الدقهلية.. صعوبة المقررات وغياب المعلمين يدفعان الطلاب للانتقال إلى التعليم العام
معهد المنصورة الأزهرى
خفت بريق التعليم الأزهرى فى قرى محافظة الدقهلية، التى كانت من أكثر المحافظات التى اشتهرت بتوجيه أبنائها إلى المعاهد الأزهرية، حتى إن إحدى القرى أُطلق عليها اسم «قرية القرآن الكريم»، نظراً لكثرة المعاهد بها، وتلقى معظم أبنائها التعليم الأزهرى، وحفظهم لكتاب الله، ولكن مع تراجع مستوى المعلمين فى تلك المعاهد، وتدنى مستوى التلاميذ، نتيجة كثرة الأعباء والمواد عليهم، أصبح العديد من أولياء الأمور لا يستطيعون تحمل تكاليف التعليم الأزهرى.
أهالى: "الوكلاء دون المستوى".. و"المنطقة": دورات تدريبية صيفاً وشتاءً
«وكلاء المعهد الابتدائى تعليمهم متوسط، ولا يذهبون إلى المعاهد إلا قليلاً، وفى منتصف اليوم الدراسى لا تجد مدرساً منهم فى المعهد»، هكذا بدأ «محمد حافظ»، أحد المواطنين، حديثه لـ«الوطن»، مؤكداً أن عدداً كبيراً من المعلمين كانوا من الحاصلين على تعليم متوسط، وغير مؤهلين للعمل فى التدريس. وتابع: «غالبيتهم اكتفى بالحصول على الثانوية الأزهرية وبمجموع لا يزيد على 50%، وفجأة وجدناهم تم تعيينهم مدرسين فى المعاهد الأزهرية، ومع مرور السنين أصبحوا هم وكلاء المعهد، ولا يمكن أن يخرج من تحت يد إنسان غير متفوق تعليمياً عالم، حتى أصبح مستوى التلاميذ سيئاً».
وأضاف: «أدخلت ابنى المعهد لأن عمره كان صغيراً، ولم يتم قبوله فى المدرسة، ولكننى فوجئت بكم المواد المقررة عليه، حيث يدرس جميع مواد التربية والتعليم، بالإضافة إلى المواد الشرعية، ومطلوب منه حفظ جزء من القرآن الكريم فى كل عام»، واستطرد بقوله: «كنت سعيداً لأن ابنى سينال كل هذا التعليم، ولكننى وجدت عدم التزام فى المعهد، فقررت بعد 5 سنوات تحويله إلى التعليم العام».
"حافظ": تجربتى مع التعليم الأزهرى كانت "مريرة" ونقلت ابنى إلى "العام" حرصاً على مستقبله
وبينما وصف «حافظ» تجربته مع المعهد الأزهرى بأنها «كانت مريرة»، مما اضطره إلى نقل ابنه للتعليم العام، حرصاً على مستقبله، فإنه لفت إلى أنه قد تكون هناك معاهد أخرى أكثر التزاماً، وأضاف: «للأسف، لا توجد متابعة ولا توجيه من الأزهر الشريف لتلك المعاهد، كما لا يتم دعمها بمدرسين على مستوى من الكفاءة من خارج القرية، لأن كل مدرس يريد أن يذهب إلى عمله ثم يعود إلى بيته قبل الظهر يومياً».
«محمد زايد»، ولى أمر أحد التلاميذ، قال: «ابنى حصل على مجموع ضعيف فى الصف السادس الابتدائى بالمعهد الأزهرى، لا يتجاوز 60%، رغم مستواه المتميز، فقررت نقله إلى التعليم العام»، مشيراً إلى أن المواد التى تتم دراستها فى المعاهد الأزهرية قد تكون ضعف ما يتم تدريسه فى التعليم العام، كما أن العديد من المعلمين ووكلاء المعاهد «دون المستوى»، بالإضافة إلى وجود عجز كبير بأعضاء الهيئات التعليمية.
وتابع: «كنت مقتنعاً فى البداية بالتعليم الأزهرى، ولذلك حرصت على إلحاق ابنى به، ولكننى فوجئت بأنه عند الساعة 12 تقريباً، يكاد المعهد يخلو من المدرسين، حتى شيخ المعهد لا يوجد بصفة مستمرة، وقد تقدمت بأكثر من شكوى، ولكن دون جدوى». وأضاف أنه لا يستطيع تحمل تكلفة إعطاء ابنه دروساً خصوصية فى جميع المواد، والتى تصل إلى نحو 20 مادة.
وقالت «سلوى عبدالمقصود»، ربة منزل، إن «الميزة الوحيدة الموجودة فى المعاهد الأزهرية أنها كانت تقبل أبناءنا أصغر من التعليم العام، ولذلك فقد ألحقت ابنى بالمعهد سنة مبكراً عن زملائه، ولكننى فوجئت به يرسب فى الإعدادية، فقررت أنا ووالده نقله إلى التعليم العام، خوفاً على مستقبله»، وتابعت: «أمامنا بعض النماذج السيئة فى كثير من المعاهد، فلا تدريس ولا انتظام». وأشارت إلى أن إجراءات النقل كانت صعبة للغاية، وتتطلب موافقات وتوقيعات من المعهد والمنطقة الأزهرية، وطلبات من مكتب البريد، ورغم صعوبتها، فإنها قررت استكمالها للنهاية.
«دورات التأهيل والتدريب لا تتوقف صيفاً ولا شتاءً، وللأسف بدون جدوى، نظراً لأن المدرب غير مؤهل، والمدرس لا يريد أن يستفيد»، هكذا أكد أحد قيادات المنطقة الأزهرية بالدقهلية، وقال إن القانون رقم 156 لسنة 2007، والمعدل بالقانون رقم 7 لسنة 2013، أعطى للمعلمين فى الأزهر الشريف «الكادر الوظيفى» مثلهم مثل المدرسين بالتربية والتعليم. وأضاف أنه «بحسب القانون، فإن جميع المدرسين فى المرحلتين الإعدادية والثانوية من حملة المؤهلات العليا، كما أن المناصب القيادية يجب أن تكون لهم فقط، أما فى التعليم الابتدائى، فإنه نظراً لأن عدداً كبيراً من أصحاب المؤهلات المتوسطة يعملون به منذ فترة كبيرة، وبعضهم حصل على مؤهل عال خلال العمل، فقد حصلوا على بعض المناصب القيادية، حتى وصل بعضهم إلى منصب وكيل المعهد».
كما أشار المصدر، الذى طلب من «الوطن» عدم ذكر اسمه، إلى أنه وللمرة الأولى، فقد تم عمل حضانات تابعة للمعاهد الأزهرية، وتم تعيين موجه لمرحلة رياض الأطفال، وكله بالمجان، لافتاً إلى أن هذا الأمر قد يزيد من إقبال أولياء الأمور على التعليم الأزهرى خلال الفترة المقبلة، واختتم بقوله: «كما أننا لدينا معاهد نموذجية، يتم خلالها تطبيق نظام تعليمى يفوق فى مستواه التعليم العام»، على حد تعبيره.