خبراء اقتصاد يتهمون القطاع الخاص بالتقاعس عن مواكبة التنمية ويطالبون الدولة بتوفير «بيئة تكنولوجية» لجذب مستثمرى «العصر الذكى»
اهتمام بالابتكارات للمساهمة فى التنمية
اتهم خبراء الاقتصاد رجال الأعمال بالتقاعس عن دورهم فى عمليات التنمية المرتبطة بالثورة الصناعية الرابعة، لافتين إلى أن السوق المصرى تسيطر عليه الاحتكارات الأجنبية، والمستوردون وبائعو سلع «الثورات الصناعية الأولى والثانية والثالثة»، فى الوقت الذى ظهر فيه المصنع الذكى والسيارة ذاتية القيادة والتليفون والسماعة الذكية وانتشار الطباعة ثلاثية الأبعاد.
ورأى الخبراء أن «الدولة يقع عليها بالتوازى مع القطاع الخاص ورجال الأعمال دور رئيسى فى عملية التنمية واللحاق بقطار الثورة الصناعية الرابعة»، لا سيما أن هذه الثورة تعتمد على الابتكارات الحديثة والبحث العلمى، وهو الأمر الذى يستدعى إنشاء مراكز أبحاث ومدن علمية تخرج عنها منتجات تنافس ما أنتجه العالم خلال السنوات السابقة، لافتين إلى أن أغلب الشركات العملاقة تنفق على البحث العلمى، وتنشئ مراكز أبحاث خاصة بها لمواكبة الثورة، وهو الأمر الغائب عن فكر وعقل القطاع الخاص واتحاد الصناعات.
وأشار الخبراء إلى أن مصر تواجه تحديات كبيرة إدارية وتكنولوجية تعوق عمليه اللحاق بالثورة الرابعة، ومن ضمنها خدمات الإنترنت والاتصالات التى تُعتبر «ضعيفة»، وعليها زيادة ميزانية البحث العلمى والمعامل، وبالرغم من الجهود التى تبذلها الحكومة منذ مطلع عام 2019 فى عملية التحول الرقمى وهو أحد أعمدة «الثورة الصناعية الرابعة»، وذلك بعد أن أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أكثر من مؤتمر ولقاء رسمى عن ضرورة إنهاء كافة خدمات المواطنين إلكترونياً عن طريق التحول الرقمى، إلا أن هذه المجهودات تحتاج إلى تعظيمها لكى تستطيع مصر أن تنتج منتجات منافسة لـ«الروبوت» وتنشئ مصانع ومدارس ومطاعم وفنادق ذكية وآلات طباعة ثلاثية الأبعاد.
«عبدالفتاح»: السوق تغلب عليه الاحتكارات الأجنبية الرافضة لتطوير أجهزة الدولة.. وعلى «القطاع الخاص» إنشاء مراكز علمية مثل الشركات العالمية
وتبدأ الحكومة خطة التحول الرقمى من بورسعيد، حيث بدأت وزارة الاتصال بتشغيل 22 ميكنة خدمة من الخدمات التى تهم المواطنين. وحسب تصريحات خالد العطار، نائب وزير الاتصالات، فإنه بعد تحويل بورسعيد إلى مدينة ذكية قبل نهاية 2019، سيتم الانطلاق إلى باقى محافظات الجمهورية. وتأتى «العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة وشرق بورسعيد الجديدة» على رأس المدن الذكية التى ستشهدها مصر خلال الأعوام المقبلة، على غرار «طوكيو وبكين ودبى وأبوظبى»، وتعمل المدن الذكية بنظام إلكترونى شبه شامل، كما يتم إنشاء مصانع وفنادق ومطاعم ذكية بداخلها تستخدم الروبوت لتقديم الخدمة للمواطنين، كما تنتشر السيارات الكهربائية والأوتوبيسات ذاتية القيادة فى مثل هذه المدن.
وقال الدكتور فرج عبدالفتاح، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، إن «السوق المصرى تغلب عليه الاحتكارات الأجنبية التى ترفض لحاق مصر بقطار الثورة الرابعة، وتحارب أن يكون لها نسبة من الصناعة العالمية الذكية حتى نظل مستهلكين للمنتجات القديمة، وهى من بقايا الثورة الصناعية الثالثة»، لافتاً إلى أن رجال الأعمال المصريين ينتظرهم دور حقيقى فى عملية التنمية التى تواكب ثورة التكنولوجيا والمعلومات والعصر الذكى.
وطالب «عبدالفتاح»، فى تصريحات لـ«الوطن»، مستثمرى القطاع الخاص بإنشاء مراكز علمية مثلما تفعل الشركات العالمية لكى يستطيعوا أن يدخلوا عصر التصدير التكنولوجى، وهو الأمر الذى سيعود عليهم بأرباح عالية جداً، وسيقلل من فاتورة الاستيراد والاعتماد على الدولار والعملات الأجنبية، وسينقل مصر لعالم التصنيع الذكى، متمنياً أن يصنع رجال الأعمال «روبوت مصرى» وينشئوا مصانع ذكية ويعملوا على صناعة سيارات وأوتوبيسات كهربائية وذاتية القيادة.
وأكد أستاذ الاقتصاد أن «رجال الأعمال فى حاجة لدفعة قوية، وعليهم دور هام بهدف نقل الاقتصاد إلى مستوى أفضل»، وتابع: «نحن فى حاجة لأن ندخل عصر التنمية الحقيقى، وأن يثبت رجال الأعمال المصريون دورهم الوطنى، وأن يدخلوا سوق التنافسية العالمية فى أقرب وقت ممكن».
«دلاور»: الدول المتخلفة عن عمليات التنمية المرتبطة بالثورة الصناعية «ستختفى من التاريخ».. ومن الممكن أن يصل سعر الدولار بعد 20 عاماً لـ«1000 جنيه مصرى».. والعبء الرئيسى فى التحديث يقع على «اتحاد الصناعات»
وحذر شريف دلاور، الخبير الاقتصادى، من تبعات عدم اللحاق بعمليات التنمية المرتبطة بالثورة الصناعية الرابعة، لافتاً إلى أن الدول التى لن تلحق بهذه الثورة ستختفى من التاريخ، ومن الممكن أن يصل سعر الدولار بعد عشرين عاماً إلى «ألف جنيه مصرى» لو لم يتحول رجال الأعمال المصريين من الفكر الاستهلاكى والربحى إلى «التنموى»، وطالبهم بالعمل على التركيز على التنمية فى مجال التكنولوجيا والاقتصاد الأخضر والاقتصاد التشاركى، مثمناً المجهود الحكومى بشأن التحول الرقمى.
ولفت «دلاور»، فى تصريحات لـ«الوطن»، إلى أن اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسى بهذا المشروع يُظهر مدى يقظته ودرايته بما يجرى فى العالم، مؤكداً أنه لديه رغبة حثيثة وإرادة لتحول مصر من دولة مستهلكة إلى «مصنّعة ومنتجة»، مشيراً إلى أن اتحاد الصناعات يقع عليه عبء رئيسى للتحرك نحو تصنيع منتجات الثورة الصناعية الرابعة وزيادة نسبة المكون المحلى فى الصناعة، مؤكداً أن العالم يتطور بشكل رهيب وأن اللحاق بالثورة الصناعية الرابعة أسهل من اللحاق بالثورات الثلاث السابقة فى سنوات مضت، منوهاً بأن الشباب المصرى الأكثر إبداعاً، وأن كثيراً منهم مدرك لتطورات العصر ويعملون على اكتشافات علمية قوية للغاية ويحتاجون لأن تدعمهم الدولة.
واتهم محمد نورالدين، الخبير الاقتصادى، القطاع الخاص ورجال الأعمال بالاهتمام بالاستيراد وتحقيق أرباح مهولة على حساب التنمية، لافتاً إلى أن الدولة يقع عليها دور حقيقى فى إحداث ثورة فى وسائل الاتصالات والإنترنت حتى تكون جاذبة للشركات العملاقة والمستثمرين المواكبين للثورة الصناعية الرابعة.
وطالب «نورالدين» الدولة بتهيئة المناخ وتوفير بيئة إدارية غير بيروقراطية تعتمد على التحول الرقمى، وأخرى تكنولوجية متطورة وحديثة تكون جاذبة لمستثمرى العصر الذكى، منوهاً بأن المسئولية مشتركة بين الدولة والقطاع الخاص فى عملية اللحاق بتلك الثورة.