بعد 3 أيام: العثور على مركب الصيد الغارق فى خليج السويس.. وأهالى المفقودين: «عاوزين ولادنا»
القارب المنكوب بعد انتشاله
بعد 3 أيام من البحث المتواصل، عثرت فرق البحث البحرى فى خليج السويس، اليوم، على مركب الصيد «ياسين الزهيرى»، غارقاً فى منطقة «الرزازات»، قرب مدينة رأس غارب بالبحر الأحمر، حسب مصادر فى غرفة عمليات ميناء الأتكة للصيد فى السويس، قالت إن «أجهزة الاستشعار عن بعد رصدت حطام المركب فى عمق المياه، دون أى آثار للصيادين الـ13 المختفين على متنها».
وواصلت فرق البحث تمشيط المنطقة للعثور على طاقم المركب، وقالت مصادر أمنية فى جنوب سيناء، إن أعمال البحث والإنقاذ استمرت منذ أول ضوء لنهار الثلاثاء، مشيرة إلى توسيع نطاق البحث، بعد رصد صناديق خشبية فى منطقة الرزازات، الواقعة على مسافة 20 كيلومتراً جنوب مدينة أبورديس، وأضافت: «حتى الآن لم نعثر على أى ناجين أو جثث»، متوقعة أن تطفو الجثامين بعد 72 ساعة من الحادث.
كان محمد حسن عبدالعال، صاحب المركب «ياسين الزهيرى»، أعلن عن غرقه أثناء رحلة صيد فى خليج السويس، السبت الماضى، دون أن يحدد المنطقة التى انقطعت فيها الاتصالات مع الصيادين، وقال بكرى أبوالحسن، نقيب الصيادين فى السويس، إن الطاقم المسجل فى دفاتر ميناء الأتكة للصيد، يضم كرم الله سعد، ريس المركب، والنبوى أحمد، وفهمى عيد، وعبده أبوالمعاطى، وهشام بدر، ومصطفى محمد، وشعبان السيد، وحسن إبراهيم، ورشدى فوزى، وناجى نوفل، وعماد مسعد، وحازم محمد، ويحيى زكريا، فيما نفى ما تردد عن العثور على جثامين 4 صيادين، مشيراً إلى الدفع بـ5 مراكب لمساعدة فرق الإنقاذ البحرى فى أعمال البحث.
«أبوالحسن» ينفى العثور على 4 جثامين.. و«طرابية»: «حسن» ترك عمله كـ«استورجى» بعد ضيق الحال.. وفقدناه فى أول رحلة صيد
«الوطن» زارت قرية كفر حميدو التابعة لمدينة عزبة البرج بدمياط، مسقط رأس الصيادين المفقودين، التى خيم الحزن على كل شوارعها، وأمام المنزل البسيط للصياد المفقود حسن إبراهيم أبوجمعة، افترشت السيدات المدخل فى انتظار سماع أى معلومات عن المركب، بينما كانت زوجته تجلس وسط السيدات شبه غائبة عن الوعى، كما أصابت الصدمة الابن الأكبر للصياد، وجلس رافضاً الحديث مع أحد، بينما الابن الأصغر، ذو الـ3 سنوات، واصل اللهو فى محيط المنزل، بينما يسأل من وقت لآخر «بابا فين؟!».
وداخل المنزل، جلس أحمد عبدالقادر طرابية، 54 سنة، أحد أقارب الصياد المفقود، مراقباً الطفل الصغير بعينين دامعتين، وقال لـ«الوطن»: «للأسف لم يعمل أبوجمعة فى الصيد من قبل، فهذه أول رحلة له، منذ أن ترك مهنته كـ«أستورجى»، بعدما تدهورت صناعة الأثاث، وانخفض الدخل، فلم يجد أمامه سوى البحث عن مصدر رزق آخر، وكأنما كان يذهب إلى مصيره، وكنا ننتظر عودة المركب، الجمعة الماضى، ثم علمنا بخبر الغرق». أما أسماء طرابية، حماة الصياد، فقالت: «قبل الرحلة أوصى حسن شقيقه بمراعاة أسرته، وكانت آخر مرة أراه فيها قبل السفر بأسبوع، حين زرت ابنتى للاطمئنان على أحوالها، وقبل يومين من فقدان المركب، تلقت ابنتى اتصالاً من زوجها يبلغها بانتهاء الصيد، وبدء رحلة العودة، وعلمنا أن المركب غرق بعدما صدمته سفينة فى رأس غارب». وعلى سلالم منزل شقيقه الأكبر، جلس ناصر إبراهيم أبوجمعة، فى انتظار تلقى أى خبر يطمئن قلبه، وقال لـ«الوطن»: «آخر مرة شاهدت شقيقى الأكبر قبل 10 أيام، وقال لى وقتها إنه سيخرج فى رحلة صيد بعدما عانى من سوء أحوال حرفته مؤخراً، وبرر اللجوء لهذا الحل الخطر بأنه السبيل الوحيد للإنفاق على أبنائه الثلاثة، فقلت له توكل على الله، رزق هنا رزق هناك». وأضاف «بعد أيام من خروج أخى للصيد، تلقيت اتصالات تؤكد لى انقطاع الاتصالات بالمركب، بعدما اصطدم بإحدى السفن، ومن وقتها لم أستوعب الخبر، وكل ما نفكر فيه الآن أن يعود ابننا سالماً، وأن يلقى طاقم السفينة المتسبب فى غرق المركب عقوبة رادعة على الجريمة». وفى منزل الصياد ناجى نوفل، لم يختلف المشهد كثيراً عنه فى منزل زميله حسن إبراهيم، فسيدات الأسرة اجتمعن فى المدخل متشحات بالسواد، فـ«نوفل» هو أحد 3 أشخاص فقدوا على متن المركب من الأسرة نفسها، بينهم «الريس كرم».
بعينين لم تغب عنهما الدموع، جلست عزيزة شبانة، والدة «نوفل»، البالغ من العمر 36 سنة، فى إحدى الغرف بجوارها ابنتها الكبرى، بينما كانت الجارات يحاولن مواساة الزوجة، تقول الأم: «لا أريد إلا رؤية قرة عينى، هو أب لطفلين يا ناس، خرج سعياً على رزق أسرته، ولا نعرف مصيره حتى الآن، لا أريد من الدنيا إلا أن يعود لحضنى».
وأوضحت «كان آخر اتصال معه، الأربعاء الماضى، وقال لزوجته إن المركب ستصل السويس يوم الجمعة، لأن رحلة الصيد فى خليج السويس لا تتجاوز الـ10 أيام، ثم علمنا بخبر غرق المركب، والآن كل ما أريده هو أن يعود ابنى لحضى، ويعود باقى الصيادين لأسرهم».
وتجمهر أهالى ضحايا المركب المفقود على طريق دمياط - عزبة البرج، للمطالبة بتدخُّل الجهات المعنية وإعادة الصيادين المفقودين.