طيبة قلب صوت دافئ، وحنان مفرط تميزت به، لم ينقص من قوتها، تدبر وتفكر، تضحك مرة عليها مع أسرتها ومشكلاتهم، لكنها تبكيك حين تجدها مهمومة ومغلوبة على أمرها، وتقف أمام جفاء أبنائها، هي "أم العيال" التي جسدت بصوتها وملامحها وكلماتها، صورة للأم المثالية الحنونة.
"ماما نونة"، التي لم يحصرها المخرجين أو المنتجين في دور الأم، لأنها برعت في تقديم كل شخصية بشكل مختلف، تحمل كل واحدة تفاصيل للأسرة داخل المجتمع المصري، مر عامان على رحيلها عن عالمنا، بعد أنا ودعت جمهورها، "لقد أديت رسالتي وليس في حياتي ما أخجل منه أو يزعجني".
ولدت كريمة مختار، أو عطيات محمد البدري، في القاهرة، لكن أصولها تعود لمحافظة أسيوط، تخرجت في المعهد العالي للفنون المسرحية، بدرجة البكالوريوس.
عملت للإذاعة، لفترة طويلة بعد أن رفضت أسرتها دخولها مجال السينما، خصوصًا أن شقيقتها هي الإذاعية الشهيرة عواطف البدري، كانت بدايتها مع برنامج الأطفال "بابا شارو"، اشتهرت بصوت إذاعي يجيد تقديم الأعمال الدرامية، ومن أشهر مسلسلاتها الإذاعية، "أدهم الشرقاوي"، و"أبو الحسن العبيط"، و"اوعى لعقلك"، و"الأستاذ حلياط"، و"بنات الأصول"، و"المليونير الفقير"، و"النافذة المغلقة"، و"العسل المُرّ".
كان زواجها من المخرج نور الدمرداش عام 1958، ساعدها على اقتحام عالم التمثيل فيلم "المستحيل" مع الموسيقار محمد عبدالوهاب، ونادية لطفي، وكمال الشناوي، عام 1965، ثم "ثمن الحرية" مع الراحل محمود مرسي، والمخرج حسين كمال، عام 1967.
لها 4 أبناء، هم شريف يعمل مهندس، وأحمد مخرج، وهبة والإعلامي معتز الدمرداش، إلا أنها كات أم لأغلب الفنانين، فبكى نقيب الممثلين الفنان أشرف ذكي عقب علمه خبر وفاتها، قائلا: "ماتت أمي التي كانت تهتم بهمومنا وأوجاعنا كممثلين".
شاركت مختار، الكثيرين الفنانين في بداية أدوارهم الفنية، وكان أبرزهم الفنان الراحل ممدوح عبدالعليم الذي لعب معها أول دور له وهو طفل في "لجنة العذراء"، خلدت اسمها الفني في دورها في مسرحية "العيال كبرت" الذي خلدت به اسمها الفني، واستمرت الأخيرة في تقديم الدور لمدة 3 سنوات، التي تم تسجيلها لتكون على مدار سنوات عدة ما يعرف به الكثيرين "مسرحية العيد"، التي تجمع الأسرة حول التليفزيون.
كونت ثنائي فني مع الفنان فريد شوقي، فجسدت هي دور الأم وهو دور الأب في عدد كبير من الأعمال الفنية، الأفلام والمسلسلات، منها "البخيل وأنا"، و"يارب ولد"، و"وبالوالدين إحسانا"، "وتمضي الأيام"، و"رجل فقد عقله".
كان فيلم "الحفيد"، من أشهر الأفلام الاجتماعية في السينما المصرية، ولم تكن مختار مرشحة للدور، إلا أن مشهد تسبب في اعتذار الفنانة إحسان القلعاوي، التي اعتبرته "غير لائق"، فذهب الدور لكريمة لتقف أمام الفنان الراحل عبدالمنعم مدبولي عام 1974.
شاركت بـ190 عملا، بين أفلام سينمائية مثل: أميرة حبي أنا، وتمضي الأيام، الجبابرة، عريس لفاطمة، آباء وأبناء، سعد اليتيم، مضى قطار العمر، والفرح ، وساعة ونص، مسلسلات منها دوامة الحياة، زهرة وأزواجها الخمسة، والمرافعة ودلع بنات، وكيد الحموات، والقاهرة والناس، ومسيو رمضان مبروك أبو العلمين حمودة، إلى جانب عدد من المسرحيات، أهما: بداية ونهاية،، والعيال كبرت، وميراما.
حفرت اسمها في أذهان الجيل الجديد، من خلال "ماما نونا" في مسلسل "يتربى في عزو"، نتيجة حنانها وتدليلها المبالغ فيه لابنها حمادة الذي جسد شخصيته الفنان يحيى الفخراني، وحصلت على جائزة أفضل ممثلة عن دورها في مسلسل "يتربى في عزو" من مهرجان القاهرة للإعلام العربي الثالث عشر عام 2007، بالإضافة إلى درع التكريم من مهرجان أوسكار السينما المصرية عام 2008.
"آه يقطعني يبقى الواد زعل مني لما قولتله إن دواء السكر خلص.. مانا قاعدة يا بني من غير دواء بقالي مدة، يقطعني يا ريتي ما قولتلك يا عبده يا حبيبي يا بني، أنت فين بس، ده محدش في البلد دي يعرفه غيري، ده أنا اللي بغسله هدومه، خرجت هذه الكلمات منها إلى قلوب المشاهدين الذين خانتهم دموعهم أمام مشهد برعت في تجسديه الأم التي دائمًا ما تسعى للاطمئنان على أبنائها، رغم أن ابنها في الفيلم وضعها في القطار مع رسالة أن من يجدها عليه أن يضعها في إحدى دور المسنين، ليجدها كمسري القطار الذي يحاول أن يخبرها بحقيقة ما فعله ابنها، فتبرر موقفه.
تعليقات الفيسبوك