أصدر مرصد الأزهر بياناً للرد على مقالى السابق: (فى جناح الأزهر كتاب يروج لداعش.. السليمانى مسئولاً)، والكتاب الذى قصدته هو: (استراتيجية داعش فى استقطاب الشباب)، وخلاصة ردهم أن كتابهم دراسة علمية، وأننى خلطت بين الرصد والترويج.
وأقول: تناول مقالى 4 نقاط محددة، رد المرصد على الأولى الخاصة بالترويج، وهرب من الثلاثة، وهى: أ- مؤلفات المرصد تتعمد عدم الربط بين داعش والإخوان، فـ«المرصد يمطرنا بمؤلفات عن داعش وبوكوحرام وليس له دراسة واحدة عن الإخوان. ج- علاقة المرصد بـ«محمد السليمانى» صاحب العلاقات بالتنظيم الدولى للإخوان (انظر مثلاً كلام القرضاوى فى مقدمته لكتاب: «المسالك فى شرح موطأ مالك» الذى حققه السليمانى).
1- أثق أن المرصد قصد بدراسته محاربة التنظيم، لكن طريقة التناول الخاطئة أدت إلى نتيجة عكسية، والقاعدة أن «المراد لا يدفع الإيراد» أو «حسن النية لا يبرر الخطأ»، وداعش والإخوان حسنت نيتهم فى خدمة الإسلام، ولكن طريقتهم شوّهت الإسلام.
ثم هل دور مرصد الأزهر تقديم دراسة للرصد سبقه بها مركز «المسبار» و«الأهرام» و«الإمارات».. إلخ؟، إذا كان الكل سيرصد، فمن الذى سيبين لنا موقف الإسلام؟! وعلى الأقل فإن المرصد كان عليه أن يدفع الدراسة إلى علماء الأزهر، لكن أن يعرضها على الجمهور بصورة مبسطة، وبسعر زهيد، فهذا خلط بين المستهدفين يؤدى إلى عكس المقصود، والتراث الإسلامى نفسه فيه مسائل لو عُرضت للجمهور صارت فتنة، ولو عُرضت للمتخصصين صارت علماً نافعاً.
2- الدراسات البحثية هى كتابات عميقة تُتاح للمؤسسات، ويقبل عليها المتخصصون فقط، لأنها مرتفعة السعر وشديدة التعقيد فى التناول، وأما الكتابات التى تُعرض للجمهور العادى فى معرض الكتاب وبصورة مبسطة وبسعر زهيد فهذا ترويج، وهو ما حدث فى دراسة المرصد.
وإذا كانت دراستهم رصداً وليست ترويجاً، فما فائدة بيعها للعامة بسعر زهيد؟ هل العامة يحتاجون للتعرف على مواقع ومجلات داعش؟ وماذا لو أن شاباً قرأ فى ص13 من الكتاب هذا النص: (ومجلة.. تتحدث عن إنجازات تنظيم داعش وما يقدمه للمسلمين، وتوعية الناس بإقامة شرع الله وبقضايا الخلافة وأهميتها وأهدافها ودورها فى إحقاق الحق)، هل يكفى الرد الذى جاء ص84 (أى بعد 71 صفحة) ليقول: يجب أن تكون المواجهة على مختلف الأصعدة؟!! والذى يريد نصوصاً أخرى فليراجع من ص11- 25، وص36، 41، 42. (ملحوظة: اعتراف أناس من المرصد العام الماضى بخطورة هذا الكتاب والإيميلات موجودة يمكن عرضها عند التحقيق فقط حفاظاً على السرية).
3- إليكم نماذج لدراسات رصدت التنظيمات بمنهج بحثى وصفى لا سطحى ترويجى، (الفكر الإسلامى الجهادى) لـ«مختار قنديل»، و«أحمد عبدربه»، ودراسة: (العنف الدينى فى مصر)، للدكتور «محمد حسين أبوالعلا»، و(تأثير التحولات الاجتماعية والاقتصادية على انتشار ظاهرة العنف) لـ«حنان عبدالمجيد»، استخدمت فيها المنهج التاريخى ومنهج تحليل المضمون ومنهج المسح الاجتماعى، و(العوامل المجتمعية لظاهرة العنف بين طلبة الجامعات)، لـ«فرج فراج»، وأما الدكتور «عبدالحكيم حامد» فى دراسته: (أئمة التكفير) فتناول حجج التكفيريين، وأتبع كل حجة بمناقشة تبين انحرافها، كما أن دار الإفتاء لها دراسة عن التنظيمات الإرهابية، ومواقعها وكتبها وانتشارها ومرجعياتها، لكنهم تنبهوا للفرق بين المنهج الوصفى وبين الترويج، فمنعوا تداول الدراسة إلا لخاصة المتخصصين.
ودراسة المرصد نفسها فعلت ذلك فى ص 74-83، حيث تناولت تجنيد داعش للأطفال، دون ذكر مجلاتهم، ثم ردت بحديث نبوى مبينة خلل المنطلقات الشرعية التى اعتمدوا عليها فى تجنيدهم للأطفال، لكن المرصد لم يستمر على هذا المنهج فى دراسته؟ كما لم يذكر مجلة «نور» للأطفال كبديل لاستقطابات داعش، مع أنها مجلة من أروع ما أصدره الأزهر، ربما نسوا ذكرها.
4- لماذا تعمدتم عدم الربط بين فكر الإخوان وداعش، مع أن الإخوان هم منبع كل هذه التيارات؟
5- الشباب يُقر بأن داعش وبوكوحرام تنظيمات إرهابية، فلماذا الكتابة الكثيرة حول ما هو واضح معلوم، والامتناع عن الكتابة حول الإخوان، وهم موضع الحيرة والاضطراب لدى الشباب؟! هل شبابنا يحتاج دليلاً لإثبات أن داعش تنظيم إرهابى؟!! هل رصدتم فى مرصد الفتوى حالة واحدة ملتبس عليها أمر تنظيم داعش؟ إن المرصد بهذا يلعب لعبة خطيرة إذ يجعل صفة الانحراف والإرهاب تنصرف لدى ذهن المتلقى إلى داعش، وينجو منها الإخوان بكل سهولة!!.