5 سنوات من الجهد السياسى والدبلوماسى تعيد الدور المصرى إلى سابق عهده
الرئيس السيسى يلقى كلمة مصر فى قمة أفريقيا فى الأمم المتحدة
عكست تحركات الرئيس عبدالفتاح السيسى وخطابه تجاه القارة الأفريقية خلال الفترة الرئاسية الأولى تقدماً كبيراً فى التأكيد على أهمية الدائرة الأفريقية كواحدة من أهم دوائر السياسة الخارجية والأمن القومى المصرى، وتحسنت خلال تلك الفترة علاقة مصر بكثير من الدول الأفريقية الهامة، خاصة إثيوبيا ودول منابع النيل والقرن الأفريقى، بل وأضحت معضلة مثل «أزمة سد النهضة الإثيوبى» تأخذ مساراً للحل بعد التوصل لاتفاق إعلان المبادئ الثلاثى فى الخرطوم عام 2015، وكل ذلك بعد أن عانت القاهرة منذ 2013 من تجميد عضويتها بالاتحاد الأفريقى فى سابقة لا تليق بدورها التاريخى فى القارة وموقعها التأسيسى لمنظماتها، وهو ما عكس مساعى البعض لفصل مصر عن جذورها الممتدة فى القارة السمراء.
لم ينتظر «السيسى»، بعد توليه السلطة، إلى مشاركة مصر فى أول فعالية أفريقية لكى يؤكد خطابه الجديد نحو القارة، بل كانت أفريقيا حاضرة بداية من خطاب حفل تنصيب الرئيس يوم الاثنين الموافق 9 يونيو 2014، حين تحدث باقتدار كزعيم أفريقى منذ اللحظة الأولى لحكمه، قائلاً: «إن مصر الأفريقية رائدة تحرر واستقلال القارة السمراء فإننى أقول لمن يحاول فصلها عن واقعها الأفريقى لن تستطيع فصل الروح عن الجسد فمصر أفريقية الوجود والحياة وأقول لأبناء الشعب المصرى الذى قامت حضارته على ضفاف نهر النيل الخالد لن أسمح لموضوع سد النهضة أن يكون سبباً لخلق أزمة أو مشكلة وأن يكون عائقاً أمام تطوير العلاقات المصرية سواء مع أفريقيا أو مع إثيوبيا الشقيقة»، ليسطر أمام العالم منهجه التعاونى فى التعامل مع قضايا القارة بما فى ذلك ما يمس المصالح المصرية ويتقاطع معها، ولعل التزام «مصر - السيسى» بهذا النهج الجديد، هو ما عزز مصداقية الدور المصرى فى القارة، ليضع الأفارقة ثقتهم فى القاهرة كرئيس للمنظمة الأفريقية الأم بالإجماع، وذلك تقديراً لدورها الريادى فى القارة الأفريقية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، حيث تُعد فرصة ذهبية لتدعيم وترسيخ مكانة مصر الأفريقية.
زيارات رئاسية واستثمارات وتمثيل للأفارقة فى الأمم المتحدة
ويتسلم الرئيس عبدالفتاح السيسى من نظيره الرواندى بول كاجامى، رئاسة الاتحاد الأفريقى، يوم 10 فبراير الحالى، وتستمر الرئاسة المصرية حتى عام 2020، لكن استعادة مصر لمكانتها الأفريقية ودورها فى الاتحاد الأفريقى لم يكن إلا تتويجاً لتحركاتها على مدار أكثر من 5 سنوات، منذ تجميد عضويتها فى الاتحاد الأفريقى نتيجة الموقف المبدئى للاتحاد من ثورة 30 يونيو 2013 الذى استلزمه نظامه الداخلى إزاء التغيير السياسى الذى أزاح حكم الجماعة الإرهابية، لكن سرعان ما تمكنت القاهرة من استعادة حضورها الأفريقى بصورة أفضل مما كانت عليه، وتأتى هذه الرئاسة لتتوج الخطى المتسارعة التى عزز بها «السيسى» حضور مصر فى الساحة الأفريقية بصورة فاقت كل الحقب السابقة.
«سلسلة مبادرات أفريقية لتحقيق الاندماج الأفريقى»، هكذا وصف السفير على الحفنى، نائب وزير الخارجية للشئون الأفريقية سابقاً، استراتيجية مصر للعودة لأفريقيا خلال السنوات الست الماضية من «تجميد العضوية إلى رئاسة الاتحاد»، وأضاف لـ«الوطن»: «لا شك أن عملية الإعداد للعب أدوار أهم وأكبر فى أفريقيا قد بدأت بشكل مبكر حتى فى مواجهة عملية تجميد نشاط مصر فى الاتحاد الأفريقى خلال عام 2013/2014 إلا أن حرص الرئيس على حضور القمة الأفريقية بانتظام وتواصله مع المسئولين فى الاتحاد الأفريقى والزعامات الأفريقية واستقباله للعديد من القادة الأفارقة وقيامه بعدة زيارات وجولات أفريقية وتمثيله للقارة فى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإشراكه الزعامات الأفريقية ورموز مجتمعات الأعمال الأفريقية وتنظيمات الشباب والمرأة فيما عقدته مصر من مؤتمرات، كذلك مشاركته فى القمة الأفريقية الأوروبية فى فيينا، والقمة المصغرة مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فى برلين، كل ذلك أظهر اهتمام الرئيس شخصياً ومصر بقضية تمس كل أفريقى وهى قضية الاندماج الأفريقى، التى شهدنا إحدى مراحلها مؤخراً فى كيجالى من حيث التوقيع على اتفاقية إنشاء المنطقة التجارية الحرة، التى انضمت إليها 50 دولة أفريقية حتى الآن وتنتظر إتمام تصديقات برلمانات 22 دولة لكى تدخل حيز النفاذ قريباً»، وأشار «الحفنى» إلى أن الرئيس السيسى سيواصل خلال رئاسته للاتحاد الأفريقى ومن خلال صلاته وصلات أفريقيا بشركائها الدوليين، السعى لجذب مزيد من الاستثمارات لتنفيذ مشروعات البنية التحتية من طرق وخطوط سكك حديد وموانئ ومطارات وغيرها، مما يعد ضرورة لتحقيق الاندماج وسهولة انتقال البضائع ورؤوس الأموال والأفراد حتى تكون عملية الاندماج حقيقية وحتى يحقق الأفريقيون ما يصبون إليه بموجب أجندة أفريقيا لعام 2063.
«الحفنى»: الرئيس قدم سلسلة مبادرات.. و«أبوزيد»: زياراته الأفريقية استحوذت على نصيب الأسد من جولاته
تحركات «السيسى» لاستعادة الدور المصرى فى القارة تجسدت فى كم زياراته المتنوعة التى غطت كافة أقاليم القارة واستحوذت على نصيب الأسد من زياراته الخارجية، فضلاً عن اهتمامه بمخاطبة شواغل الدول الأفريقية والحديث إلى شعوبها، لا سيما من خلال خطاباته إزاء تلك الشعوب وعلى رأسها خطابه فى البرلمان الإثيوبى، هكذا لخص الدكتور أحمد أبوزيد، الباحث فى الأمن الإقليمى ومؤلف كتاب «مصر - أفريقيا.. الطريق إلى المستقبل» دور القيادة المصرية فى تبوء مصر للمكانة الراهنة على المستوى القارى، مؤكداً لـ«الوطن» أن «القاسم المشترك الذى نلمحه دون عناء فى خطاب الرئيس السيسى تجاه أفريقيا، هو التوافق والعمل المشترك وتعزيز التنسيق والتشاور بين دول القارة من أجل مواجهة التحديات المشتركة وعلى رأسها تحدى وسباق التنمية ومكافحة الإرهاب، والعمل الدؤوب على تأكيد حرص مصر على تعزيز التعاون القارى ودفع جهود التنمية والاستقرار وحماية الدولة الوطنية كإحدى ركائز السياسة الخارجية المصرية التى أعادت الروح للعلاقات المصرية الأفريقية».
«الشهاوى»: سياستنا مع الأشقاء تسير فى الاتجاه الصحيح.. و2019 عام المبادرات الأفريقية
ومن جانبه، أكد اللواء محمد الشهاوى، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، أن مصر استعادت مكانتها وريادتها ليس فقط على المستوى الإقليمى ولكن أيضاً على المستوى القارى والدولى، وهذا يعنى أن السياسة الخارجية المصرية تسير فى الاتجاه الصحيح، وتؤكد على أهمية دائرة الأمن الأفريقى الذى تمثل مصر بوابته، وهى معبر وسوق كبيرة للدول الأفريقية، وأيضاً جزء عضوى لا انفصال له من دول حوض النيل الـ10، وتابع: «مصر تستضيف المركز الإقليمى لمكافحة الإرهاب لدول الساحل والصحراء لأن لديها خبرة قتالية كبيرة فى مجابهة الإرهاب والتطرف وسيكون هذا العام عام المبادرات المصرية فى أفريقيا».