القدر لعب لعبته: «عماد» رفض يتجوز وفاءً لـ«حكمت» كان بيشوف وشها فى كل عروسة.. فى النهاية اتجوزوا
صورة تعبيرية
يُخرج عماد سالم من جيب قميصه الأمامى عدة صور لنفس الفتاة فى أعمار مختلفة: «دى لما كانت بتحبنى، ودى لما كبرت شوية، وهى أم، دلوقتى لما بقت جدة»، لم يكف يوماً عن حبه لها، ظل هكذا طوال سنوات، يحتفظ فى قلبه بالذكريات والحب والأشواق، لم ينقطع يوماً عن السؤال عن حبيبته التى لم يمهله القدر العيش معها تحت سقف واحد، تعرف عليها لأنها جارته، سكنت فى بيت تطل شرفته على نفس الشارع من الجهة الأخرى.
يتباهى «عماد» بأن «الحتة كلها كانت عارفة بحبنا لبعض»، لم يخف يوماً شعوره نحوها، أو يشعر بالعار تجاه الإحساس الذى ولد منذ كان مراهقاً وكبر وشاخ معه حتى بعد أن تجاوز الـ55 عاماً: «دى بقى حكمت، أقولك حاجة، ماحبتش حاجة ولا حد فى حياتى غيرها، أنا حتى ماتجوزتش عشان بحبها»، كان الحب الطفولى هو المسيطر فى فترة المراهقة، المقابلات والتلويح لبعضهما البعض من البلكونة، توصيلها سيراً إلى بيت خالتها وعمتها.
تخرج «عماد» وأصبح مهندساً فى إحدى الشركات، مات والده بينما كان صغيراً، وقف حاجزاً أمام توفير نفقات الزواج، تقدم لخطبة حكمت عبدالوارث، لكن ظروفها كانت مشابهة بسبب موت والدها، واضطرت والدتها لتربيتها وحيدة، لذا كانت تريد لابنتها زوجاً غنياً يوفر لها كل ما تريد ويفيض «أنا ماكنتش فقير خالص، بس ماكانش لسه عندى شقة ولا عربية ولا فلوس محوشها»، رفضت الأم «عماد» أول مرة تقدم فيها، وتقدم الثانية والثالثة، ورفضته أيضاً.
والدة «حكمت» حينئذ أجبرتها على عدم رؤية «عماد» مرة أخرى، أصبح اللقاء مشوشاً من البلكونة فقط، رغم ذلك لم يعرف اليأس طريقه لقلب الشاب، ظل يراقبها من بعيد، ويسأل القريب والصديق عن أحوالها، حتى جاءه النبأ الذى فطر قلبه، «حكمت» اتخطبت وستتزوج فى أقرب وقت، حاولت والدته وشقيقته التخفيف عنه بعرض عليه أكثر من عروسة، فقد أصبح يمتلك شقة وسيارة ويمكنه الزواج من أى فتاة يرغب فيها، لكنه لم يفعل.
«فى كل مرة بشوف عروسة، بلاقى حكمت فيها، قلت لأ مش هظلم حد معايا، منهم واحدة استحملتنى كتير، وقالتلى لو مش هتبطل تدور عليها فيا هتحبنى أنا، ساعتها عرفت إنها مرض ملازمنى طول عمرى»، طوال تلك السنوات، أحب «عماد» «حكمت» وكان يحادثها من وقت لآخر تليفونياً، احتفظ معه بصورها فى كل مراحل عمرها، وهى من جانبها لم تقطع حبل الوصال معه، وكان هو أول من ساندها عند موت زوجها، فلم يستطع أن يرى حبيبة عمره فى ضيق حتى لو كان بسبب رجل آخر.
عندما تعرّف على أبناء حبيبته كانت سنه نحو 45 عاماً، وأصبح يودهم، ويسأل عنهم تليفونياً، تجاوز حبه الحد، وأصبح فى موضع المسئول عنها وعن أولادها، حضر لهم مناسبات مختلفة، من زواج وخطوبة، تمنى لو كان أباً لهم، لم يؤسس أسرة، لكنه اعتبر حبيبته هى كل دنياه، لا يزال يعيش الذكريات، ويصنع حاضره معها ومع أولادها بشكل أكثر إنسانية ومسئولية عن ذى قبل، ورغم أنه لم يتزوجها أمهله القدر فرصة أن يكون بجانبها من جديد، هكذا عاشت قصة حبه.