الفريق الذى اكتشف علاجاً لسرطان الكبد: نعيد الأمل لآلاف المرضى
«الوطن» تحاور رئيس الفريق البحثى د. عبده الطبل وعضو الفريق د. مشيرة عبدالواحد
علاج جديد يمثل طفرة فى مجال القضاء على الخلايا السرطانية فى الكبد، خامس أخطر الأمراض المسبّبة للوفاة بالعالم الذى يشترك مع القاتل الصامت «فيروس سى»، فى التهام أكباد المصريين، اكتشفه فريق بحثى بكلية العلوم جامعة المنوفية يضم نخبة من الباحثين فى التخصّصات والكليات المختلفة، بقيادة الدكتور «عبده سعد الطبل» أستاذ الكيمياء غير العضوية بعلوم المنوفية، الذى توصل مع فريقه البحثى إلى نتائج تمثل طفرة فى مجال علاج سرطان الكبد من خلال المركبات النانو مترية الآمنة على الإنسان التى قضت على الخلايا السرطانية بنسبة 85% خلال فترة علاج 12 أسبوعاً، ليعود الأمل من جديد لمئات الآلاف من المصابين بسرطان الكبد، بعد أن كان مرضاً بلا علاج.
«الوطن» التقت بالدكتور عبده سعد الطبل وزوجته الدكتورة مشيرة عبدالواحد، عميد كلية العلوم الطبية التطبيقية وأستاذ الباثولوجى بكلية الطب، وعدد من فريقه البحثى، الذى اكتشف العلاج، حيث أكد «الطبل» أن ارتفاع نسب الإصابة بالمرض دفعته وفريقه إلى بحث تأثير المركبات الجديدة التى تم اكتشافها على الخلايا السرطانية فى الكبد البشرى: «خلال الثلاثين عاماً الماضية تضاعفت نسبة المرضى، ووصلت طبقاً للإحصائيات الحديثة إلى إصابة 30 شخصاً من بين 100 ألف من السكان بسرطان الكبد الذى لا يوجد له علاج». وأضاف أن الأدوية التى تصرف لمريض سرطان الكبد مجرد مسكنات وتهدف إلى إطالة عمر المريض لأطول فترة ممكنة، لكنها لا تعالج المرض.
عميد «علوم المنوفية»: وقعنا بروتوكول تعاون مع معهد الكبد لتجربة العلاج على البشر ونتمنى إنتاجه محلياً
«العلم فى جميع الدول المتقدمة مسخّر لخدمة مجتمعاتها، فمثلاً الصين لديها أبحاث ضخمة للقضاء على فيروس بى والهند تركز مجهودها على القضاء على أمراض الرئة»، قالها «الطبل» مشدداً على أهمية البحث العلمى، مشيراً إلى أن الاكتشاف العلمى الجديد هو امتداد لعشرات الأبحاث التى بدأها منذ 28 عاماً بعد الحصول على درجة الدكتوراه من جامعة ليستر فى إنجلترا، لافتاً إلى أن الأبحاث العملية فى إنجلترا تهتم بالتطبيقات التى تحل مشاكل المجتمعات ولم يكن الهدف هو الحصول على مجرد درجة علمية وبعد مناقشة رسالته مع المشرف عليها تم تغيير اتجاه البحث إلى اكتشاف مركبات عضوية جديدة وبحث استخداماتها المختلفة ليتوصل إلى نحو 1200 مركب عضوى جديد، عبارة عن خليط بين أنواع من المعادن الموجودة بجسم الإنسان، مثل الزنك والمركبات العضوية التى يقبلها الجسم البشرى، وهى الفكرة التى تعتمد عليها المضادات الحيوية.
«الطبل» أوضح أن البحث العلمى مكلف جداً فى مصر، فتكلفة جرام واحد من المادة المسبّبة للسرطان تتعدّى 5 آلاف جنيه، بالإضافة إلى باقى التكلفة، سواء كانت فئران تجارب أو أجهزة متقدّمة، لافتاً إلى أن إعلان أكاديمية البحث العلمى عن مشروعات تعاون علمية بدعم من الهند، حفّز فريقه على الاهتمام بدراسة المركبات العضوية: «بعد توفير الدعم المادى بدأت التجارب العملية على فئران التجارب، وبدأنا بحقن مجموعات بمسبب السرطان، وأخرى غير مصابة، ومن خلال التجارب تخطت الجرعات النسب السامة فى المركب، لكن مع المركبات العضوية أصبحت آمنة على الكائن الحى، وكانت المفاجأة هى الاستجابة الكبيرة للعلاج بعد الوصول إلى نسب مثالية، وبعد التشريح وجدنا الخلايا السرطانية ميتة، وتم القضاء عليها بنسبة 85%، وبجانبها الخلايا الحية سليمة وبحالة جيدة ولم تتأثر بالعقار، ووجدنا خلايا الكبد تنمو من جديد وتعوض الجزء الذى تلف بسبب الخلايا السرطانية».
وعن البدء فى تطبيق بروتوكول العلاج على المرضى، أكد عرض النتائج على أساتذة متخصصين فى معهد الكبد القومى بشبين الكوم، وأبدوا انبهارهم بالنتائج المذهلة للدواء الجديد، مشيراً إلى أن المعهد يسعى للحصول على التصاريح اللازمة للبدء فى استخدام العلاج الجديد على مرضى سرطان الكبد تحت إشرافهم.
الدكتورة مشيرة عبدالواحد، أستاذ الباثولوجى بكلية الطب وأحد أعضاء الفريق البحثى، أكدت التجهيز لمؤتمر علمى لعرض النتائج المبهرة التى وصلت إليها مجموعة البحث بقيادة الدكتور عبده الطبل، وعرض جميع الوثائق ومراحل التجارب وسيتم دعوة المتخصصين فى أمراض الكبد، والتجهيز للمرحلة الأهم فى عملية البحث العلمى وتحولها إلى تطبيق يخدم المجتمع، وأشارت إلى أن الفريق البحثى ضم كل التخصصات من كليات جامعة المنوفية لدراسة جميع التأثيرات للعقار. وأضافت أن الاكتشاف الجديد مصرى منوفى خالص، ونتمنى سرعة اعتماده، كدواء جديد لسرطان الكبد، وإنتاجه من خلال شركات الأدوية المصرية، حيث إن المركبات المستخدمة فى العلاج الجديد متاحة، وتكلفتها منخفضة، مضيفة أن برنامج العلاج لمريض سرطان الكبد تتراوح تكلفته من 300 إلى 500 جنيه، بالإضافة إلى أنه يمكن إعطاء الجرعات بالحقن، أو من خلال الفم على هيئة أقراص دوائية، كما أكدت أهمية أن تتبنى شركات الأدوية المصرية إنتاج الدواء، لأنه سيُحدث نقلة نوعية للاقتصاد المصرى ولجامعة المنوفية.
من جانبه، أكد الدكتور أحمد عاشور، عضو الفريق البحثى والمتخصص فى الكيمياء الحيوية، أن الاكتشاف الجديد هو امتداد لأبحاث علمية للدكتور عبده الطبل منذ عام 1991، التى توصل خلالها إلى مركبات عضوية حيوية تم تجربتها على مزارع الأنسجة لخلايا السرطان البشرية، ودراسة تأثير المركبات عليها، ويطلق على هذه المرحلة «تجارب خارج الجسم الحى» لإثبات كفاءة المركبات، وبعد التوصل إلى عدد من المركبات المؤثرة على الخلايا السرطانية البشرية، وفى الوقت نفسه تكون آمنة على الخلايا الطبيعية لجسم الإنسان، بدأت التجارب على الفئران التى تشبه إلى حد كبير تشريح وظائف الجسم البشرى، وتم تقسيم الفئران إلى مجموعات، لتأخذ التجربة أكثر من اتجاه، الأول هو تأثير العلاج الجديد على الوظائف الحيوية للجسم السليم، وأثبتت أنه آمن تماماً بعد حقن الفئران غير المصابة بالسرطان، وأعطى تحسناً كبيراً فى نشاطها، والجزء الآخر هو مدى استجابة الفئران المصابة بالسرطان للعلاج، الذى أثبت فاعلية كبيرة فى تدمير الخلايا السرطانية بعد 12 أسبوعاً من العلاج دون أى أعراض جانبية، وبالعكس تحسّنت الوظائف الحيوية للفئران المصابة، وبعد التشريح أثبتت التجارب القضاء على 85% من الخلايا السرطانية، ووصلت النسبة فى بعض الفئران إلى 90% بعد مدة علاج 12 أسبوعاً.