عندما كان يقوم ببيع السميط والبطيخ فى شوارع إسطنبول لم يكن يعلم أنه سيصبح أكبر تاجر فى تاريخ تركيا، ورغم أن حلمه أن يصبح لاعب كرة قدم مرموقاً فى الدورى التركى لكنه لم يكن يعلم أنه سيكون أكبر لاعب فى دورى الخداع الوقح، كانت أسلحته وأدواته الدائمة مزيجاً من الأكاذيب المريحة، التناقضات الممنهجة، استخدام الدين للسيطرة على مشاعر الجماهير، الكبرياء المزيف، الفُجر فى الخصومة، كراهية المنافسين، احتقار أصحاب الهمم، الغدر بالأصدقاء، البكاء المخطط وذرف الدموع للتوظيف السياسى، القرآن والسنة أدوات سياسية.. كل هذه الصفات والأوصاف احتكرها «أمير الأغوات» وحارس الأحلام العثمانية، بائع البطاطا فى حى إسطنبول، رجب طيب أردوغان، عنصريته وساديته قادته إلى قضاء عشرة أشهر فى السجن، كان دوماً ما يمارس ابتزازاً معنوياً وإنسانياً وطبقياً بكثرة ترديده أنه ابن رجل فقير ولد وتربى فى حى فقير لذلك فقد عمل بائعاً للسميط والبطيخ فى شوارع إسطنبول، كانت مفردات الدين وآيات القرآن وأحاديث النبى محمد، صلى الله عليه وسلم، حاضرة فى كل خطب وكلمات وتعليقات «أردوغان» ليكسب قلوب أناس طيبين ليس لهم فى السياسة وألاعيبها نصيب، كان «أردوغان» يحاول أن يقدم نفسه للناس على أنه النقى التقى الورع الذى أوتى مجامع الحكمة، تسلل إلى قلب اثنين من القيادات الروحية؛ الأول أستاذه ومعلمه نجم الدين أربكان، الذى أسس حزب الفضيلة ثم السعادة، ونجح فى الانتخابات، قبل أن تتم الإطاحة به فى حركة عسكرية، الثانى هو أستاذه ومعلمه محمد فتح الله جولن، زعيم حركة الخدمة، الذى كان نافذاً فى كافة الأوساط داخل تركيا من خلال رسائله الروحانية وكتبه وخطبه ومدارسه وإنسانيته، لكنه انقلب على الأول وأسس حزب العدالة والتنمية بشريكين جديدين؛ عبدالله جول وأحمد داوود أوغلو، وانقلب على الثانى منذ بضع سنوات بعدما اكتشف فضيحة فساد بلال بن أردوغان، وبعد أن تربع على عرش الحكومة التركية، وفقاً للنظام البرلمانى، أطاح بهذا النظام واستبدله بنظام رئاسى يتيح له الحكم والتحكم فى مقاليد الأمور، انقلب على صديقيه «جول وأوغلو» وتلاسن معهما بشكل غير مسبوق ثم طردهما من الحزب، قام بتعديل الدستور ثلاث مرات فى أثناء وجوده فى الحكم رئيساً للحكومة ثم رئيساً للجمهورية، رسم وخطط لمسرحية الانقلاب المزعوم كى يتخلص ممن تبقى أمامه من منافسين محتملين، وبدأ يكشر عن أنيابه ويمارس حملة غير مسبوقة بالتنكيل بكل من يرى أنه ليس من أنصاره وعشيرته، قام بإغلاق أكثر من ٢٠٢ وسيلة إعلامية بين صحف وقنوات وإذاعات ووكالات أنباء ومواقع إلكترونية، قام بتسريح الآلاف من ضباط الجيش، قام بتوقيف عشرات الجنرالات والزج بهم فى السجون، قام بكسر شوكة الجيش التركى وتعرية جنوده فى شوارع تركيا كإشارة ورسالة إلى ميليشياته وجماعاته بالتأهب لملء الفراغ الذى سيحدثه كسر الروح المعنوية للجيش التركى، قام بفصل أكثر من ٦٠٠ ألف مواطن تركى من وظائفهم بتهمة انتمائهم لتنظيم إرهابى، ويقصد بالطبع حركة الخدمة وعلامتها فتح الله جولن، وقد نسى أنه تخرج فى نفس المدرسة الفكرية، وقام بتصفية كل المعارضين الذين جاءوا من أرضية جماهيرية؛ حيث تخلص من خمس شخصيات كانت كل شخصية منها جديرة بإدارة شئون البلاد، قام بإصدار أوامره بتصفية كل معارضيه فى الخارج مهما كان عددهم ومهما كانت أماكن وجودهم، قام بسجن أكثر من ٢٠٠ صحفى وإعلامى، قام بإصدار تعليمات مكتوبة ومسربة من قاعات الاجتماع بتصفية كل الأكراد المعارضين دون تردد، «أردوغان» الذى تحول من شخص مزعج إلى شخص موتور.. ظهر ذلك فى تناقضاته الفاضحة بين بكائه على القدس وارتمائه فى أحضان إسرائيل، وظهر كذلك فى سوريا والعراق وعلاقاته بالخليج، لكن تطاوله الأخير على مصر أكد ما هو مؤكد من جنون وفقدان عقل وكراهية بغيضة، طفت على سطح قلبه الأسود بعدما حققناه من نجاحات أدت فى النهاية إلى انتقال أوروبا بالكامل إلى مصر للاستماع إلى نصائح مصر بعيداً عن الابتزاز التركى المسموم.