الدكتور محمد معيط وزير المالية، من الوزراء الحكماء، وعليه أعباء كثيرة لتوفير موارد الميزانية، لتحقيق الإنجاز الطموح، الذى وعد به رئيس الجمهورية الشعب، ونعلم أنه يتابع ذلك بشكل شبه يومى مع جميع الوزراء المختصين، وأثناء زيارته اليومية فى مواقع العمل.
التأمين الصحى الجديد إذا تم إنجازه كما وعد الرئيس على أحسن مستوى، ومتجاوزاً السلبيات التى يشكو منها المواطنون من التأمين الصحى الحالى سيكون إنجازاً فى مستوى السد العالى للصحة.
سبق أن ذكرت فى لقاء صحفى من أن أهم عنصر فى نجاح التأمين الصحى هو العنصر البشرى، وعلى رأسه أطباء صحة الأسرة أو الممارسون العموم، لأن التأمين الصحى يعتمد على طبيب يلحق به عدد من الأسر، ليكون مسئولاً عن حالتها الصحية، من أطفال وأولاد وشباب ورجال وسيدات، ثم الكهول وكبار السن، وفى رأى خبراء التأمين الصحى أن طبيب الأسرة المدرّب والمتعلم مهارات خاصة يستطيع أن يتعامل مع 60 - 70% من المشاكل الصحية التى تصيب الأسر المسئول عنها ويحيل الباقى لأصحاب التخصص الدقيق والمستشفيات والمعامل والعلاج الطبيعى.
سبق أن ذكرت أننا فى المؤتمر الأول الذى أقامته النقابة عام 78، بالاشتراك مع لجنة التعليم الطبى بالمجلس الأعلى للجامعات، تم التوجيه بأن يكون هناك قسم للممارسة العامة فى كل كلية طب، وأن يكون نصف الخريجين المطلوب تدريبهم على الأقل يلحقون بهذا التخصّص، لأننا كنا مسئولين عن ضرورة تطبيق التأمين الصحى الشامل، وفرضت النقابة على كلية طب قناة السويس، التى كانت على وشك الابتداء أن تُسرع بإعداد برنامج تدريبى وتعليمى لإنشاء الممارس العام ونجحنا فى إعداد برنامج الدراسة والتدريب بواسطة أحد كبار العاملين فى التأمين الصحى وحضور ممثلين عن الكلية الملكية للممارس العام فى إنجلترا، حضر ثلاثة أعضاء، من بينهم رئيس الكلية، وأمضوا فى مصر ثلاثة أسابيع، وسافروا فى أرجاء الوطن فى الدلتا والصعيد وبعض المدن الكبيرة للاطلاع على نوعية الأمراض التى تصيب الأسرة فى مصر.
نجحت كلية طب قناة السويس، تحت الإنشاء، فى تخريج أول دفعة من الحاصلين على ماجستير الممارس العام من ثلاث سنوات، ومع الأسف وزارة الصحة لم تكن قد بدأت فى الإعداد الشامل للتأمين، وبقى هؤلاء الخريجون المتميزون بلا عمل يناسب تأهيلهم، حتى سمعت عنهم السلطات الصحية فى البحرين والخليج والسعودية، التى كانت تطبق برنامجاً تأمينياً، ووفرت فرص عمل لجميع خريجى قسم الممارس العام، وعندما أقدمت بعض الكليات على إنشاء أقسام ممارسة عامة مثل قصر العينى وعين شمس والمنصورة والإسكندرية سافر معظم خريجى البرنامج إلى البلاد الخليجية والسعودية والبحرين، ولم يبقَ سوى النزر اليسير من أطباء الممارسة العامة الحاصلين على الماجستير والتدريب.
سعادة وزير المالية المحترم..
لقد قمنا بمبادرات حول الاحتياجات للخدمة الصحية من الأطباء وأعلنا وأعلنت وزارة الصحة بأننا قد اكتفينا بالأعداد الكبيرة، التى تُقبل فى عدد 22 كلية طب، وكليتين بجامعة خاصة، وضرورة أن تُقلل الأعداد حتى نحسن التدريب والأداء. من سوء الحظ أو من حظ الأطباء أن هناك نقصاً فى عدد الأطباء بإنجلترا وألمانيا والولايات المتحدة، وهناك طلب على الأطباء المصريين، وسافرت نسبة كبيرة من الخريجين، وحدثت ظاهرة لم تحدث من قبل، وهى أن الكليات لا تجد نواباً فى بعض التخصّصات من التخدير والأمراض الجلدية وبعض التخصصات الأخرى وظاهرة استقالة عدد من النواب الحاليين قبل انتهاء تدريبهم وسفرهم إلى الخارج، وزارة الصحة تشكو من عدم وجود أطباء تخدير وعدم وجود مديرين للمستشفيات، الذين تم تأهيلهم فى عهد حاتم الجبلى الوزير المنجز، وكذلك ندرة فى الأطباء بالمحافظات الحدودية والبعيدة.
كيف سنطبق التأمين الشامل يا سيادة وزير المالية وعندما اقترحت نقابة الأطباء زيادة أجور الأطباء حتى يقتنعوا بعملهم الوطنى فى مصر وقد اشتكوا من أحوالهم المادية وعدم استطاعة وزارة الصحة تحسين مواردها، بدعوى أن الميزانية لا تزال متواضعة ولا تزال غير قادرة على تحقيق آمال الوطن، وقرارات رئيس الجمهورية فى إعطاء أولوية للصحة والتعليم؟
عند مناقشة قانون التأمين الصحى، ستتكلف الدولة بنحو 60% من حجم الإنفاق من جيب الموازنة العامة، اقترحنا بعض الموارد التى تضاف إلى هيئة التأمين الصحى بضريبة الدخان عشرة قروش على كل علبة تبغ تُضاف إلى ميزانية التأمين الصحى، على طلاب المدارس، بالإضافة إلى 12 جنيهاً تدفع من الموازنة العامة عن كل تلميذ فى المدارس، وكان عددهم عند اقتراح القانون 12 مليون تلميذ، وكان القانون يقدم خمسة قروش على كل علبة تبغ فى لجنة الصحة بمجلس الشعب، فرفعنا المبلغ إلى عشرة قروش، وكان معنا رئيس الشركة الشرقية للدخان، الذى كان متحمساً لذلك قبل أعضاء اللجنة، وتمت الإضافة بعد إقناع السيد وزير المالية محمد الرزاز، الذى كانت لديه اتجاهات تقتيرية فى صرف الموازنة، فحاول أن يعدل الميزانية لتصرف حسب الأعداد المؤمن عليها، ووزير الصحة فى ذلك الوقت الدكتور محمد دويدار، وطالب المجلس وزير المالية بالموافقة على صرف جميع استحقاقات التأمين الصحى على طلاب المدارس فور تطبيق القانون بصرف المبالغ بالكامل، وتستخدمها وزارة الصحة فى تحسين المنشآت الطبية التى ستستقبل هؤلاء الطلاب، ونجح فى ذلك نجاحاً باهراً، وأعتقد أن أفضل خدمات تأمينية بما فى ذلك التدخلات الجراحية تقدم لأولادنا التلاميذ، ولنا نفس الطلب عند السيد وزير المالية الحالى بأن يوافق على صرف كل المبالغ الإضافية الواردة فى القانون، حتى تستطيع وزارة الصحة أن تحفز الأطباء الذين سيعملون فى تطبيق القانون، وكذلك رفع مستوى المستشفيات والمراكز الطبية التى ستقوم بتقديم الخدمات العلاجية مع دعم كامل للمستشفيات الجامعية التى يمكن أن تقدم الخدمات المتخصصة، وإدخال نظام طب الأسرة، وتحديث المستشفيات من الناحية الفندقية والانتظار والاستقبال، ومقابلة المرضى بالترحيب والابتسام، وليس بالعبوس والتعالى.
التأمين الصحى سيضطر للاستعانة بالمستشفيات العلاجية الخاصة وعيادات الأطباء بتكلفة عالية، حيث إن أوضاع العلاج الخاص فى مصر بائسة ومكلفة، ويمكن لوزارة الصحة والمستشفيات الجامعية الدخول فى المنافسة، وتقديم خدمات أفضل، فندقة مقبولة ومحترمة، التأمين الصحى سيعالج جميع مستويات المرضى، بما فى ذلك كبار الموظفين، أعضاء السلك القضائى، الأطباء والمهندسون، رجال الأعمال وغيرهم، سيكون من المفروض أن ترتفع المستشفيات الحكومية والمستشفيات الجامعية إلى مستوى القطاع الخاص، ويستطيع القادرون أن يعالجوا فى أسرة الدرجة الأولى، مع دفع فرق الإقامة، وبذلك يرضى الجميع عن هذا المولود الجديد الذى نرجو أن يرعاه أطباء مصر ووزراء مصر، وعلى رأسهم العزيزة الغالية الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة، والأستاذ الدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالى، والأستاذ الدكتور محمد معيط وزير المالية.
وفقكم الله جميعاً لما فيه الخير للوطن تحت رعاية رئيس الجمهورية أطال الله عمره، وسدد على طريق الحق والإنجاز خطاه.