في ذكرى «ثورة 17 فبراير».. لا حماس في ليبيا للاحتفال برحيل القذافي
ارشيفية
حلت اليوم ذكرى ثورة 17 فبراير 2011 التي أطاحت بانقلاب العقيد المستبد معمر القذافي على النظام الملكي في ليبيا أو ما سمي "ثورة الفاتح" من سبتمبر ليضع عدد من الثوار نهاية لعقود من حكمه المثير للجدل، وهي نهاية وضعت عبرة للدكتاتوريات، فالرجل الذي تغنى بكونه ملك ملوك إفريقيا وعميد الحكام العرب مات "مطعونا" و"مخزوقا" بعد العثور عليه مختبئا في "مواسير" وانفاق الصرف الصحي.
وقالت وكالة "فرانس برس" في تقرير لها في ذكرى الثورة، إن الليبيين عند انتفاضتهم على نظام الراحل معمر القذافي المستبد، كان الليبيون يحلمون بدولة عصرية وديمقراطية، لكن بعد 8 سنوات، لا يلوح ضوء في آخر النفق وسط استمرار لفوضى لا حل لها في الافق، ولفتت إلى أنه رغم غياب أدنى رغبة في الاحتفال ببدء الانتفاضة في 17 فبراير 2011 في سياق أحداث الربيع العربي، لا يبدي كثير من الليبيين أسفاً على عهد القذافي.
ومنذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي في خريف 2011، تشهد ليبيا صراعًا معقدًا على السلطة بين عدة حكومات وشرعيات متناقضة في الشرق والغرب، والعديد من المجموعات المسلحة والقبائل التي تعد المكون الاساسي للمجتمع الليبي، المنقسم سياسيا إلى عدة اقاليم، ترتكز فيه سلطة الحكومة الناتجة عن اتفاق الصخيرات في الغرب فيما يعرف بحكومة الوفاق التابعة للمجلس الرئاسي المعترف به دوليا، جنبًا إلى جنب مع سيطرة الميليشيات المسلحة، وحكومة طبرق أو الحكومة المؤقتة ومجلس النواب في المنطقة الشرقية ويدعمها الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة بلقاسم حفتر، لتغرق المنطقة الجنوبية في حالة غياب الدولة والسيطرة القبلية.
ويحاول حفتر، مد نفوذه مع شنه منتصف يناير الماضي حملة في جنوب البلاد الصحراوي الشاسع المهمش من السلطات الانتقالية المتعاقبة والذي بات ملاذا للمهربين من كل نوع وللاسلاميين المتطرفين، بحسب "فرانس برس".
وقالت كلاوديا جازيني المحللة في مركز الأزمات الدولية "تتفاقم الانقسامات السياسية والعسكرية في ليبيا وفشلت حتى الان الجهود لجمع الاطراف المتنافسة حول طاولة واحدة، لا توجد وصفة سريعة لحل الأزمة الليبية".
وأضافت المحللة "كل جهد يهدف لتوحيد ليبيا يحتاج استراتيجية شاملة تجمع الأبعاد السياسي والأمني والاقتصادي".
وقالت "جازيني" للوكالة الفرنسية، "حتى الآن تم تفادي كل تصعيد لكن خطر الانتقام لازال ماثلا والتحالفات مع القبائل المحلية يمكن ان تكون هشة".
وبينما تهدف الحملة التي يقودها المشير حفتر إلى "تطهير" جنوب ليبيا "من الارهابيين والمجرمين" وكذلك من مجموعات تشادية متمردة تنشط في المنطقة، فإن حكومة الوفاق لم تعارض تلك التحركات التي تبدو مدعومة من فرنسا وسيما انها الداعم الأول لجار ليبيا الجنوبي التشاد، حيث تستغل بعض مجموعات المتمردين التشاديين حالة الفوضى الليبية كمرتكز وملاذ آمن لعملياتهم ضد نظام ادريس ديبي، وذلك في الوقت نفسه الذي يسعى فيه المجتمع الدولي لإجراء انتخابات خلال العام 2019، وهو الطرح المدعوم فرنسيا في نفس الوقت.
وتنذر العمليات العسكرية بتخريب الجهود الرامية لانهاء الأزمة السياسية الليبية مع محاولة جديدة لتنظيم انتخابات في 2019 كما تعتزم الأمم المتحدة، بحسب "فرنس برس".
لكن قبل الاقتراع تحاول الامم المتحدة تنظيم "مؤتمر وطني" للحوار كان مقررًا في الأساس بداية 2019، ويستهدف الحوار المزمع التوصل إلى توافق جديد بشان خارطة طريق تشمل جدول زمني وطني لاعادة بناء دولة مدنية ليبية موحدة.
وكما هو حال الصراع الداخلي في ليبيا فإن القوى الإقليمية والدولية أيضًا متصارعة حول ليبيا، فمن بينهم من يريد الفوز بنصيب الأسد في صفقة إعادة الإعمار بعد 8 سنوات من التخريب، ومنهم من يبحث عن تمدد على شواطئ المتوسط، بينما يبحث آخرون عن موارد البلد النفطي، فيما يسيطر على أوروبا هواجس الهجرة غير الشرعية التي باتت ليبيا معبرها الأول في القارة الإفريقية.
وتدعم كل قوة إقليمية طرف في ليبيا ففي الوقت الذي تركز فيه قطر وتركيا تحركاتها على المنطقة الغربية عبر دعم الميليشيات من بوابة حضورها وعلاقاتها مع حكومة الوفاق، فإن مصر ودول الخليج تتمسك برفض التدخلات الخارجية ودعم الجيش الوطني الليبي والوصول لتوحيد المؤسسات عبر الحل السياسي المعتمد أمميًا.
وتمثل ليبيا مادة غنية للخلاف الأوروبي الاوروبي بين روما وباريس، ففي الوقت الذي تتعجل فيه فرنسا تنظيم انتخابات عامة في البلاد، ترى روما أولوية للحوار الوطني والتوافق على اعتبار أن ليبيا جربت بالفعل الانتخابات، ولم تفلح في حلحلة الوضع المتردي ولا توحيد مؤسسات الدولة المنقسمة بين شرعيات موازية وكيانات حاكمة بالأمر الواقع.