المشرفات: سلامة التلاميذ مسئوليتنا.. وأمانة فى رقبتنا
مشرفات يتابعن التلاميذ
تستيقظ مبكراً، تنتظر وصول سائق الأوتوبيس أمام منزلها، لتبدأ مشرفة «الباص» رحلتها إلى منازل الطلاب، واحداً تلو الآخر، تتسلمهم من أيدى أولياء الأمور، إلى أن تصل إلى المدرسة، تنتهى «نصف المهمة» عند ذلك، حتى تعود مرة أخرى إلى المدرسة فى موعد مغادرة الطلاب، لتكرر نفس الرحلة مرة أخرى وتعود بالأمانة التى تحملها، أى التلاميذ، يومياً إلى منازلهم، حيث تُعتبر «مشرفة أوتوبيس المدارس» هى الحلقة الأهم بين أولياء الأمور والطلبة والسائقين، لأن الخطأ أو التكاسل عن أى مهمة فى واجبها تجاه طلابها يُعرضهم للخطر أو الإيذاء.
فى منطقة المقطم، وقبل عامين، التحقت «دينا حلمى»، 25 عاماً، بالعمل كمشرفة بإحدى المدارس الخاصة للغات، بعدما أخبرتها زميلتها عن احتياج المدرسة لمشرفات ذوات خبرة فى مجال التعامل مع الأطفال، فملأت استمارة بيانات وضعتها إدارة المدرسة على صفحتها بـ«فيس بوك»، وبعد أسبوعين، أرسلت إليها الإدارة «إيميل» بالأوراق المطلوبة منها، وموعد الاختبارات التى لا بد أن تجريها قبل تسلمها للعمل، بحسب كلامها، مشيرة إلى أنها كانت تعمل فى إحدى الحضانات لمدة 7 أشهر، لكنها تركتها بسبب ضعف المرتبات بها.
اختبارات متعددة خضعت لها «دينا»، قبل أن تتسلم عملها بالمدرسة، من بينها اختبار تحريرى لتحديد مستوى اللغة الإنجليزية، بجانب اختبار شفوى أجرته مع مدير المدرسة الذى وجّه إليها أثناء المقابلة العديد من الأسئلة، توضحها قائلة: «سألنى اتعاملت مع أطفال ولا لأ، وإزاى هتعامل مع طفل عنيد أو لو مش بيسمع الكلام، وإن كنت متفرغة للعمل ده ولا لأ». وبمجرد انتهائها من تلك الاختبارات التى اجتازتها بنجاح خضعت لفترة تدريب استمرت لمدة شهر كامل لاختبار أدائها وتعاملها مع الأطفال، على حد قولها.
خضعنا لفترة تدريب.. ومهمتنا توصيل التلاميذ من «البيت» لـ«المدرسة» والعكس
توضح «دينا»، التى تخرجت فى كلية الإعلام بجامعة 6 أكتوبر، أنها «تتواصل مع أولياء أمور الطلبة الذين هم تحت إشرافها قبل التحرك إليهم عن طريق جروب (واتس آب)، للتأكد من ذهابهم إلى المدرسة بالأوتوبيس»، لافتة إلى أنه فى بعض الأحيان يقوم أولياء الأمور بتوصيل أبنائهم بأنفسهم، مضيفة: «معايا فى الأوتوبيس 14 طفل فى مراحل مختلفة، بستلمهم من أسرهم كل يوم فى معاد محدد، ولو فيه طالب إجازة أو مش هيروح بالباص والدته بتبلغنى قبلها أو بتبلغ إدارة المدرسة عشان ماتبقاش المسئولية عليا لو حصل له أى حاجة، وكذلك وإحنا راجعين بوصّل الطفل لحد قدام باب بيته واتأكد إن فيه حد من أسرته موجود عشان أبقى مطمنة». وعن طرق تعاملها مع الأطفال داخل الأوتوبيس، تقول «دينا»: «بسيبهم يلعبوا مع بعض لكن لما بيضربوا بعض يا إما بخاصمهم أو بزعق لهم عشان يخافوا وما يكرروش ده تانى»، مؤكدة أن مشرفة «الباص» هى المسئولة الأولى والأخيرة عن الطلبة بمجرد تسلمهم من أسرهم وحتى وصولهم لمنازلهم مرة أخرى، وفقاً لكلامها.
وفى منطقة الظاهر بالقاهرة، كانت «إيفون ملاك»، 40 عاماً، تعمل مشرفة على أوتوبيس تابع لإحدى المدارس الخاصة للبنات منذ عام 2000، وتعمل على خط شبرا القريب من منطقة سكنها، حيث يبدأ يومها الساعة 6:30 وتصل إلى المدرسة فى الساعة 7:45 صباحاً، موضحة أنه خلال المقابلة الأولى للمشرفات مع إدارة المدرسة يُكلفن ببعض التعليمات إلى جانب سلامة الطلاب، أهمها التعامل مع أولياء الأمور بشكل محترم ويليق باسم المدرسة، وامتصاص غضبهم نتيجة التأخير لأى ظرف بالطريق، قائلة: «أول يوم فى الدراسة لأى بنت جديدة ولىّ الأمر بيركب معايا الأوتوبيس عشان يعرّفنى طريق البيت، وبعد كده بناخد أرقامهم وبنبقى على تواصل يومى بينا».
«دينا»: «معايا فى الأوتوبيس 14 طفل فى مراحل مختلفة وبتواصل مع أولياء الأمور قبل التحرك عن طريق جروب واتس آب»
وعن التنسيق فى العمل بين المشرفة والسائق، تقول «إيفون»: «هو مالوش دعوة بالبنات خالص، وأنا اللى ببقى حافظة الطريق لأن غالبية طلبة السنة دى هما بتوع السنة اللى فاتت، واللى ممكن يتغير السواقين بس، وبيقعد السواق أول أسبوع برضو لحد ما يحفظ الطريق»، موضحة أنه «أثناء مغادرة الطلاب للمدرسة تخرج المشرفة أولاً ثم وراءها الطلبة، وهناك بوابتان، الأولى مُخصصة لأولياء الأمور وتسلم بناتهم، والثانية للأوتوبيس»، متابعة: «عشان مايحصلش أى زحمة أو لخبطة وقت الخروج من المدرسة معوّداهم إن كل بنت كبيرة تمسك فى إيديها بنت صغيرة»، مؤكدة أنه «يجب تسليم البنت فى يد والدتها أو ولىّ أمرها، وإذا كان سيتسلمها شخص آخر غير والدتها تقوم بالتأكد عن طريق الاتصال تليفونياً بالأم»: «بواجه صعوبة فى التعامل مع طلاب السنة التمهيدى قبل سنة أولى حضانة، لأنهم بيبقوا لسة سنهم 4 سنين ومقضيين أول أسبوع كله عياط».
تتصل «إيفون»، بـ«ولىّ الأمر» صباحاً بمجرد الاقتراب من منطقة السكن، ولا تتعدى مدة الانتظار أمام المنزل 3 دقائق، حسبما أوضحت، قائلة: «بنديهم فرصة إنهم ينزلوا، ولو الطالبة مانزلتش يبقى هى خلاص كده مش جاية، وبالتعامل المستمر مع أولياء الأمور بقوا بيبعتوا رسايل من بالليل لو فيه أى ظرف والبنت مش هتيجى المدرسة»، مشيرة إلى أنه «فى أغلب الأحيان تكون الاختبارات فى الحصة الأولى والثانية، وبالتالى يغضب أولياء الأمور من التأخير»، موضحة: «بشتغل على خط شبرا، ومنطقة شبرا كلها مليانة مدارس وغصباً عننا بنتأخر فى الطريق لو فيه أى مشكلة».
أما عن حادث دهس الطفلة «مليكة» فأوضحت «إيفون» أنه «خطأ المشرفة فى المقام الأول لأن ذلك من صميم دورها، وليس السائق المختص بالقيادة فقط»، مضيفة: «بصراحة الحادثة دى ضايقتنى جداً وأثرت فيا، ورغم إنى طول عمرى مركزة فى الموضوع، وشغلى كويس لكن بقيت ببص جامد على الطلبة أكتر».
«مهنة المشرفة صعبة ومسئولية كبيرة، وأولياء الأمور بيأتمنونى على ولادهم ولازم أكون قد الأمانة»، بهذه الكلمات بدأت «شيماء مصطفى»، 35 عاماً، مشرفة بإحدى المدارس الابتدائية الخاصة بمنطقة روض الفرج، حديثها عن عملها كمشرفة «باص»، حيث إنها «تعمل بتلك المهنة منذ 7 سنوات، وذلك بعد قرارها بترك وظيفتها كأخصائية اجتماعية بإحدى المدارس الإعدادية الحكومية، والتى التحقت بها منذ تخرجها من معهد الخدمة الاجتماعية»، وقالت: «اخترت أكون مشرفة باص بدل الشغل فى المدرسة، لأنى هكون أقرب من الطلبة وبيكون فيه حركة أحسن من قعدة المكتب طول اليوم».
يبدأ عمل «شيماء» فى تمام السادسة صباحاً، منذ أن يصطحبها السائق إلى منازل الطلاب، من الأبعد مسافة للأقرب إلى المدرسة، حيث يقف السائق بالأوتوبيس أمام المنزل لتنزل منه، وتطرق على الباب مصطحبه الطالب إلى الأوتوبيس، معلقة: «نظرة قلق دايماً بتكون فى عيون أولياء الأمور وأنا باخد منهم ولادهم، ودايماً يقولوا لى خلى بالك منهم دول زى ولادك»». صعوبات كثيرة تقع على عاتق «شيماء» طوال الوقت، فهى مسئولة بشكل كامل عن الطلاب لحين عودتهم إلى منازلهم سالمين، قائلة: «بنزل بنفسى من الأوتوبيس وأوصل كل طالب لحد ولىّ أمره، وفى نهاية اليوم الدراسى بتأكد إن كل الطلاب وصلوا البيت، وبعدها بروّح». أما عن حادث دهس الطفلة «مليكة» فاتفقت «شيماء» فى الرأى مع سابقتها، قائلة: «المشرفة هى المسئولة.