يعتبر إقرار عشرين مليوناً من المصريين، أصحاب الوطن، لدستور 2014، بأغلبية تصويت غير مسبوقة، علامة فارقة على طريق إعادة بناء الوطن وتأسيس دولة الديمقراطية والمواطنة وسيادة القانون.
ومن أجل ألا يقتصر الدستور الجديد على مجرد وثيقة تاريخية يحتفل بها المصريون ضمن أعيادهم الوطنية، يصبح تفعيل مواد الدستور والمبادئ التى تضمنها هو أهم أولويات العمل الوطنى من أجل تحقيق أهداف ثورتى 25 يناير و30 يونيو.
وتتضمن قائمة الأولويات المطلوب إنجازها على وجه السرعة، تفعيل ما نصت عليه المادة رقم 237، التى تلزم الدولة بمواجهة الإرهاب، بكافة صوره وأشكاله، وتعقب مصادر تمويله، باعتباره تهديداً للوطن والمواطنين، مع ضمان الحقوق والحريات العامة، وفق برنامج زمنى محدد، وأن ينظم القانون أحكام وإجراءات مكافحة الإرهاب والتعويض العادل عن الأضرار الناجمة عنه وبسببه.
ويقيناً أن إرهاب جماعة الإخوان الإرهابيين هو المشكلة الرئيسية والتحدى الصارخ الذى يواجه مصر منذ عزل الرئيس الإخوانى محمد مرسى وحتى اليوم. ومع خضوع الحكومة الحالية للضغط الشعبى وإعلانها جماعة الإخوان «جماعة إرهابية» بعد تردد طال إلى ما يقرب من أربعة أشهر، ومع ذلك لم تبادر الحكومة إلى ترجمة هذا القرار إلى ما يحقق رغبات المواطنين، التى عبر عنها الدستور الجديد، ونص عليه بإلزام الدولة بوضع «برنامج زمنى محدد» لمجابهة الإرهاب ومكافحته وتجفيف منابعه الفكرية وقدراته التنظيمية وتعقب مصادر تمويله.
إذ لا يزال الإرهابيون من تلك الجماعة الناشزة والمعادية للوطن والمواطنين يروعون الآمنين ويسفكون دماء الأبرياء ويحيلون جامعات مصر إلى ساحات حرب وتدمير لكل القيم الإنسانية، وما تزال الجماعة الإرهابية تعلن عن نواياها الشريرة ومشروعاتها الآثمة لتحويل احتفالات مصر بالذكرى الثالثة لثورة 25 يناير إلى حرب أهلية، بعد فشلها فى إفشال الاستفتاء على الدستور يومى 14 و15 يناير الحالى.
ولعل فى قرار مجلس الأمن رقم 1373 الصادر فى عام 2001 والمنشور على الموقع الرسمى لهيئة الاستعلامات «المصرية» ما يساعد حكومة د. الببلاوى على إدراك المقصود ببرنامج مكافحة الإرهاب!
ويتلخص أهم ما جاء به ذلك القرار، الصادر فى أعقاب العملية الإرهابية التى طالت برج التجارة العالمى فى مدينة نيويورك فى 11 سبتمبر 2001، فى إعرابه عن بالغ القلق إزاء تزايد الأعمال الإرهابية بدافع من التعصب أو التطرف، فى مناطق مختلفة من العالم، ومناشدة جميع الدول العمل معاً على نحو عاجل لمنع الأعمال الإرهابية والقضاء عليها، بما فى ذلك التعاون المتزايد والتنفيذ الكامل للاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالإرهاب.
وقد أكد قرار 1373 على المبدأ الذى أرسته الجمعية العامة أنه من واجب كل دولة عضو أن تمتنع عن تنظيم أى أعمال إرهابية فى دولة أخرى أو التحريض عليها أو المساعدة أو المشاركة فيها أو قبول أنشطة منظمة فى أراضيها بهدف ارتكاب تلك الأعمال، تلك الأعمال التى يتم التصرف حيالها بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وقد طالب مجلس الأمن فى قراره المشار إليه جميع الدول بمنع ووقف تمويل الأعمال الإرهابية وتجريم قيام رعايا هذه الدول عمداً بتوفير الأموال أو جمعها، وعدم السماح باستخدام أراضيها فى أعمال إرهابية، والقيام بدون تأخير بتجميع الأموال وأى أصول مالية أو موارد اقتصادية لأشخاص يرتكبون أعمالاً إرهابية، أو يحاولون ارتكابها، أو يشاركون فى ارتكابها أو يسهلون ارتكابها، أو لكيانات يمتلكها أو يتحكم فيها بصورة مباشرة أو غير مباشرة هؤلاء الأشخاص، أو لأشخاص وكيانات تعمل لحساب هؤلاء الأشخاص والكيانات، أو بتوجيه منهم، كما حظر القرار على رعايا جميع الدول أو على أشخاص أو كيانات داخل أراضيها إتاحة أى أموال أو أصول مالية أو موارد اقتصادية أو خدمات مالية أو غيرها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، للأشخاص الذين يرتكبون أعمالاً إرهابية أو يحاولون ارتكابها أو يسهلون أو يشاركون فى ارتكابها، أو للكيانات التى يمتلكها أو يتحكم فيها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة هؤلاء الأشخاص، أو للأشخاص والكيانات التى تعمل باسم هؤلاء الأشخاص أو بتوجيه منهم.
ويمنع القرار جميع الدول من تقديم أى شكل من أشكال الدعم، الصريح أو الضمنى، إلى الكيانات أو الأشخاص الضالعين فى الأعمال الإرهابية، وعدم توفير الملاذ الآمن لمن يمولون الأعمال الإرهابية أو يدبرونها أو يدعمونها أو يرتكبونها، ولمن يوفرون الملاذ الآمن للإرهابيين، ومنع من يمولون أو يدبرون أو ييسرون أو يرتكبون الأعمال الإرهابية من استخدام أراضيها فى تنفيذ تلك المآرب ضد دول أخرى أو ضد مواطنى تلك الدول.
والسؤال الذى يطرحه المواطنون الذين يعانون من إرهاب الجماعة، هو ما الذى يمنع الحكومة الببلاوية من وضع البرنامج الكفيل بمكافحة الإرهاب على نمط ما جاء بقرار مجلس الأمن؟ وما الذى يعطلها عن مطالبة الدول الداعمة لإرهاب الجماعة بضرورة الانصياع لذلك القرار وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية وفى مقدمتها بريطانيا، وقطر وتركيا؟ وما الذى يحول بين الحكومة الببلاوية وبين الطلب إلى مجلس الأمن بتطبيق ما نص عليه الباب السابع من ميثاق الأمم المتحدة ضد تلك الدول التى تدعم وتمول وتؤوى الإرهابيين الهاربين من مصر والذين يديرون حربا إرهابية مستمرة ضدها من تلك الدول التى توفر لهم ملاذاً آمناً؟!
حمى الله مصر من ارتعاش الحكومة الببلاوية وترددها!