مسؤول بالبنك الدولي: الدول العربية بحاجة ملحة لتحقيق التنمية المستدامة
محمود محيي الدين-صورة أرشيفية
قال محمود محيي الدين النائب الأول لرئيس البنك الدولي، اليوم، إن الدول العربية في حاجة ملحة لتحقيق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر والارتقاء بنوعية الحياة.
وأضاف محيي الدين -في كلمة ببداية جلسة العمل الأولى (العلنية) للقمة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية الرابعة التي انطلقت أعمالها صباح اليوم في العاصمة اللبنانية بيروت- أن هذا المؤتمر المهم ينعقد في وقت أصبح فيه الكلام أكثر تقلبًا من الناحية السياسية وأكثر هشاشة من الناحية الاقتصادية، حيث ضعفت معدلات نمو الاقتصاد العالمي وتزايدت حالات التوتر والنزاعات في التجارة الدولية، كما ازدادت المخاطر المحدقة بالاقتصادات المختلفة مع احتمالات ارتفاع تكلفة الاقتراض.
وأضاف محيي الدين قائلا: "إننا نشهد تغيرات كبرى في موازين القوى الاقتصادية العالمية والإقليمية التي تسارعت وتيرة تغيرها مع الأزمة المالية العالمية"، مضيفًا أن هناك تصاعدًا لدور التيارات الشعبوية اليمينية واليسارية مع حدة استقطاب في الشارع السياسي تزامنًا مع حالة الجزع من تراجع نسبي لبعض القوى الاقتصادية التقليدية وتقدم البازغين من القوى الاقتصادية الجديدة.
وأشار محيي الدين إلى أن في هذه الظروف فإن العرب يتلمسون مكانًا لهم على أمل أن تكون ترتيبات النظام الدولي الجديدة أكثر إنصافًا.
وأكد الدكتور محمود محي الدين أنه في ظل حالات الاضطراب وعدم اليقين والحراك السياسي السريع الذي يشهده العالم يتعرض الاقتصاد العربي لما يمكن أن نطلق عليه "تغيرات في عصر المربكات الكبرى".
وعن عصر المربكات الكبرى، لفت محي الدين إلى أن يمثل موجات من نزوح البشر، وزيادة أعداد اللاجئين بالإضافة إلى زيادة مخاطر الجفاف وحدوث تغيرات في المناخ، وتصارع وتيرة التحولات التكنولوجية.
وأوضح أن المنطقة العربية أصابها الكثير من الملمات الجيوسياسية، حيث تقدر تكلفة الخسائر في النشاط الاقتصادي بسبب الحروب والصراعات ما يزيد على 900 مليار دولار لتضيف عبئًا على أعباء تراكمت من قبل"، مؤكدًا أنه على الرغم من أن الأقاليم الاقتصادية حول العالم نجحت في تخفيض نسبة من يعانون من الفقر المدقع إلا أن هذه النسبة زادت عربيًا إلى الضعف من 6ر2% إلى 5% في الفترة من (2013 حتى 2015).
وذكر أن الإقليم الاقتصادي العربي هو الأسوأ في عدم العدالة في توزيع الدخل حول العالم إذ يستحوذ أغنى 10% من السكان على 61% من الدخل القومي، في حين أن الـ 10 % الأغنى في أوروبا لا يتجاوز نصيبهم 37%، وفي الصين 41%، والهند 55 %".
كما أن الاقتصاد العربي يعاني حاليًا من أعلى نسبة بطالة في العالم حيث وصلت هذه النسبة إلى 6ر10% وهي نسبة تقترب من ضعف متوسط البطالة العالمية ومقدارها اليوم 5.7 % وهي أشد تركيزًا بين شباب العرب وأعلى بين النساء مقارنة بالرجال، مؤكدًا حاجة الاقتصاد العربي إلى توليد 10 ملايين فرصة عمل جديدة كل عام حتى يتم التصدي للبطالة.
وفي إطار التمويل ورجوعًا إلى خطة العمل التنفيذية الصادرة في أديس أبابا عام 2015، أكد أن تمويل التنمية المستدامة لا يأتي من خلال صفقات مالية متناثرة أو إنفاق مشتت بل يجب أن يستند إلى نهج متكامل قوامه سياسات متناسقة ومؤسسات ذات كفاءة.
وأشار إلى ضرورة تحسين منظومة الموارد الضريبية العربية، حيث إن المتوسط في الدول العربية 11%، وهو يقل عن المتوسط الموصى به الذي يبلغ 15%.
وفيما يتعلق بالتنمية في الوطن العربي بمشاركة القطاع الخاص، أكد محيي الدين النائب الأول لرئيس البنك الدولي أن هناك فرصًا جيدة وواعدة لمشاركة القطاع الخاص في استثمارات كثيرة بالوطن العربي.
وحول محور التدفقات المالية الخارجية في خطة تمويل التنمية المستدامة للوطن العربي، أوضح أن الاقتصاد العربي مازال مصدرًا للتمويل إلى الخارج، وهو ما يقلل من فرص التمويل بالاعتماد على الموارد المالية الذاتية، مشيرا إلى زيادة المساعدات الإنمائية الرسمية خلال الفترة الماضية، خاصة في المساعدات المرتبطة بالمجالات الإنسانية وعون اللاجئين، وفيما يتعلق بالتجارة في الوطن العربي.
"لا أود هنا أن أطفئ نقط الضوء التي أشار إليها الأمين العام بالنسبة لتحسن الإجراءات الخاصة بمنطقة التجارة العربية الكبرى، ولكن مازالت هناك معوقات مرتبطة بتكاليف النقل واللوجيستيات رغم اقتراب المسافات، ومشاكل في المعايير بالإضافة إلى المعوقات الجمركية"، حسبما قال.
واقترح محيي الدين عمل استراتيجية متكاملة تختص بالتجارة الإلكترونية تسهم في التوافق مع متطلبات الثورة الصناعية الجديدة.
وشدد على أنه لن تتحقق أهداف التنمية المستدامة دون الارتقاء بالعلم والاستفادة من التكنولوجيا والابتكار، مشيرًا إلى ضرورة تطوير القاعدة الاقتصادية العربية والقواعد الرقابية العامة لحماية البيانات والاستثمار في رأس المال البشري.