات عن المنازل، وتقدم بعض الأنشطة والمناهج التعليمية ضعيفة المستوى.
«مى»: لو الاشتراك أقل من ألف جنيه أخاف على بنتى.. و«شيرين»: السمعة أساس الحكم على المكان.. و«أحمد»: افتتحت واحدة لأبناء الفقراء «فخسرت وقفلت».. و«منة الله»: واللى عنده 3 أولاد يعمل إيه؟
«الوطن» رصدت حالة من الفزع بين أصحاب الحضانات بعد واقعة تعذيب الطفلة «جورى» فى حضانتها بمنطقة «فيكتوريا»، وهى الواقعة التى سجلها مقطع فيديو تداولته مواقع التواصل الاجتماعى بكثرة مطلع الشهر الحالى، حيث تخشى الحضانات، خاصة التى تستهدف الشريحة العليا، من تأثير الواقعة سلباً عليها، فكثفت من حملات الدعاية الخاصة بها عبر صفحاتها على موقع «فيس بوك»، بنشر مئات الصور الجديدة للأطفال وهم يمارسون الأنشطة، فى محاولة منهم لإرضاء أولياء الأمور المشتركين، وجذب غيرهم.
«أنا لو لقيت اشتراك الحضانة أقل من 500 جنيه فى الشهر أخاف على ابنى»، هكذا قالت شيرين محمود، مهندسة، وولى أمر طفل بحضانة لغات، مؤكدة أنها تختار الحضانة بناء على عدة عوامل، تتمثل فى الموقع وسمعة صاحبها ومظهر المعلمات واللغات والأنشطة التى تقدمها للطالب، بالإضافة إلى قيمة الاشتراك. وأضافت مى سلامة، ولى أمر، أنها تبحث لطفلتها «مليكة» عن حضانة قريبة من المنزل، ويكون اشتراكها متوسطاً، لأن قيمة الاشتراك مهمة، فالأسرة لا تستطيع أن تتحمل تكاليف كثيرة، موضحة أنها تبحث عن حضانة يتراوح اشتراكها ما بين 800 إلى ألف جنيه، فأقل من ذلك تخشى على طفلها.
أما منة الله أحمد، ولى أمر، فتقول: الأسرة التى لديها أكثر من طفل ليس من الطبيعى أن تشترك فى حضانات مرتفعة، مضيفة أنها لا تستطيع دفع أكثر من 300 جنيه كل شهر للطفل، خاصة أن الأطفال لا يحبون الذهاب كثيراً إلى الحضانات.
دور رعاية فى القبارى تدمج بين ذوى الاحتياجات والأصحاء.. برامج تعليم وخطط علاجية وتنمية مهارات
وفى منطقة الورديان الشعبية، كان أحمد محمود، صاحب حضانة «كيدزانيا»، يحصل 100 جنيه عن كل طفل فى الشهر، قبل أن يخسر ويقرر إغلاقها بعد 6 أشهر من بدء العمل، موضحاً أن الإقبال كان ضعيفاً، ومصروفات الحضانة كثيرة، تضم 1400 جنيه إيجاراً شهرياً، ورواتب 3 مدرسات ومربيتين.
وقال «أحمد» إن «أهل المنطقة ناس غلابة واعتبروا الـ100 جنيه عبئاً عليهم، رغم أننى كنت أتحمل تكاليف الكتب والحفلات الموسمية»، مضيفاً أن عدداً كبيراً من أولياء الأمور رفضوا شراء الزى المخصص للحضانة، بسبب ضعف دخولهم. وأكد أن الأهالى فى المناطق الشعبية لا يريدون من الحضانات سوى توفير أماكن لإيواء أطفالهم وهم فى العمل «يعنى لو الأم عاملة، تعدى تسيب ابنها الصبح، وهى راجعة من الشغل تاخده، ومابتسألش هو اتعلم إيه».
وفى السنوات الأخيرة، عرفت الإسكندرية نموذجاً آخر من الحضانات، وهى المتخصصة فى رعاية الرضع من 6 أشهر إلى عامين، حيث تتمكن الأم العاملة من ترك طفلها والذهاب إلى العمل.
وفى منطقة القبارى غرباً، أسس البعض حضانات معروفة بحضانات «الدمج المشتركة»، وهى تستقبل الأطفال ذوى الإعاقة مع الأصحاء، حيث يفضل كثير من أولياء أمور الأطفال ذوى الإعاقة أن يلتحق أبناؤهم بتلك الحضانات فى سبيل دمجه فى المجتمع.
«الغرض من إنشاء الحضانة هو استقبال جميع أنواع الأطفال المعاقين ممن يعانون من تأخر النطق والكلام أو فرط الحركة أو قلة النظر أو اضطراب الطيف التوحدى»، هكذا وضحت إدارة الحضانة فى منشور دعائى عبر موقع «فيس بوك»، مؤكدة: «يخضع الطفل لفحص وتقييم أولى ومن ثم جلسات علاجية ممتدة، طيلة فترة الاشتراك، وذلك مقابل 500 جنيه شهرياً، شاملة المتابعة العلاجية والكتب والمناهج والأنشطة».
وقالت مى عمر، إخصائية بحضانة الدمج، إن الحضانة مشتركة تقوم على الدمج بين الأطفال الأصحاء وذوى الإعاقة، وتخلق بينهم أنشطة فعالة، وذلك فى إطار خطة علاجية تقوم على تنمية المهارات الذاتية والحياتية للطفل، وإجراء جلسات تخاطب لمن يعانون من صعوبة التعلم، وجلسات تعديل السلوك ونشر ثقافة عدم إهانة الطفل واحترام الآخر، موضحة أن كثيراً من أولياء الأمور يفضلون الاشتراك بهذا النوع من الحضانات لتحقيق فكرة الدمج. وأضافت أن الحضانة بها إخصائيون فى علاج المشكلات السلوكية والحركية، وكذلك فى تخصصات الطب النفسى والتربية الخاصة، وهم مسئولون عن توفير المتابعة الدورية العلاجية للأطفال للتركيز على تنمية المهارات واكتشافها، ومن تم توظيفها التوظيف الأمثل، مشيرة إلى أن الحضانة تستقبل الأطفال من عمر سنتين ونصف فأكثر.
تقع الحضانة فى شقة مساحتها صغيرة، وينظر كل من فيها إلى غيره بعين المراقبة، فيما توضح «مى»: «هنا مفيش غلط أو ضرر يحصل للطفل، لأننا كلنا رقيب على عمل بعض»، مؤكدة أنها تعمل بالحضانة منذ افتتاحها. وأضافت أن الحضانة تخصص يوماً محدداً من كل أسبوع لتعليم الأطفال الاعتماد على النفس دون دعم من المحيطين أو الآخرين: «نطبق مبدأ ساعد نفسك بنفسك.. نخلى الطفل يلبس بنفسه ويذاكر لوحده»، مشيرة إلى أن ذلك يعتبر جزءاً من الخطة العلاجية المتبعة.
وقالت سحر عصام، إحدى أولياء الأمور، إنها فضلت إلحاق طفلها، الذى يعانى من فرط الحركة، بحضانة دمج مشتركة وليست متخصصة، مضيفة أنه من المهم أن يشارك طفلها غيره من الأصحاء فى الأنشطة ويندمج معهم ويتعلم منهم، خاصة أن سعر الاشتراك واحد.