بين شبهات عدم نزاهة والديمقراطية.. دلالات فوز أول معارض برئاسة الكونغو
تشيسيكيدي
لأول مرة في تاريخ الكونغو الديمقراطية، تمكنت المعارضة من اقتناص مقعد الرئاسة بالماراثون الرئاسي التي أجريت في 30 ديسمبر الماضي، حيث أعلنت مفوضية الانتخابات، أمس، فوز مرشح المعارضة فليكس تشيسكيدي بمنصب رئيس البلاد، حيث حصل على 38.57% من الأصوات التي تجاوزت 18 مليونا.
وتنافس بتلك الانتخابات تشيسكيدي، ورجل الأعمال مارتن فيولو، ومرشح الحزب الحاكم إيمانويل رامازاني شادري، الذين تقدموا الطعن على النتيجة أمام المحكمة الدستورية، التي يمكنها نظر أي طعون والفصل فيها خلال عشرة أيام.
وتعتبر تلك النتيجة هي أول انتقال ديمقراطي للسلطة منذ الاستقلال عن بلجيكا في 1960، رغم إبلاغ مراقبين دوليين وقوع سلسلة من المخالفات خلال الانتخابات، التي تقول المعارضة إنها شهدت تزويرا، وفقا لموقع "سكاي نيوز".
ومن المؤكد أن تثير النتيجة مزيدا من الشكوك في أن تشيسكيدي، الذي أظهرت آخر استطلاعات للرأي قبل الانتخابات تأخره بفارق كبيرعن فيولو، "أبرم اتفاقا لتقاسم السلطة مع جوزف كابيلا"، الذي يحكم البلاد منذ اغتيال والده في 2001، وفق ما أوردت وكالة "رويترز"، فيما أقر معسكر تشيسكيدي بوجود اتصالات مع ممثلي كابيلا، لكنه نفى أن يكون هناك اتفاق من أي نوع.
ووفقا لوكالة "فرانس برس"، فإن هذه الانتخابات التي تجري في دورة واحدة أرجأت ثلاث مرات منذ 2016، موضحة أن جمهورية الكونغو الديموقراطية سجلت سابقتين تاريخيتين، فهي المرة الأولى التي يعلن فيها فوز معارض في انتخابات رئاسية، بعد اقتراعين فاز فيهما كابيلا في 2006 و2011، كما أنها المرة الأولى التي يوافق فيها رئيس منتهية ولايته على الانسحاب تحت ضغط الدستور وليس السلاح.
وبأول خطاب له بعد إعلان فوزه، أشاد المعارض فيليكس تشيسيكيدي بالرئيس المنتهية ولايته جوزف كابيلا، ووصفه بأنه "شريك في التناوب الديموقراطي"، حيث لم يكن كابيلا يستطيع الترشح لولاية ثالثة بموجب الدستور.
فيليكس تشيسيكيدي، 55 عاما، هو نجل المعارض التاريخي اتيان تشيسيكيدي الذي توفي في بروكسل في الأول من فبراير 2017.
انتصار للتحول الديمقراطي بالقرن الإفريقي، هكذا وصفت الدكتورة هبة البشبيشي، فوز أول معارض بالرئاسة في الكونغو، حيث اعتبرته يمثل انتقال سلس للسلطة، وخطوة جيدة نحو للديمقراطية، مشيرة إلى أن جمهورية الكونغو تحديدا، تشهد أزمات وصراعات قبلية وعنف دموي شديد، خاصة في الانتخابات.
ورجحت البشبيشي لـ"الوطن"، أن يثمر ذلك الفوز بتغييرات متعددة في البلاد، حال تولي تشيسيكيدي الرئاسة بالفعل والاعتراف بالنتائج واعتراف كابيلا، سواء على الصعيد السياسي الداخلي أو العلاقات الخارجية.
ونوهت إلى أن أمريكا أرسلت قبل أيام قوات أمنية للمساعدة في الجابون، ما يعني وجود مخاوف من اندلاع احتجاجات وصراعات مجددا في الكونغو، بسبب الانتخابات، بين أنصار الأحزاب السياسية، وخاصة من النظام القديم والجديد، حيث تسعى واشنطن لمحاولة احتواء الأمر وعدم تصعيده، مقارنة بما حدث في زيمبابوي وكينيا الذين لم يتمكنوا من الوصول لمرحلة الانتقال السلمي للسلطة.
من ناحيتها، ترى الدكتورة أماني الطويل، المتخصصة بالشئؤون الإفريقية، إن الانتخابات في جمهورية الكونغو الديمقراطية شابها اتهامات بعدم النزاهة، حيث إن سكان إقليم بأكمله لم تتسنى لهم فرصة الاقتراع، فضلا عن عدم فرز 450 مقرا انتخابيا.
ورجحت الطويل، أن يكون فوز المعارضة بالاتفاق مع كابيلا ووجود تفاهمات سياسية خلف ذلك الشأن، حتى يتسنى لرئيس الكونغو الاستمرار في حكم البلاد من وراء ستار تشيسيكيدي، بعد استنفاذه كافة مرات ترشحه للرئاسة، استنادا لتصريحات مراقبون دولييون.
وشاب الانتخابات سوء تنظيم، وقطعت السلطات خدمة الإنترنت عن 80 مليون مواطن في أعقاب الاقتراع، ومُنع أكثر من مليون مواطن في معاقل المعارضة من التصويت بعد أن ألغت المفوضية الانتخابات هناك، فضلا عن انتشار مرض إيبولا وأعمال عنف عرقية، حيث ذكر مراقبون أن كثيرا من مراكزا لاقتراع فتحت متأخرا وأغلقت مبكرا وتوقفت أجهزة التصويت عن العمل في بعض الأماكن، بحسب وكالة "رويترز".