لا أشك فى أن الدكتور عبدالمنعم فؤاد، عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين، رجل حسن العشرة على المستوى الشخصى، وفى عمادته للكلية يتردد أنها حققت على يديه مركزاً متقدماً بين كليات الجامعة الأزهرية، ونحن نقدر حبه لفضيلة الإمام الأكبر، وهذا الأسبوع تولى سعادته مهمتين، الإشراف على أكاديمية الأزهر وعلى أروقة الأزهر، أما الأكاديمية فنتمنى له التوفيق والنجاح فى الإشراف عليها، ولكن نسأله عن خطته التى ينتوى تنفيذها ونسأله عن منهجه العلمى بعيداً عن الكلام المستهلك من نوعية مقاومة الإرهاب ونبذ العنف دون مناقشة حقيقية للعنف ودون تفنيد واضح وصريح لأفكار جماعة الإخوان المنحرفة.
وأما مهمة الإشراف على الأروقة العلمية بالجامع الأزهر بدلاً من الدكتور محمد مهنا فإن الأمانة تقتضى القول إن د. عبدالمنعم لا علاقة له بالأروقة الأزهرية لا من بعيد ولا من قريب، فهو لم يسبق له أن دخل أروقة الأزهر متعلماً ولا معلماً.
الأمر الأخطر أن هذه الأروقة أعيد إنشاؤها بغرض أن يستعيد الأزهر روحه ومعالمه ومناهجه بعيداً عن صورة التعليم الرسمى فى المعاهد الدينية والكليات الأزهرية، لذلك فإن الذين توافدوا على تحمل مسئولية الأروقة والذين عملوا بالتدريس فيها كان أهم ما يميزهم أمرين لا يتوفران بوضوح وجلاء فى الدكتور عبدالمنعم فؤاد، وهما أشعرية العقيدة والتصوف السنى الخالى من التجاوزات، بل إنه كان يظهر على القنوات السلفية الوهابية التى ترى بطلان الاعتقاد الأشعرى أصلاً، فضلاً عن أن الأشعرية عنده غير واضحة، وهذا معناه أنه من الممكن بل من المتوقع والمحتمل أن ترى شيخاً يجلس للتدريس فى الأروقة وهو يبغض الأشعرية، ويرفض التصوف، لأن هذين الركنين غير واضحين وغير صريحين عند الدكتور المذكور.
إن الأزهر الشريف يمتلئ بعدد من العلماء ممن يعرفون معنى الأروقة وأهدافها وانغمسوا بالتدريس فيها، وعاشوا مع طلبة العلم، وشرحوا لتلاميذهم عدداً من الكتب فى الشرعية والعربية، والتف حولهم الطلاب، ومنحوا تلاميذهم ما يعرف لدى البيئة العلمية بـ(الإجازات)، وأمامنا العشرات ممن يصلحون لهذه المهمة وكلهم أشعرية صوفية ويحبون الأزهر وشيخه ويقدرون دور الأزهر ومكانته ويعرفون معنى أروقة.
والحاصل أن الدكتور المذكور بعيد عن هذا الجو العلمى والنفسى، ولا يملأ عين طلاب العلم فى الأروقة بالأستاذية، وهذا أمر محرج له ومحرج فى نظرة طلاب الأروقة إليه، وكان يمكنه أن يرفع عن نفسه الحرج ويرفض منصباً ليس له فيه من بعيد ولا من قريب.
لكن مشكلة المذكور أنه يرى نفسه من خلال موظفيه فى الكلية ومن خلال أصدقائه الذين يعلقون على منشوراته فى الفيس بوك، ويغلق عينيه عن الواقع الحقيقى وهو أنه لا علاقة له بالأروقة، وكان يمكنه الرفض والاكتفاء بمنصبه عميداً للكلية إن أراد أن يخدم الأزهر وأروقته.
قد يقال لماذا لا تعتب على الإمام الأكبر فهو الذى اختاره؟ والحقيقة أن فضيلة الإمام الأكبر مشغول بهموم الأمة الكبرى، أعانه الله، وكان واجب الدكتور أن يساعد فضيلة الإمام الأكبر فى مهمته، لا أن يقتنص فرصة فيستغلها وهو يعلم أنه ليس أهلاً لها، والأهم أن شيوخ الأروقة متأكدون أنه جاء إليهم وهو بعيد عن بيئة الأروقة وحلق التدريس فيها، وإن رحبوا به ظاهراً فمن ورائه تقول أعينهم كلاماً كان هو فى غنى عنه.. وعلى كل نسأل الله التوفيق للجميع.