حسام في تحدي الـ10 سنوات.. أولها شيال وأوسطها مهندس وآخرها رئيس قسم
حسام في تحدي الـ10 سنوات.. أولها شيال وأوسطها مهندس وآخرها رئيس قسم
لم يكن تحدي العشر سنوات لهذا الشاب مجرد صورتين الفارق الزمني بينهما سنوات عشر تغيرت فيها ملامحه وظهر عليه التقدم في العمر، بل كانت الصورتان تعبران عن تحدٍ حقيقيٍ خاضه خلال تلك السنوات، ليتحول من مجرد عامل في الموقع يحمل الحديد ويقوم بالأعمال المرهقة، إلى مدير قسم في واحدة من أكبر الشركات ويتحكم في مشروعات تتجاوز قيمتها عشرات الملايين.
في عام 2005، تخرج الشاب حسام فتحي نصر من كلية الزراعة جامعة المنصورة، ليبدأ حياة جديدة لم يتعود عليها من قبل "طلعت على الصحرا اشتغلت سنتين في مزارع واستصلاح أراضي"، ليكتسب خبرة كبيرة من عمله واحتكاكه بسوق عمل لم تطأها قدماه من قبل، وبيئة لم يعتد عليها طوال أعوام دراسته.
الشاب سعى للسفر، ليحصل على فيزا لدولة الإمارات كعامل في شركة تبريد وتكييف "مسألتش حتى عن الراتب، قررت آخد المغامرة وأخوض التجربة"، ليبدأ في عام 2008 حياة أخرى لم يجربها من قبل، يستيقظ فجرًا ويرتدي "أفارول" أزرق اللون ويذهب للعمل وسط العمال الهنود ليعود في منتصف الليل، فينام منهكًا ليستيقظ مبكرًا وتستمر الدورة.
"عانيت كتير في شغلي في الشركة، مجال مش بتاعي وعايش وسط عمال كلهم هنود مش قادر أتكيف معاهم وفي صحرا بمشي كتير عشان أكلم أهلي ومستجد معاهم بيشغلوني في الحاجات الصعبة"، هكذا عبر "حسام" عن معاناته في سنواته الأولى، حيث أصبح مضطهدًا في الموقع ومقصدًا للأعمال الرديئة "كنت بشيل الحديد وأي حاجة عاوزينها تتشال".
لم يقف الشاب مكتوف الأيدي، حيث عمل على تطوير نفسه، ليشتري جهاز كمبيوتر من راتب الشهر الأول، ويعلم نفسه على برامج الرسم الهندسي، كما أصبح ملاصقًا للرسامين الهنود ليكتسب معلومة جديدة يوميًا، ويقلد المخططات الهندسية، ليتقن الرسم الهندسي على الكمبيوتر خلالة ثلاثة أشهر فقط، ليبدأ خطوة جديدة ويحصل على رخصة قيادة، والتي تفتح له أبواب مجالات عديدة في دولة الإمارات.
"خلال 6 شهور تانية بقيت أتفاهم باللغة الهندية والناس اتفاجئوا بيا إني أتقنتها في الفترة القصيرة دي"، وهو ما يسر للمهندس الشاب الكثير من الأمور، ليصبح خلال عام قادرًا على إتقان الرسم الهندسي لكل الأعمال الميكانيكية في المشروع بالإضافة للغة الهندية ورخصة القيادة، "وزودت عليهم بتعليم نفسي حاجات كتير أعلى من دراستي من المراجع الأجنبية عن الري وبقيت متخصص في شبكات الري"، ليحصل على ترقية إلى فني ثم مشرف عمال.
بعد فترة وجيزة قدم "حسام" استقالته من الشركة، وحصل على عمل في شركة ناشئة بضعف الراتب في الأولى، ويتولى فيها عدة أعمال، لأن فريق العمل لم يكن سواه رفقة عاملين آخرين "اشتغلت مهندس ومحاسب ومفاوض ورئيس مشروع، وكل ده أكسبني خبرات كتير في الشغل وعرفت خبايا المهنة".
بعد عامين في الشركة الناشئة، حصل المهندس الشاب على عمل في شركة أخرى قوامها 60 عاملا، ليتضاعف راتبه للمرة الرابعة "صاحب الشركة خلاني مدير مشروع وبقيت أحتك بالاستشاريين وأستفيد خبرة أكتر ومستمر برضو في قراءة المراجع الأجنبية وصقل مهاراتي".
وبعد 3 أعوام، جاء الانتقال الأخير والأكبر في حياة المهندس الشاب، حيث حصل على فرصة في شركة عملاقة مصنفة من ضمن أكبر الشركات على مستوى البلاد "الشركة فيها 4000 عامل وبقيت مدير قسم الري فيها"، ليصبح واحدًا من أهم مسؤولي الشركة وفي مجال دراسته الأصلي بعد أن كان عاملًا ليربح تحدي السنوات العشر، "المشروع الواحد في الشركة قيمته 250 مليون درهم إماراتي والقسم اللي بشرف عليه نصيبه فيه حوالي 20 مليون".