حضانات ومراكز تأهيل وشقق مفروشة.. «دليل المدرسين» للتهرب من الملاحقات الأمنية
لافتات لمراكز الدروس الخصوصية
فى محاولة للهروب من ملاحقات الضبطية القضائية بغلق مراكز الدروس الخصوصية، لجأ عدد من المعلمين لحيل كثيرة لإخفاء نشاطهم، حيث قام بعضهم بتأجير شقق سكنية وحضانات، واستئجار ساعات فى جمعيات أهلية، مواصلين العمل فى أوقات كثيرة تحت سمع وبصر مديريات التربية والتعليم فى عدد من محافظات مصر، ففى الغربية رصدت «الوطن» انتشار حضانات تابعة لجمعيات مشهرة تحت التأسيس، منها «دار العلم والإيمان»، و«براعم الإيمان»، و«الأمل والنور للأطفال كيدز»، و«هابى بيبى»، و«بيبى هوم أكاديمى»، وغيرها تم خصيصها كمراكز للدروس الخصوصية وسط غياب الرقابة.
«جيهان»: «المعلمين بقوا بيهربوا من المراكز الكبيرة بعد الوزارة ما كشفت بعضها».. و«مدحت»: «ملكة الإنجليزى» فتحت بيتها للطلبة
وقال حسين الأشقر، موظف حكومى مقيم بمدينة المحلة، إن الأزمة فى مشكلة الحضانات التى تستخدم كسناتر أنها أصبحت «مرض مزمن»، مؤكداً أن غياب دور الضرائب ومباحث المصنفات والرقابة من مديرية التربية والتعليم والشئون الاجتماعية هو السبب الرئيسى فى استفحال وتوغل مافيا الدروس الخصوصية فى الحضانات غير المشهرة.
فى المقابل أكد الدكتور خالد أبوالمجد، المتحدث الإعلامى لمديرية التضامن والشئون الاجتماعية بالغربية، أن المديرية تواصل سلسلة حملات رقابية على جمعيات ومؤسسات غير مشهرة قانونياً، فضلاً عن إغلاق حضانات الأطفال غير المرخصة حفاظاً على صالح المواطنين ورعاية أبناء الأسر، وأشار إلى أن وزارة التضامن تواصل جهودها فى حصر تلك الجمعيات وتبدأ فى تطبيق كافة لوائح القوانين والنظم الإدارية لكافة الجمعيات التى تزاول مهن تدريس مناهج تعليمية عبر حضانات وسناتر غير قانونية وغير خاضعة لوزارة التعليم خلال الآونة الأخيرة.
وفى كفر الشيخ، انتشرت وحدات سكنية مؤجرة، ومنازل كمراكز للدروس، ونقل بعض المعلمين المشهورين أماكن دروسهم هرباً من ملاحقة وزارة التعليم لهم، وآخرون لجأوا لتخصيص مكان داخل منازلهم للدروس الخصوصية.
تقول جيهان حمزة: «المدرسين بقوا بيهربوا من المراكز الكبيرة بعد وزارة التعليم ما كشفت بعضها، فبيلجأوا لتأجير وحدات سكنية خاصة فى العمارات لإعطاء الدروس، وده مسبب لنا حالة من الإزعاج المتواصل والمشاجرات التى تحدث أمام العمارة من الطلاب اللى بيتجمعوا بشكل يومى، واكتشفنا أن مدرسين كيمياء وفيزياء مأجرين شقة واحدة، بيبدلوا فيها عشان يدوا دروس، ورغم أننا تقدمنا بعدد من الشكاوى لمديرية التربية والتعليم لإغلاق الوحدة السكنية إلا أنه لم يحدث».
«أيمن»: نعانى من زحمة التلاميذ فوق سطوح بيتنا.. و«علاء»: جمعية أهلية تجرأت وفتحت مركز دروس مستغلة تصريح الحضانة
كما يلجأ معلمو بعض القرى لإعطاء الدروس فى منازلهم الخاصة، وفى إحدى قرى مركز الحامول بكفر الشيخ، يتجمع عشرات التلاميذ أمام منزل إحدى مدرسات اللغة الإنجليزية، التى حولت منزلها لسنتر للدروس مقابل 50 جنيهاً فى الشهر لتلاميذ الابتدائية و70 جنيهاً لطلاب الإعدادية ومن 100 لـ120 جنيهاً لطلاب الثانوية بمراحلها، ورغم أنها معلمة فى مدرسة القرية الإعدادية، فإنها تبدأ فى إعطاء الدروس من الساعة 12 ظهراً، أى قبل انتهاء اليوم الدراسى.
«مفيش رقابة فى المدارس، المدرسين بيمضوا ويروحوا يبدأوا الدروس الخصوصية».. يقولها مدحت أحمد، أحد أولياء الأمور، مشيراً إلى أن معلمة الإنجليزى فى القرية تعتبر «ملكة الإنجليزى»، حيث تقسم الصفوف على مراحل «الابتدائى والإعدادى بياخدوا حصتين فى الأسبوع، أما الثانوى فقليل من الطلاب بيروحولها، اللى مبيقدروش يسافروا للمركز».
وتنتشر سناتر الدروس الخصوصية بمدينة دسوق فى عدد من الشوارع مثل شارع المركز، حيث يقول أيمن محمد، إن هناك مركزاً متكاملاً للدروس الخصوصية فوق منزله مخصصاً للثانوية العامة: «بعانى من الصوت العالى والسماعات، والسنتر بيبقى مليان طول الوقت وبيسبب إزعاج، وخناقات بتحصل بين العيال وبعضها، وأصوات ضحكات الفتيات، الجيل ده مبقاش زى زمان، جيل مش متحمل مسئولية، واشتكينا كتير للتربية والتعليم لإغلاقه لكن دون جدوى».
وفى القليوبية، كشفت التقارير الرسمية الصادرة من مديرية التعليم وجود 119 مركز دروس على مستوى المحافظة، 10% منها فقط مرخص، والباقى بدون ترخيص، وبعد أن كان المدرسون يلجأون للشقق الخاصة لاتخاذها مراكز للدروس ظهرت أساليب جديدة، بتحويل مراكز التنمية البشرية وقاعات التدريب والاستشارات التعليمية فى بعض المراكز واللغات إلى مراكز دروس تحت ستار دورات التنمية البشرية والتأهيل لسوق العمل، وهى الظاهرة الأكثر انتشاراً فى العاصمة، بنها، بمنطقة شارع كلية التجارة، التى ينتشر بها عدد كبير من هذه المراكز كبوابة خلفية للدروس الخصوصية، على أن يكون رسم الدورة الواحدة بين 200 و300 جنيه للمادة شهرياً، طبقاً لعلى عبدالحميد، موظف.
ويكشف محمود عزالدين، من أهالى قرية ميت عاصم، مركز بنها، أن هناك بعض المدرسين نقلوا أنشطتهم فى الدروس الخصوصية لمنازل الطلاب، أو للقرى القريبة والمتاخمة للمدن للهروب من الملاحقات نظراً لعدم السيطرة الكاملة لحملات الملاحقة هناك، وشهدت مدينة الخصوص قيام 6 مدرسين بالمدرسة الرسمية للغات بالخصوص بإعطاء دروس خصوصية داخل المدرسة تحت ستار مجموعات التقوية، وهى الحيلة التى كشفتها زيارة مفاجئة للجنة من الإدارة للمدرسة، وبسؤال التلاميذ وأولياء الأمور اكتشفت اللجنة أن أسعار الحصة تراوحت بين 60 و80 جنيهاً للمادة الواحدة، ليتم ضبط المدرسين المتورطين، ويعترفوا بأنهم حولوا المدرسة لمركز دروس خصوصية بسبب كثرة الملاحقات ضدهم فى أماكن أخرى.
نفس الأمر تكرر فى محافظة قنا، حيث تحول عدد من الجمعيات الأهلية إلى مقرات لمراكز الدروس الخصوصية بالتحايل على القانون، بالإضافة إلى تحويل معلمين لمنازلهم لمقرات أخرى.
ويقول علاء محمد، موظف، إن منح الجمعيات الأهلية ترخيص فتح حضانة رياض أطفال، جعلها تتجرأ بفتح فصول تقوية بها، وتتربح من ذلك بتوفير مجموعات طلابية للمعلمين المتعاقدين مقابل نسبة مئوية من قيمة الدرس نظير توفيرها مكاناً بالجمعية للدروس.
ولى أمر بالإسكندرية: «فيه معلمين بمدارس عبدالقادر بيستخدموا الفصول وبيطردوا اللى مش دافعين والعيال بتفرح وبتزوغ»
وفى الإسكندرية، وتحديداً بمنطقة محرم بك، تتحول إحدى الحضانات الشهيرة بعد الساعة الخامسة مساءً إلى مركز دروس خصوصية، حيث يقوم مسئولو الحضانة بتأجير القاعة للمدرسين من أجل زيادة دخل الحضانة، مستغلين التصريح الصادر من التضامن الاجتماعى.
«تأجير شقة وفرشها كمركز دروس خصوصية هو أسهل الطرق وأوفرها للمدرسين».. هكذا قال محمود عثمان، طالب بمدرسة محمد حمدى عاشور، وأضاف لـ«الوطن» أن بعضاً من معلمى مدرستى على بن أبى طالب ومحمد حمدى عاشور الإعدادية بحى المنتزه، قاموا بتأجير شقة بالدور الأرضى بشارع هدى الإسلام، الذى يبعد خطوات قليلة عن المدرستين، وفرشها وتحديد مواعيد لكل مدرس لاستقبال طلابه بها، موضحاً أن الشقة مستمرة منذ أكثر من 10 سنوات وجميع سكان المنطقة يعلمون بأمرها لكن أحداً لا يجرؤ على الإبلاغ عنها نظراً لأن جميع أهالى المنطقة لهم أبناء تحت أيادى هؤلاء المدرسين.
وفى غرب المدينة، بعيداً عن أعين الرقابة، بمدارس عبدالقادر، قالت فاطمة عبدالسلام، والدة طالب بالمدرسة، إن المدرسين يستخدمون فصول المدرسة لتقديم الدروس الخصوصية فى الوقت الخاص بهم فى الحصة، حيث يقوم المدرس بطرد الطلاب غير المشتركين معه والشرح لمن يدفع، مضيفة: «عشان الطلاب مش فى دماغهم التعليم، فما بيصدقوا يطردوا ويقعدوا فى الحوش أو يزوغوا من المدرسة».
لافتات لمراكز الدروس الخصوصية
تشميع أحد «سناتر» الدروس الخصوصية