قنابل الغاز تلوث زينة «عيد الميلاد».. و95 مليار دولار عائدات سياحية مهددة
عناصر من الشرطة الفرنسية يساعدون أحد زملائهم بعد الاصابة
«تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن»، هكذا تحمل لافتة المشاهد التى تتناقلها وسائل الإعلام العالمية عن تظاهرات حركة السترات الصفراء فى شارع أجمل وأشهر شوارع باريس وهو الشانزلزيه، الذى بدأت زينة أعياد الميلاد تظهر على محلاته التجارية وسط دخان القنابل المسيلة للدموع، حرائق السيارات بفعل المصادمات بين الحركة ورجال الشرطة، ما جعل الاقتصاد الفرنسى، وعوائده من السياحة على المحك.
وأعلن وزير الاقتصاد الفرنسى، برونو لا مايرى، أن الاحتجاجات الأخيرة أثرت بشكل كبير على اقتصاد البلاد، إذ خسرت الشركات بتاريخ الـ17 من الشهر الماضى نحو 39% من حجم الأعمال التجارية، ونحو 24% السبت قبل الماضى، فى حين بلغت خسائر الجزارين والأفران ومصففى الشعر خلال 10 أيام نحو 60 - 70%، فيما أشارت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إلى أنه من المرجح أن تختبر هذه المشاهد الاحتجاجية العنيفة فى فرنسا قدرته على تغيير قرار الضرائب على الوقود وتعديلاته الشاملة للاقتصاد الفرنسى وقدرته على محو لقب «رئيس الأغنياء» عن نفسه.
ورغم قدرة ماكرون على المضى قدماً فى قراره دون خوف بسبب أغلبية حزبه فى البرلمان، فإن عدداً من مشرّعى حزبه بدأوا يشككون فى صحة قراره حول ضرائب الوقود وسط الضغوط الشعبية للتنازل عن القرار، وأكدت الصحيفة أن سيطرة المتظاهرين على مناطق تتمركز فيها الشرطة فى قلب باريس، تدل على قوة الاحتجاجات الجارية.
«آى إن جى»: 9.1% معدل البطالة فى فرنسا خلال الربع الثالث من 2018.. و«ثقة المستهلكين» تتراجع لأقل مستوياتها منذ فبراير 2015
وفى تقرير لوكالة رويترز أشار إلى ارتفاع مستوى الإنفاق الاستهلاكى فى فرنسا خلال أكتوبر الماضى مقارنة بالشهر السابق، وفقاً لجهاز الإحصاء الفرنسى، ما يعكس رؤية متفائلة نوعاً ما بشأن الظروف المعيشية للفرنسيين، تتناقض مع الاحتجاجات التى تصاعدت فى نوفمبر الماضى بشأن غلاء المعيشة.
وقال جهاز الإحصاء إن إنفاق المستهلكين ارتفع بنسبة 0.8% مقارنة بسبتمبر، متجاوزاً متوسط توقعات المحللين عند 0.5%، وأكد جهاز الإحصاء على التقديرات المبدئية السابقة ببلوغ معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى للبلاد خلال الربع الثالث من العام الحالى 0.4%.
وتعكس بيانات ثقة المستهلك فى شهر نوفمبر، الذى انطلقت فيه الاحتجاجات، تراجع الثقة لأقل مستوياتها منذ فبراير 2015. وقال لورن بارينج، مدير شركة «بى كابيتال»، فى تصريحات للوكالة: «بشكل عام أنشطة الأعمال فى الاتحاد الأوروبى تباطأت لأسوأ معدل نمو منذ 2014 وفرنسا ليست محصنة من هذا التباطؤ.. رغم ذلك، فإن نمو الخدمات فى فرنسا يحظى بأداء أفضل من الصناعة».
وتقول «آى إن جى» للدراسات الاقتصادية فى تقرير، نشرته صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، إن الفرنسيين أصبحوا أكثر تشاؤماً بشأن قدرتهم على الادخار، وأشارت إلى أن «نيات الشراء تراجعت، وهو ما أقلق تجار التجزئة ونحن نقترب من أعياد الكريسماس»، لافتة إلى أن الرئيس الفرنسى يطرح حزمة من الإجراءات التى تخفف من وطأة ضرائب الوقود، وليس من الواضح حتى الآن إلى أى مدى ستسهم هذه الإجراءات فى تخفيف غضب المتظاهرين.
وأوضحت أن ماكرون تعهد بجعل حلول الطاقة النظيفة أقل تكلفة مع اعتماد إجراءين فى الموازنة العامة، بتوجيه 9 مليارات يورو للاستثمار فى خطة لتحسين كفاءة استهلاك الأسر للطاقة والتحول للسيارات النظيفة، وتوجيه 7 إلى 8 مليارات يورو للاستثمار فى خطة للطاقة المتجددة سنوياً، وتتضمن الإجراءات توجيه دعم بنحو 2000 يورو لمن يريدون التحول إلى المركبات الأقل إصداراً للانبعاثات، وإجراءات تتعلق بمساندة خمسة ملايين مواطن ممن يقطعون مسافات طويلة للعمل.
وتوقعت «آى إن جى» أنه مع انخفاض أسعار النفط العالمية مؤخراً واقتراب موسم الكريسماس، من الممكن أن تنحسر المظاهرات، لكنها رجحت أن تؤثر لفترة طويلة على ثقة المستهلكين، وأن تنعكس على مبيعات التجزئة فى الربع الرابع من 2018 ولكن بشكل محدود.
واستقر معدل البطالة فى فرنسا خلال الربع الثالث من عام 2018 عند مستوى 9.1%، وقالت «آى إن جى» إن هناك حاجة لخلق المزيد من فرص العمل لكى تنخفض البطالة عن مستوى 8.5% فى 2019.
وتوقع الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية، أن يتضرر 95 مليار دولار سنوياً، عائد السياحة الفرنسية، بفعل هذه التظاهرات، التى تؤثر بدورها على حركة الاستثمار الذى يخشى دائماً من الاضطرابات، خصوصاً مع اتجاه الحكومة الفرنسية لفرض حالة طوارئ، ما يتسبب فى عجز الموازنة. ولفت لـ«الوطن» إلى أنه فى حال استمرار هذه التظاهرات يزداد الوضع الاقتصادى الفرنسى سوءاً فى ظل إصرار الحكومة على سياستها وتصاعد الاحتجاجات بالشارع الفرنسى، تحديداً فى العاصمة، التى تعد الواجهة السياحية الأولى لفرنسا خصوصاً فى أعياد الميلاد.