بالفيديو| «الوطن» تحاور «حلاوتهم» من داخل «الحسين الجامعي»: «مبنمش من وقت الحادث»
«الوطن» تحاور «حلاوتهم» من داخل «الحسين الجامعي»: مبنمش من وقت الحادث
همهمات بسيطة تصدر بهدوء داخل غرفة الرعاية المركزة بمستشفى الحسين الجامعي، تجذب أذن الجميع فور دخولهم، ليجدها تردد "الحمد لله.. الحمدلله" بصوتها المتهالك المتقطع، بعد نجاتها من الحادث الإرهابي الغاشم بالدرب الأحمر، قبل أيام.
في غضون ثوان بسيطة، تحولت حلاوتهم زينهم، 44 عاما، من سيدة مصرية بسيطة "على قد حالها"، على حد وصفها، لأشهر امراة بمصر، باسم "حاملة الأكياس"، بعد أن تصدرت فيديو التفجير.
"كأني مت وحيت تاني".. تعبير وصفت به ابنة المحلة الكبرى، حالتها بعد الحادث، فلم تصدق ما تعرضت له أو كيفية نجاتها منه، قائلة: "كنا بنسمع عن الإرهاب والحوادث والناس اللي بتروح فيه، بس السمع حاجة وأنك تبقى في الحادثة نفسها حاجة تانية خالص، عمري ما تخيلتها".
علامات الإرهاق والحزن المختلطين بالفزع، مازالوا تاركين آثارهم بشدة حتى الآن، لدي السيدة الأربعينية، "أنا مبعرفش أنام لحد دلوقتي، حتى لو روحت في أحلى نومة، صوت الفرقعة بيجي في وداني، ومنظر الدم والأشلاء اللي فوقت لقيتها حواليا بترعبني"، وهو ما جعلها مصابة بخوف وألم نفسي ضخم في نفسها حتى اللحظة الحالية، يشعرها أنها غير قادرة على الخروج مرة أخرى من المنزل والسير بالشارع ذاته.
خطوات بسيطة كتبت عمر جديد لحلاوتهم، المقيمة بحارة الدرديري منذ 23 عاما عقب تزوجها في منزل عائلة زوجها، حيث فصلتها عن الإرهابي الذي فجر نفسه بعد أن هجم عليه أمين الشرطة أبو اليزيد، وهو ما جعلها تفقد الوعي سريعا، قبل أن يهرول إليها الأهالي بالشارع لإفاقتها ظنا منهم أن الانفجار ناجم عن "أنبوبة"، لتجد بجوارها ذراع أحد الضحايا، لتعلم أنه حادث إرهابي فور وصولها المستشفى مساء الاثنين الماضي.
فور استعادتها لوعيها اتصلت سريعا بجارتها التي كانت آخر من تواصلت معها لشراء أطعمة المنزل قبل نزولها، حيث قالت إنها "نزلت أجيب طلبات ليا وليها للبيت من تحت، واسأل على حاجات لجهاز بنتي الكبيرة اللي هتتجوز"، لتخبرها بصوت متهدج "الحقيني أنا بموت"، حيث فقدت حلاوتهم حينها الإحساس بقدميها وظهرها، لتكتشف لاحقا إصابتها بشظية أسفل الظهر وكسر بالقدم.
بعد تقديم الرعاية الطبية لها وحديث الأطباء والضباط معها ومشاهدتها لفيديو الحادث، لم تصدق الأم ما رأته وتعرضت له، "مصدقتش اللي حصل، ربنا وحده اللي نجاني"، موضحة أنها لم تتخيل يوما أن يحاول الإرهابي تفجير منطقة شعبية بسيطة لهذه الدرجة، "كل الناس في المنطقة طيبين وعلى قدهم محدش له دعوة بحاجة".
رغم إقامة الإرهابي في المنطقة نفسها، إلا أن حلاوتهم التي كانت تعمل خياطة في أحد مصانع الملابس، لم تشاهده على الإطلاق أو سمعت عنه.
مساهمات ومساعدات خيرية عديدة سمعت عنها الأم الأربعينية بمنح جهات لها من غرفتها بالمستشفى، ولكنها رغم ذلك غلبتها دموعها بينما تحاول استيعاب ذلك، قائلة: "كتر خيرهم، بس إيه كان ينفع الواحد لو عمره راح، وده ميسواش حاجة جمب اللحظة اللي عيشتها دي، روح البني آدم غالية عند ربنا ورخيصة عند الإرهابيين".
هرولت والدة حلاوتهم المريضة من مسقط رأسها بالبلينة في المحلة الكبرى، مع أسرتها لزيارتها بالمستشفى، كما فوجئت أيضا بالعديد من الأهالي والجيران الذين حرصوا على زيارتها بالحسين الجامعي، وهو ما كسر بداخلها الخوف والقلق، فضلا عن زيارة وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، ومحافظ القاهرة اللواء خالد عبدالعال والعديد من قيادات الداخلية الذين حرصوا على تقديم كل المساعدات والاهتمام لها.
قبل الحادث، كانت حلاوتهك تمارس يومها بشكل عادي كغيرها من السيدات المصريات "اللي على قد حالهم"، وفقا لوصفها، فكانت تقوم بواجباتها المنزلية وتهتم بابنتيها وخاصة الصغرى المريضة، وتذهب لشراء احتياجاتها وجارتها الكبيرة بالسن، فلم تتوقع أن تتصدر صورتها الأخبار والصحف المصرية والعالمية يوما، مضيفة: "كل ده مش فارق معايا، أنا مت وحيت وربنا رجعني للدنيا تاني".