بالصور| "الوطن" تحاور حفيد صاحب الكارنيه رقم "1" في نقابة الصحفيين
حافظ محمود "نقيب النقباء"
"الصورة النهائية للاحترام الصحفي، بدأت مع إنشاء نقابة الصحفيين، فى 31 مارس 1941، حيث أصبح للصحفيين مركز رسمي"، بهذه الجملة لخص فيها نقيب النقباء حافظ محمود رحلته لتأسيس بيتا للجماعة الصحفية، خلال حديثه لبرنامج "حكاوي القهاوي" مع الإعلامية سامية الإتربي.
حافظ محمود أول من حمل كارنيها لعضوية نقابة الصحفيين، حيث يسجل التاريخ أنه صاحب البطاقة رقم "1" في خانة القيد، حاملا بذلك تكريما وإن كان معنويا، لرجل من طراز فريد أفنى عمره في خدمة المهنة محررا وكاتبا ورئيسا للتحرير ومؤسسا ونقيبا.
"الوطن" التقت الكاتب الصحفي بمؤسسة الأهرام، إيهاب عمر، حفيد صاحب البطاقة رقم 1، والذي شغل جده منصب ممثل الصحفيين الشباب سنة 1941، ووكيل عام النقابة لمدة 21 دورة انتخابية متتالية وسكرتير عام النقابة لمدة 13 دورة متتالية، ونقيب الصحفيين لمدة 4 دورات متتالية، وعضو مجلس نقابة الصحفيين لمدة 26 دورة متتالية، قبل ساعات من انتخاب النقيب رقم 22 في تاريخ الجماعة الصحفية.
"على المستوى الإنساني عاش حافظ محمود 90 عاما، كان دائما صديق مخلص قبل أن يكون مربي لبناته الأربع وأزواجهن وأحفاده، استطاع إقامة صداقات مع أحفاده الذين يكبرهم بـ7 عقود من الزمن وترك ذكرى وأثر لم ننساه حتى اليوم، رغم نشأته في أجواء عصامية ولكنه كان أرستقراطي من الدرجة الأولى، بالفعل كان من باشاوات جاردن سيتي الأصليين وتعامله الراقي مع الجميع كان مؤثرا للغاية، كل شيء في البيت بمواعيد كما هو الحال مع النظام الإنجليزي، الاستيقاظ والنوم والخروج والعودة والوجبات وجلسة الشاي وجلسات القراءة ومشاهدة التلفزيون"، بحسب حديث إيهاب عمر لـ"الوطن".
ويرى حفيد نقيب النقباء أن أغلب الأنشطة التي تقوم بها نقابة الصحفيين اليوم من أجل كرامة الصحفي أو من أجل حياة أفضل قد بدأت على يد حافظ محمود و لا عجب في ذلك فقد كان عضوا بمجلس نقابتها طيلة ربع قرن متصلة، ووصل الأمر إلى أن عام 1956 كان خارج البلاد في رحلة عمل، ولم يكن حاضرًا وقت الانتخابات ومع ذلك أعيد انتخابه.
واهتم حافظ محمود بالأوضاع المادية للصحفي من الرواتب والمعاشات، وألا يتوقف عمل الصحفيبن، وأن يكون لهم مكان للعمل دائما، بالإضافة إلى الخدمات الأخرى مثل جمعية تعاونية وصيدلية وتأمين طبي وخدمات عقارية وحكومية، فالحياة الكريمة للصحفي وعدم سجنه والعمل الدائم، كان دستور حافظ محمود فيما يتعلق بالحياة العامة للصحفي، واستقلال الصحافة المصرية عن القرار السياسي الحكومي وتمصير الصحافة في عصر كان الرأسمال الأجنبي يهيمن عليها، وتمكين جيل الشباب من العمل النقابي في زمن كان ملاك الصحف حاولوا مرارا وتكرارا السيطرة على النقابة في سنواتها الأولى كانت من أهم معاركه الصحفية.
وعكس المتوقع، حارب حافظ محمود فكرة عمل بناته أو أحفاده في العمل الصحفي أو الإعلامي، رافضا أن يقال يوما أن ابنة أو حفيداً له عمل في هذه المهنة بسبب التوريث، وأدى ذلك إلى خسارة الحركة الأدبية في مصر أديبة عظيمة هي ابنته الكبرى التي لها المئات من القصائد التي لم تنشرها رغم أنها فازت بها في العديد من المسابقات الأدبية في سنوات شبابها وتدعى أمينة حافظ، وأيضا ابنته الثانية كانت متفوقة في العمل الإعلامي ولكنه رشح لها العمل في الهيئة العامة للاستعلامات، وللمفارقة فإن الابنة الثانية وتدعى بسمة حافظ استطاعت عبر عملها بالهيئة أن تصبح الملحق الصحفي في السفارة المصرية بواشنطن، ثم المستشار الصحفي لبعثة مصر الدبلوماسية في الأمم المتحدة.
واستطاعت كسر القاعدة التي وضعها حافظ محمود، ومن أحفاده لم يعمل بالصحافة سوى "إيهاب" راوي سيرته لـ"الوطن"، الذي توفى جده وعمره دون السابعة عشر وحرص أن يتتبع نهجه في عدم اللجوء لتلامذته مهما كانت الصعوبات التي يمر بها في المهنة.
وعن تأسيس نقابة الصحفيين، يقول "فكرة تأسيس نقابة للصحفيين طرحت بداية القرن العشرين قبل ميلاد حافظ محمود الذي ولد عام 1907، وكان دائما يقول إن الصحفيين سبقوا في التفكير والمحاميين سبقوا في التنفيذ، وكانت هناك أكثر من محاولة في العشرينات إلا أن أغلبها كان على يد ملاك الصحف وليس الصحفيين أنفسهم، ما جعلها أشبه بالغرف التجارية وليس النقابات المهنية، واستمر حافظ محمود والرعيل الأول للنقابة في السعي لتأسيس النقابة إلى أن جرى ذلك عبر قرار من مجلس الشيوخ صدق عليه الملك فاروق وهو القرار رقم 10 لعام 1941 بتأسيس نقابة الصحفيين في 31 مارس 1941".
سر البطاقة رقم "1"
أما سر البطاقة رقم "1" فتعلق بأسبقية التقديم للعضوية والإيمان بأهمية النقابة والإيمان بأهدافها، فكانت النقابة وقتذاك كيانا جديدا لا يحظى باهتمام كل الصحفيين رغم أهميتها في العمل النقابي والصحفي لاحقا، البطاقة الصحفية رقم واحد عكست اهتمام وحرص وإيمان حافظ محمود بنقابة الصحفيين.
التزم حافظ محمود بنظام حياة صارم وصحي، حيث ظل حتى التسعين من عمره يستيقظ قبل صلاة الفجر ببضعة دقائق، يبدأ يومه بصلاة الفجر، وشرب الشاي والإفطار، ثم البدء في الكتابة حتى الثامنة صباحا، بينما المذياع بجانبه يبث نشرات الأخبار بعدة لغات، فلم يكن من هواة التلفزيون حتى وفاته عام 1996، وفى الثامنة صباحا ينزل بنفسه لشراء الصحف والمجلات والكتب يوميا، وإذا كان هنالك موعدا لتسليم مقال أو اجتماع في المجلس الأعلى للصحافة يذهب مبكرا قبل الجميع، ولا يقبل أن يأتي أحد ليتسلم مقاله الأسبوعي أو اليومي من المنزل بل يذهب بنفسه إلى الجريدة في زمن ما قبل البريد الالكتروني، أما موعد الغذاء فكان الواحدة ظهرا، ومع ذلك يخلد للنوم حتى الخامسة، ويستيقظ لشرب الشاي والبدء في الكتابة حتى التاسعة، حيث يتناول العشاء ويخلد للنوم حتى الفجر.
حفيد حافظ محمود: عشق جمع العملات والاستماع لأم كلثوم وعبدالوهاب
ويختتم حفيد نقيب النقباء، حديثه لـ"الوطن" بالتطرق إلى هوايات جده: "كان يعشق جمع العملات والطوابع البريدية، إلى جانب مكتبة ضخمة من الكتب باللغات العربية والعبرية والإنجليزية والفرنسية، والاستماع إلى أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، ورياضة المشي، وإلى جانب الصحافة فإن حافظ محمود كتب القصة القصيرة ونشرت له أكثر من مجموعة قصصية أبرزها (بنات سنة 2000)، والقصص القصيرة للأطفال ونشرت له مجموعة (حكايات سامي وسامية)، ولكن السر الأدبي الكبير في حياته أنه كتب الشعر طيلة حياته دون أن ينشر منه إلا بضعة قصائد تعد على أصابع اليد، فلم ير في كتابته في أدب الشعر ما يصلح للنشر رغم أن كل من اطلع على هذه الكتابات أشاد بها ورأى أنها صالحة للنشر".