وكما أسىء فى العهد القديم إلى إبراهيم الخليل عليه السلام، جرت فيه الإساءة إلى إسحق ويعقوب، ومن جاء بعدهما من أنبياء بنى إسرائيل، فيروى العهد القديم أن إسحق عليه السلام تزوج من امرأة اسمها رفقة، فحملت منه وتزاحم فى بطنها توأمان.
«فمضت لتسأل الرب فقال لها الرب: فى بطنك أمتان ومن أحشائك يفترق شعبان: شعب يقوى على شعب، وكبير يستعبد الصغير، فلما كملت أيامها لتلد إذا فى بطنها توأمان فخرج الأول أحمر كله كَفَرْوة شعر فدعوا اسمه عيسو، وأصبح بكر أبيه، وبعد ذلك خرج أخوه ويده قابضة بعقب عيسو فدعى اسمه يعقوب، وكبر الغلامان وكان إسحق يحب عيسو وأما رفقة فكانت تحب يعقوب، وطالما حاول يعقوب أن يحل محل أخيه فى البكورية، وتقول التوراة إن يعقوب طبخ طبيخاً فأتى عيسو من الحقل وقد أعيا، فقال ليعقوب: أطعمنى لأنى قد أعييت. فقال يعقوب: بعنى اليوم بكوريتك، فقال عيسو: أنا ماضٍ إلى الموت فلماذا لى بكورية؟ فقال يعقوب: احلف لى اليوم. فحلف له، فباع بكوريته ليعقوب، فأعطى يعقوب عيسو خبزاً وطبيخ عدس فأكل وشرب وقام ومضى، واحتقر عيسو البكورية» (التكوين 25: 21-34).
ويستمر سفر التكوين فى وصف المحاولات التى قام بها يعقوب لينال ميراث أبيه دون أخيه عيسو، ويصف سفر التكوين أعمال يعقوب بالشطط والكذب لينال ما ليس له، وفيما يلى عبارة سفر التكوين:
«وحدث لما شاخ إسحق وكَلَّت عيناه عن النظر أنه دعا عيسو ابنه الأكبر وقال له: يا بنى. فقال له: هأنذا. فقال إسحق: إننى قد شخت ولست أعرف يوم وفاتى فالآن خذ عدتك، جعبتك وقوسك، واخرج إلى البرية، وتصيد لى صيداً، واصنع لى أطعمة كما أحب وأتنى بها لآكل حتى تباركك نفسى قبل أن أموت، وكانت رفقة سامعة إذْ تكلم إسحق مع عيسو ابنه، فذهب عيسو إلى البرية كى يصطاد صيداً، وأما رفقة فنقلت ذلك ليعقوب ابنها وقالت له: اذهب إلى الغنم وأحضر لى جديين جيدين فأصنعهما أطعمة لأبيك كما يحب، وتحضرها إلى أبيك ويباركك. فقال يعقوب لأمه: هو ذا عيسو أخى رجل أشعَر وأنا رجل أملس، وربما يجسنى أبى فأكون فى عينيه كمتهاون، وأجلب على نفسى لعنة لا بركة، فقالت له أمه: لَعْنَتُك علىّ يا بنى اسمع لقولى فقط، فذهب وأحضر الجديين وصنعت أمه أطعمة كما كان أبوه يحب، وأخذت رفقة ثياب عيسو ابنها الأكبر الفاخرة التى كانت عندها فى البيت وألبستها يعقوب ابنها الأصغر وألبست يديه وملاسة عنقه جلود الجديين، وأعطت الأطعمة والخبز إلى يعقوب».
«فدخل إلى أبيه وقال يا أبى، فأجاب هأنذا من أنت يا بنى؟ فقال يعقوب لأبيه أنا عيسو بكرك، قد فعلت كما كلمتنى، قم اجلس وكلْ من صيدى لكى تباركنى نفسُك، فقال إسحق لابنه ما هذا الذى أسرعت لتجد؟ فقال: إن الرب إلهك قد يسَّر لى، فقال إسحق ليعقوب تقدم لأجسك أنت هو ابنى عيسو أم لا، فتقدم يعقوب إلى إسحق أبيه فجسه وقال: الصوت صوت يعقوب ولكن اليدين يدا عيسو ولم يعرفه لأن يديه كانتا مُشعرتين كيدى عيسو، فقال له هل أنت هو ابنى عيسو؟ فقال: أنا هو. فأَكل إسحق وشرب وقال لابنه تقدم وقبلنى ففعل فشم رائحة ثيابه واعتقد منها أنه عيسو، فدعا له وباركه قائلاً: فليعطك الله من ندى السماء ومن دسم الأرض، وكثرة حنطة وخمر، لتسْتَعْبَد لك الشعوب وتسْجد لك قبائل، كن سيداً لإخوتك وليسجد لك بنو أمك وليكن لاعنوك ملعونين، ومباركوك مباركين» (التكوين 27: 1-29).
ويستطرد سفر التكوين فيذكر أن «عيسو» عاد وصنع طعاماً وجاء إلى أبيه فعرف ما حدث وطلب من أبيه أن يباركه وصرخ وبكى فقال له إسحق: هو ذا بلا دسم الأرض يكون مسكنك، وبلا ندى السماء من فوق، وبسيفك تعيش ولأخيك تستعبد» (التكوين 27: 39، 40).
«فحقد عيسو على يعقوب من أجل البركة التى باركه بها أبوه. وقال عيسو فى قلبه: قربت أيام مناحة أبى، فأقتل يعقوب أخى. فأخبرت رفقة بكلام عيسو ابنها الأكبر، فأرسلت ودعت يعقوب ابنها الأصغر وقالت له: هو ذا عيسو أخوك متسل من جهتك بأنه يقتلك. فالآن يا ابنى اسمع لقولى، وقم اهرب إلى أخى لابان إلى حاران، وأقم عنده أياماً قليلة حتى يرتد سخط أخيك. حتى يرتد غضب أخيك عنك، وينسى ما صنعت به. ثم أرسل فآخذك من هناك. لماذا أعدم اثنيكما فى يوم واحد؟» (التكوين 27: 41-45).
وعن النبى لوط، ابن شقيق إبراهيم الخليل عليهما السلام، ورد بالعهد القديم أنه زنى بابنتيه تباعاً وهو تحت تأثير الخمر. وجاء بسفر التكوين من العهد القديم:
«وصعد لوط من صوغر وسكن فى الجبل، وابنتاه معه، لأنه خاف أن يسكن فى صوغر. فسكن فى المغارة هو وابنتاه. وقالت البكر للصغيرة: أبونا قد شاخ، وليس فى الأرض رجل ليدخل علينا كعادة كل الأرض. هلم نسقى أبانا خمراً ونضطجع معه، فنحيى من أبينا نسلاً. فسقتا أباهما خمراً فى تلك الليلة، ودخلت البكر واضطجعت مع أبيها، ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها. وحدث فى الغد أن البكر قالت للصغيرة: إنى قد اضطجعت البارحة مع أبى. نسقيه خمراً الليلة أيضاً فادخلى اضطجعى معه، فنحيى من أبينا نسلاً. فسقتا أباهما خمراً فى تلك الليلة أيضاً، وقامت الصغيرة واضطجعت معه، ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها، فحبلت ابنتا لوط من أبيهما. فولدت البكر ابناً ودعت اسمه موآب، وهو أبو الموآبيين إلى اليوم».
(التكوين 19: 30-37).
وجاء بالعهد القديم عن النبى داود عليه السلام ما يشينه بالزنى عمداً، ويقتل زوج من زنى بها عمداً بإرساله فى مقدمة المقاتلين كيما يصاب ويُقتل. يقول العهد القديم:
«وأما داود فأقام فى أورشليم. وكان فى وقت المساء أن داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك، فرأى من على السطح امرأة تستحم. وكانت المرأة جميلة المنظر جداً. فأرسل داود وسأل عن المرأة، فقال واحد: أليست هذه بثشبع بنت أليعام امرأة أوريا الحثى؟. فأرسل داود رسلاً وأخذها، فدخلت إليه، فاضطجع معها وهى مطهرة من طمثها. ثم رجعت إلى بيتها. وحبلت المرأة، فأرسلت وأخبرت داود وقالت: إنى حبلى. فأرسل داود إلى يوآب يقول: أرسل إلىَّ أوريا الحثى فأرسل يوآب أوريا إلى داود. فأتى أوريا إليه، فسأل داود عن سلامة يوآب وسلامة الشعب ونجاح الحرب. وقال داود لأوريا: انزل إلى بيتك واغسل رجليك. وفى الصباح كتب داود مكتوباً إلى يوآب وأرسله بيد أوريا. وكتب فى المكتوب يقول: اجعلوا أوريا فى وجه الحرب الشديدة، وارجعوا من ورائه فيضرب ويموت. وكان فى محاصرة يوآب المدينة أنه جعل أوريا فى الموضع الذى علم أن رجال البأس فيه. فخرج رجال المدينة وحاربوا يوآب، فسقط بعض الشعب من عبيد داود، ومات أوريا الحثى أيضاً. فأرسل يوآب وأخبر داود بجميع أمور الحرب. وقال الرسول لداود: قد تَجَبَّرَ علينا القوم وخرجوا إلينا إلى الحقل فكنا عليهم إلى مدخل الباب. فرمى الرماة عبيدك من على السور، فمات البعض من عبيد الملك، ومات عبدك أوريا الحثى أيضاً. فقال داود للرسول: هكذا تقول ليوآب: لا يسؤ فى عينيك هذا الأمر، لأن السيف يأكل هذا وذاك. شدد قتالك على المدينة وأخربها. وشدده. فلما سمعت امرأة أوريا أنه قد مات أوريا رجلها، ندبت بعلها. ولما مضت المناحة أرسل داود وضمها إلى بيته، وصارت له امرأة وولدت له ابناً (هو سليمان). وأما الأمر الذى فعله داود فقبح فى عينى الرب» (سفر صموئيل الثانى الإصحاح 11).