«القاتل الصامت».. شهادة طبيب
صورة أرشيفية
على الرغم من أن الفشل الكلوى لا يُعد من أكثر الأمراض المزمنة شيوعاً فى مصر، فهناك أمراض كثيرة تسبقه فى عدد المصابين، إلا أننى أعتقد أنه أكثر الأمراض تأثيراً على صحة المصريين وميزانية الصحة على السواء.. لم لا ودفاتر وزارة الصحة تخبرنا أن هناك أكثر من ٧٠ ألف مريض يقومون بإجراء عملية غسيل الكلى ثلاث مرات أسبوعياً على الأقل!
الوقاية خير من الفشل الكلوى
هؤلاء المرضى لا يتمكنون من العمل نهائياً، بعكس الأمراض المزمنة الأخرى.. فحياتهم منذ إصابتهم بالمرض تتلخص فى الذهاب والعودة من مركز الغسيل وإليه.. وما بين الزيارة والأخرى يعانون من مشاكل الغسيل التى لا تنتهى!!
المشكلة أن الفشل الكلوى هو المرحلة النهائية التى يصل إليها المريض بعد أن يهمل فى متابعة حالته عن قصد أو بدونه.. فمريض الفشل الكلوى -بمعزل عن بعض الأمراض التى تؤدى إلى فشل الكلية كلياً دون أى مسبب آخر - يمر بمراحل متعددة من قصور وظائف الكلى، حتى يصل إلى الغسيل الكلوى، دون أن يلاحظ أو حتى أن ينتبه، أن هناك أمراً ليس جيداً يتطور وينبغى أن تتم السيطرة عليه.
وتتعدد أسباب الفشل الكلوى فى مصر بين انسداد الكلى بسبب حصوات المسالك البولية، والأمراض المزمنة كالسكر والضغط اللذين يدمران النسيج الكلوى على المدى البعيد دون أعراض تقريباً.. وأيضاً تناول الأدوية عامة -والمسكنات بصفة خاصة- دون رقيب أو إشراف طبى.
وربما لا يعرف الكثيرون أن الغسيل الكلوى مجانى تماماً فى مصر منذ فترة طويلة.. فلا يوجد مريض بالفشل الكلوى فى مصر يقوم بإجراء الغسيل على نفقته.. وقرارات نفقة الدولة بشأن الغسيل تحظى بأولوية وسرعة فى الإجراءات أكثر من غيرها حقاً.. وهو أمر ينبغى تثمينه وذكره.. ولكن السؤال الذى يفرض نفسه هنا: هل تقوم الدولة بواجبها فى التوعية؟
هل هناك من يقوم بدوره فى برامج الوقاية التى ستنعكس حتماً على عدد المرضى وبالتالى تكلفة العلاج لهم؟!
الإجابة ليست فى صالح المسئولين للأسف.. فلا توجد أى توعية تتم بشأن الوقاية التى هى خير من أى علاج.
إن المتابعة الدورية وإجراء الفحوصات بشكل منتظم حتماً سيؤديان إلى اكتشاف أى خلل فى وظائف الكلى مبكراً.. وبالتالى وقتها يمكن السيطرة على أى تدهور يتم.. كما أن برامج التوعية بشأن عدم تناول عقاقير أو مسكنات دون إشراف طبى ستؤدى إلى انخفاض عدد المصابين بهذا المرض اللعين دون شك..!
أعتقد أن حملة قومية للتعريف بالمرض وطرق المتابعة وأساليب الوقاية منه عن طريق وزارة الصحة ستؤدى إلى خفض عدد المرضى المصابين.. وستوفر الكثير من ميزانية الغسيل الكلوى التى تحملها الوزارة على عاتقها.. دون أى محاولة لخفضها!!
د. محمد صلاح البدرى