تحت هذا العنوان نشرت الكاتبة المتميزة فاطمة ناعوت مقالاً فى «المصرى اليوم» تصف فيه تجربتها فى زيارة المتحف الجديد الذى على وشك الانتهاء، وذلك بدعوة من الدكتور خالد العنانى، وزير الآثار وأستاذ علم المصريات. وذكرت فيه حجر رشيد الذى هو -فى رأيى- من أهم آثار مصر والعالم، والذى كان مفتاح علم المصريات، والذى اكتشفه العالم شامبليون، وكان عليه منظومة بثلاث لغات الإغريقية والديموطيقية والهيروغليفية، وكان مفتاحاً لفك شفرة الأبجدية المصرية القديمة. وكما ذكرت الكاتبة: «انفتح أمام عيوننا أحد أعظم علوم الأرض، علم المصريات، وعرفنا ما أراد أن يقول لنا الجد المصرى القديم».
لقد أثار فىّ هذا المقال مشاعر متباينة، خصوصاً وأنا عائد حديثاً من لندن، حيث كنت أحضر تسليم حفيدتى المهندسة شهادة الماجستير من جامعه لندن فى تخطيط المدن. واقترحت علىّ وعلى والديها زيارة متحف لندن الذى لم أقم بزيارته سوى مرة واحدة فى عام 1961م. توجهت للزيارة مع الأسرة المرافقة، وكانت أول مفاجأة هى الازدحام الشديد فى فناء المتحف، والأعداد الكبيرة من الطلاب ومختلف الجنسيات، ومع كل مجموعة مشرف، لعله مترجم، ووزعوا علينا إعلاناً للترحيب ينصحون فيه، إن كان لدينا وقت قصير، بزيارة حجرة حجر رشيد والقاعة المصرية وعدد آخر من القاعات، بما فى ذلك التحف الإسلامية، وهناك قاعات أخرى للحضارة البابلية والآشورية واليونانية والفارسية والصينية والهندية والأفريقية، وآثار من القبائل البدائية فى أمريكا الشمالية والجنوبية وأستراليا.
مكان مهول، وآثار يعجز عن وصفها القلم، ولكن ما أدهشنى هو الزحام الشديد حول حجر رشيد، وهو أثر يبلغ طوله مترين، وعرضه نحو متر ونصف، وسمكه نحو نصف متر، ومكتوب بخط منمنم يحتاج لجهد كبير لفك طلاسمه، ولابد أن العالم شامبليون قد بذل جهداً كبيراً فى فك طلاسم هذا الحجر.
أمضيت وقتاً مع هذا الأثر العظيم الذى أعتبره من أهم آثار العالم القديم والحديث، ودار حوار مع الأسرة حول سرقة الإنجليز لهذا الأثر العظيم من مصر وعدم مطالبة مصر بعودته إلى أصحابه المصريين، وهل عرضه فى هذا المتحف العظيم وهذا الحضور الكثيف المجانى والتركيز عليه فى أوراق الدعاية فى المتحف يعوض هذه السرقة؟
وإذا فشلت الاتصالات والضغوط الدبلوماسية، هل يمكن أن يعار حجر رشيد إلى المتحف الجديد عند افتتاحه لفترة أسابيع أو شهور، وهل يمكن أن نلجأ إلى محكمة العدل الدولية؟
أترك هذا الموضوع لرأى الخبراء وأهل الفكر، وأطالب الحكومة بأن تجعل زيارة المتحف الجديد بالمجان، وأن تقوم بتمويل زيارات لشباب مصر فى المدارس والمعاهد والجامعات وشباب العمال والفلاحين، مع التعريف به، ويتم عمل ملخص لما يحتويه هذا المتحف من آثار تُعتبر من أقدم حضارات العالم، ومصدر كل تقدم حصل بعد ذلك. ونطالب أنفسنا بالسير على نفس الطريق لنحصل على الحضارة الحديثة بجانب القديمة، ولا نكتفى بالقول بأننا أبناء حضارة سبعة آلاف عام.
وإننا إن شاء الله لبالغون ذلك بالعمل الجاد والفكر المستقيم وتطهير الوطن من أعداء الحرية والتقدم والانطلاق، وإننا إن شاء الله لبالغون ذلك تحت قيادة الرجل الأمين والمخلص رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى، وفق الله الجميع لما فيه خير الوطن.