من مفاوضات الجلاء لتحرير طابا.. "سلطان" بطل المعارك القانونية الكبرى
مدينة طابا المصرية
لم يكن مجرد أستاذا للقانون الدولي، لكنه أحد أكبر العقول القانونية في الوطن العربي كله، ولد في القاهرة، وتتلمذ في مدارس حكومية، وسافر إلى باريس بعد حصوله على الشهادة الثانوية، ثم عاد إلى القاهرة لاستكمال دراسته والتخرج في كلية الحقوق بجامعة جامعة فؤاد الأول 1934 (جامعة القاهرة حاليا)، لكن الطالب الشاب الذي استكمل دراساته العليا لم يكن يعرف أن هناك قضية تتعلق بتحرير الأرض تنتظره في المستقبل.
الدكتور حامد سلطان، ممثل اللجنة القومية لاسترداد طابا أمام هيئة التحكيم الدولية في جنيف بسويسرا عام 1988، والذي نجح في إقناع هيئة التحكيم بأحقية مصر في تلك الأرض، حتى تم النطق بحكم "مصرية طابا" بأغلبية 4 أصوات من إجمالي 5 يمثلونها، حيث كان الأخير لممثل الوفد الإسرائيلي روث لابيدوت.
كان أستاذا ورئيسا لقسم القانون الدولي العام في كلية الحقوق جامعة القاهرة، وتتلمذ على يده عدد من كبار القانونيين والمستشارين، أبرزهم: عاطف صدقي رئيس وزراء مصر الأسبق، والدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب الأسبق، والمستشار يحيي الجمل نائب رئيس وزراء مصر الأسبق.
وأصدر الفقيه القانوني الكبير أكثر من 60 كتاباً في القانون العام والدولي، أبرزها: "القانون الدولي العام في وقت السلم"، و"أحكام القانون الدولي في الشريعة الإسلامية"، وتقلد العديد من المناصب في مراحل سياسية مختلفة، أهمها عمله مستشاراً ضمن الوفد المصري لعرض قضية استقلال مصر في مجلس الأمن عام 1946، وعمله مستشاراً لمصر في مفاوضات الجلاء عام 1954، وعمله مستشاراً أيضاً في مفاوضات تقرير حق المصير للشعب السوداني في العام ذاته، لكن المحطة الأهمة في مشواره كانت المعركة القانونية لتحرير طابا من إسرائيل بعد اللجوء للتحكيم الدولي.
"لا أنسى دور هذا الفقيه القانونى الكبير الذى كانت له مواقف قانونية عظيمة فى العديد من القضايا الوطنية، هذا الرجل الذى اختارته مصر ليمثلها فى هيئة التحكيم، وكان له دور كبير فى إقناع بقية أعضاء الهيئة الأربعة".. هكذا قال الدكتور مفيد شهاب، أستاذ القانون الدولي، أحد أعضاء اللجنة القومية لاسترداد طابا في هذا الوقت.
وتكونت هيئة التحكيم، التي عقدت في العاصمة السويسرية "برن" من 5 أعضاء: "ممثل لمصر، وممثلة لإسرائيل، وقاضٍ من فرنسا، وآخر من سويسرا، إضافة إلى رئيس الهيئة، وهو قاضٍ كان بيحمل الجنسية النرويجية.
وأضاف "شهاب" في شهادته لـ"الوطن" حول دور الراحل حامد سلطان،: "لقد قاد الفريق المصري بحكمة وخبرة وعلم وكفاءة، وتمكن من إقناع أعضاء الهيئة بالموقف المصري وتقديم كافة الأسانيد الأصلية والعلمية التى دحضت كل مزاعم إسرائيل، وهو أستاذ كبير ندين له جميعا بالفضل، ولعب الدكتور حامد دورا مهما من داخل هيئة التحكيم يجب ألا يغفله التاريخ".
وبعد رفع العلم المصري على أرض طابا في 19 مارس عام 1989، قضى "سلطان" السنوات الأخيرة من حياته بين القراءة، ونقل خبراته إلى الأجيال الجديدة من دارسي القانون، حتى توفي بعد 3 أعوام فقط، في 1992، تاركا وراءه تاريخا طويلا من العمل الوطني، والعلم الذي لا يضيع.