محرومات من «الأم المثالية» بسبب «الأمية»: «كفاية ربينا العيال»
فتحية
استأصلت ثديها، وطاردها السرطان مرة أخرى ليغزو جسدها فى الرئة والكبد والعظم، لكنها لم تتوقف عن رحلة كفاحها التى بدأت منذ 23 عاماً حين اختار زوجها السفر للخارج، جلست فى بيتها تربى صغارها، حتى صاروا شباباً، تدرس فتياتها فى معهد فنى صحى وتمريض، واكتفى الولد بالتعليم المتوسط، السيدة خيرات أو «أم محمد» كما تحب أن يناديها الناس، حُرمت من التعليم فى طفولتها لظروف والدها الصعبة وعملت فى الحقل بجواره، لكنها لم تحرم من أن تتحول لامرأة مثالية، تذهب لتلقى جرعة الكيماوى والإشعاع كل 21 يوماً وتعود لتقف فى المطبخ تعد الطعام لأولادها، ثم تربى الدواجن وتبيعها، ومن قبله افتتحت محلاً لبيع الأحذية كانت تذهب لشرائها من مدينة المنصورة وهى تعيش فى قرية الزور بمحافظة الشرقية: «جوزى من قبل ما نتجوز وهو بيسافر الأردن فضلت أكافح معاه لحد ما ربينا العيال»، كانت تعيش معه فى بداية حياتهما ببيت أبيه ثم اشترى قطعة أرض بمساعدتها قامت ببنائها هى وأولادها بيدها لتوفير العمالة.
«خيرات» لم يمنعها السرطان من تعليم أبنائها.. و«فتحية»: «ربنا عوضنا»
بطلة أخرى تروى قصة كفاحها بفخر، حين كانت تعيش فى «أوضة» مبنية بالطمى حولتها لبيت ذى طابقين فيه 5 فتيات تعلمن ثم زوجت ثلاثاً منهن وتبقّى الصغيرتان فى المرحلة الثانوية لتكملا ما لم تجربه السيدة فتحية من قبل.
أما سحر السيد، فلعبت دور الأم للأبناء وأبيهم الذى تزوجته وهو صاحب إعاقة فى قدميه نتيجة حادثة قطار فى شبابه جعلته يسير بأجهزة وعكازين، وافقت عليه ورضيت أن تشاركه حياته، تعلم الثلاثة الصغار فى المرحلة الابتدائية، وتخرج للعمل ثم تعود لتلبى احتياجات شريك حياتها: «عمرى ما حسسته بعجزه، وهو على أد ما يقدر بيكافح معايا»، لم تمنح لهم فرصة التعلم فى صغرهم نظراً للظروف المادية الصعبة لأهاليهم لكن قلة المال لم تمنعهم من تحقيق غايتهم فى أطفالهم: «هفضل أشتغل لحد ما أشوفهم دكاترة».