غريب الدار عليّا جار زمانى.. لقمة العيش سرقت الأمان العائلى
أشرف حمدي
«سكنت الغربة غصبن عليّا».. حيث بات طلب السفر والغربة من أجل العمل قاسماً مشتركاً لسد الاحتياجات لدى كثير من المواطنين، الذى يأتى على حساب العلاقات الاجتماعية، ما يفقد الأسر السعادة مع سبق الإصرار والترصد، وتنشأ الكثير من الأوضاع الخطأ بسبب غياب دور الأب ووقوع المسئولية بشكل كامل على عاتق الأم، ما يجعلها تفقد السيطرة على أولادها فى كثير من الأحيان نتيجة احتياجهم لوجود الأب.
«أشرف» يواسى نفسه بكتابة خواطر.. و«جاسمين»: اتطلقت بسبب سفر جوزى.. و«إيمان»: مرض أمى بالسرطان أصابنى بـ«التوحد»
منذ 7 سنوات قرر أشرف حمدى، 32 عاماً، السفر لدولة الأردن ليعمل فى مزرعة دواجن ليُلبى احتياجات والديه وأشقائه الثلاثة، إضافة لزوجته وابنته، يقضى معظم وقته فى العمل لكى ينسى غربته، ابنته «وعد» دائمة السؤال عنه، وتبكى أمها عندما ترى طفلتها ترى أقرانها يهرولون إلى أحضان آبائهم بينما هى وحيدة.. تبكى «وعد» فى أحضان أمها وتردد سؤالها: «بابا فين؟»، فتنقل الأم المشهد للأب الغائب، فلا يجد أمامه سوى كتاباته التى يرثى بها حال غربته عن ابنته: «الغربة عرفتنى إنى بعرف أكتب خواطر، بس للأسف معظمها حزينة»، كلمات عبر بها «أشرف» عن أداة تفريغه الوحيدة: «تمسكى بدموعك يا صغيرتى فقد أتى وقت الرحيل، تمسكى حتى أقوى على الرحيل فأمامى طريق طويل.. وسنين عجاف تحتاج لصبر طويل». «الفلوس بتتعوض وبتروح وتيجى لكن المودة والرحمة والحب مش بييجو تانى»، كلمات «جاسمين أحمد»، 31 عاماً، عن سلبيات الغربة التى انتهت بطلاقها، ففى البداية أصرت أن يسافر زوجها للعمل بالكويت مع أقاربها لتتحسن حالتهم المادية، رفض فى البداية لعدم تقبله فكرة الغربة وترك ابنه عمره شهران، لكن مع تصميمها خضع وسافر، وتحملت هى مسئولية ابنها بمفردها من تربية وتعليم وعلاج وشعورها بعدم الارتياح لإقامتها مع والديها، وإحساسها بأنها عبء عليهما لكن لم يكن هناك اختيار، واستمر الوضع هكذا 5 سنوات لكنها وجدت الجفاء والمسافة تزداد بينها وبين زوجها، ووجدت أن علاقتهما تنهار فاختفى الود وتلاشى الحب مع الأيام. «هو اتعود على الوحدة، حتى لما ييجى إجازة أغلب الوقت كان بيقضيه لوحده»، هكذا قالت «جاسمين»، موضحة أنها لم تتحمل الوضع أكثر من ذلك، وبعد فشلها لإصلاح العلاقة خيرته بينها وبين غربته، فانتهى الأمر بالطلاق. وتحكى إيمان أحمد جودة، 26 عاماً، عن مأساة غياب الأب، فمنذ 27 عاماً سافر والدها إلى السعودية ليعمل سكرتيراً فى مجمع طبى وترك مسئوليتها هى وشقيقتها أميرة على والدتهما، لكن بسبب إدراك الأم لأهمية دور الأب جعلها تفكر فى السفر إلى هناك، وبالفعل توجهت للسعودية لتحقق جو الأسرة الدافئ، لكن لم يستمر الوضع واضطروا للعودة لمصر بسبب دراسة «إيمان»، ورغبتها فى إتمام المرحلة الثانوية والجامعة فى مصر: «ماما جالها سرطان وكانت معاناة كبيرة وضغط علينا لأنه جالها أكتر من مرة»، وحاربت الأم مع بناتها السرطان وغياب الأب معاً: «حسيت إنى عندى توحد بعد مرض أمى وغياب أبويا»، وتصف فترة الإجازة التى يقضيها والدها معهم بأنها «خنيقة لأنه عايز يعمل دور الأب».