م الآخر| تقاطع قاهري (15).. حيرة وحقد
ودع عز أمه وأخته صفا، وأخذ جزءًا من الأموال الموجودة في البنك، وقرر السفر إلى إيطاليا.. وذهب إلى شط قريب من الإسكندرية، حيث يخرج القارب الذي ينقله إلى إيطاليا.. العملية مضمونة جدًا، هناك مئات الشباب سافروا إلى إيطاليا، وعادوا الآن وشيدوا العمارات واقتنوا أفضل السيارات.
قابل عز صديقه أحمد الذي كان يتدرب معه في الصالة، وعرفه على عدد من الشباب سافروا وعادوا، وعن طريق المقاول الذي يقوم بإرسالهم إلي إيطاليا، كانت العملية فيها بعض المخاطر، وقيل له إن عثرت عليه الشرطة الإيطالية لا يقول أنه مصري!، فقط يستطيع أن يقول أنه فلسطيني أو عراقي، وعليه ألا ينسى أن يتخلص من أي شئ يثبت شخصيته، لأنهم لو علموا أنه مصري، فسوف يعيدونه مرة أخرى إلى مصر.
وهناك سيكون في انتظاره "س" و" ج" من الحكومة، وعقاب قاسي ومعاملة غير آدمية، وبالطبع لن يستطيع الخروج من مصر بعدها مرة أخرى.. إلا بأعجوبة، أما لو تمت الرحلة على خير إن شاء الله، فسوف يذهب إلى شريك المقاول في إيطاليا، وسوف يجد له عمل، وسوف يكون الراتب باليورو، وسوف يحصل في الشهر لو كان مجتهدًا، على ما يقدر بنحو عشرة آلاف جنيه مصري.
وكانت أهم نصيحة هي.. لا تنسى أن الحياة في إيطاليا غير مصر تمامًا، والبنات والسوق والأكل كل شيء هناك يختلف عن مصر، فالبنات هناك أكثر حرية ويكفي ملامحهم الأوروبية، وعليه أن يجيد التعامل مع الجميع.. حتى لو لم يكن يملك أدنى خبرة في هذا.
جاء صبري إلى الصالة في غير موعده، وكان حاتم يتدرب مع مجموعة من رواد الصالة، بينما كان جهاز الفيديو يعمل وبه شريط يعرض فيلم لبطل عالمي من أبطال كمال أجسام، وكانت معه امرأة ترتدي ملابس البحر تساعده وكان اللاعبين سعداء جدًا بالفيلم.
غضب صبري بشدة من عرض هذا الفيلم، خاصة بعد تحوله الديني المفاجئ على يد الشيخ محمود،
وهذا زاد من احتقان الأمور بينه وبين حاتم.. إن تدين صبري المفاجئ يعوق حياة حاتم، وطموحاته، فلم يعد صبري وحاتم متفاهمين مثلما كانا من قبل، كل واحد الآن يسير في طريق عكس الآخر تمامًا!.
صبري بدأ يفكر في أن يعين صديقه الملتحي (محمود) مكان حاتم، لأنه يحتاج إلى عمل إضافي كما أنه يثق فيه الآن عن حاتم، والصالة لم تعد في حاجة إلي حاتم مثل بدايتها، بعدما اكتسبت شهرة كبيرة في الحي الذي يقيمون فيه، والوضع الآن أمام حاتم في أسوأ حالاته، الذكورة سوف تختفي منه قريبًا!، والده مدمن!، بل وطرده من البيت لأنه دافع عن أمه، التي كان يعتدي عليها بالضرب المبرح، أمه مغلوبة على أمرها.. في الكلية لم يعد يوجد أمل في أن يحصل على الشهادة، لا توجد لديه علاقات مع البنات كما كان يتمني ويحلم،
وقريبًا لن يوجد أمل أن يجد أي بنت يرتبط بها.
حتى صفا تحب شاب ضعيف البينان، حاول أن يقترب منها كثيرًا ولكنها ترفضه، وضع لها جواب في عمود النور، وتعمد أن يريها أنه يضع لها الجواب، وأشار لها أن هذا الجواب لها ولكنها لم تأخذه، فقد تجاهلت الجواب وتجاهلته تمامًا.. وفي مرة أخرى، حاول حاتم أن يقترب من صفا في الميكروباص، ركب معها ودفع لها ولكنها أحرجته، واتهمته أنه يعاكسها وأنها لا تعرفه، وهذا رغم أنها تعرفه جيدًا وتعرف اسمه بالطبع،
وتدرك أنه يعمل لدى صبري، الأخ الأكبر لطارق، وهو أيضًا كان زميل عز أخيها في الكلية.
صار حاتم يحقد على طارق الذي تحبه صفا ويرى أنه طفل، ولا يعرف ماذا يعجبها في هذا الطفل الذي يدرس معها في مركز الدروس الخصوصية، بالرغم أنه يدرك انه الأخ الأصغر لصبري.. الأفكار صارت متعبه في رأسه، فقط يدرك أن ذلك الطفل على الأقل، سوف يكون رجلًا لا يعاني مما يعانيه هو الآن.
نزلت الدموع الغزيرة من عين حاتم، لم يعد لديه مكان ينام به الآن إلا صالة كمال الأجسام، ولكن لا بد أن يكون الموضوع بدون علم صبري، ولا بد أن يراضي صبري حتى يظل يعمل في الصالة.