الأطباء يستغيثون: "اعتداء الأهالي علينا يضر بالمرضى.. هاتوا لنا حماية"
معهد القلب القومي
حالة من الغضب والقلق انتابت جموع الأطباء بعد اقتحام شقيق أحد المرضى لغرفة القسطرة بالمعهد القومي للقلب وتحطيمها وإتلاف جهاز بملايين الجنيهات، بعد وفاة شقيقه الذي كان يتلقى العلاج داخل المعهد، حيث يطالب الأطباء بحمايتهم من هذه الاعتداءات المتكررة، والتي يقع ضررها على الأطباء والمرضى سويا.
مطالبات عديدة من الأطباء بضرورة توفير الحد الأدنى على الأقل من الحماية الأمنية لهم بعد تعرضهم للضرب من بعض أهالي المرضى، حيث اعتبر البعض منهم أن الهجوم الشرس الذي يتعرض له الأطباء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أدى إلى تذبذب صورة الطبيب لدى المرضى، ما دفع البعض إلى الاستهانة بهم، وطالب آخرون بضرورة تأمين البوابات بأفراد أمن على مستوى عالٍ من الكفاءة لمواجهة اعتداءات أهالي المرضى المتكررة.
"معندناش الحد الأدنى من الحماية وبننزل من بيوتنا وإحنا عارفين إننا هترجع متبهدلين"، قالها حسن المنسي طبيب بأحد المستشفيات الحكومية، مضيفا: "أنا أتعرضت للإهانة أكتر من مرة من المرضى وأهاليهم كمان، لأن النهارده أي حد بيعتدي على طبيب ولا حد بيحاسبه أصلا لأن الموضوع بيخلص بالتصالح وخلاص وده بيخلي الناس تكرر الموضوع".
ويروي الطبيب الشاب إحدى المرات التي تعرض فيها لمضايقات من أهالي المرضى: "مريض كان عنده مغص كلوي فإديته حقنة مسكنة وكانت كفيلة لكنه قال أنا عايز واحدة كمان، فكان ردي عليه مينفعش يا حاج تكرارها هي مش بالكرة لأن ليها أضرار، فرد وشتمني طبعا ومن ضمن كلامه قال لي هو انت هتديني من عند أبوك، فمشيت ما أنا هرد أقول إيه بس، مهو عنده حق يعمل أكتر من كده ما دام شايف إن الكل واقف ضدنا".
ويرفض الطبيب العشريني فكرة إلقاء اللوم على الطبيب في كل الحالات التي تتعرض للوفاة: "فكرة إن الدكتور غلطان دايما دي أخطر من الإرهاب نفسه لأنه بيدي فرصة لإيجاد مبرر للاعتداء على الأطباء، أكيد الأخطاء موجودة طبعا لكن اللي بيحدد إن كان الطبيب مخطئ ولا لأ هي لجنة بتكون من كبار الأطباء مش أهالي المريض اللي يحددوا إن كان الخطأ خطأ طبيب ولا لا".
ويمسك بطرف الحديث محمود بكرى طبيب استشاري بأحد المستشفيات ويقول: "اللي حصل في معهد القلب مهزلة بكل الصور، كان فين الأمن وقتها، ده غير إن حالة التعاطف مع أهل المتوفى من بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي حاجة تحزن بصراحة، فيه ناس بتحلل دمنا ويقولوا لو كانوا ضربوا الدكتور بس كان بقى أهون من تكسير الجهاز، الكلام ده غريب فعلا ومحتاج وقفة"، ويتابع: " للدرجة دي مبقاش لينا قيمة، أفتكر مرة وأنا في امتياز كنت شخصت حالة غلط لتشابه الأعراض ولما المريض جالي تاني بعد ما عمل تحاليل اتأكدت إن تشخيصي كان غلط، فوضحتله الموضوع لكن أهله بقى قالوا ازاي تشخص غلط وحاولوا يعتدوا عليا لولا إني دخلت أوضة الأطباء بسرعة وقفلت على نفسي".
ويستنكر فادي صفوت، طبيب، ما يحدث للأطباء من اعتداءات وصفها بأنها أصبحت معتادة: "بره مفيش تهاون مع أي معتدي على دكتور، لذلك مستحيل تلاقي حد يفكر يعتدي على طبيب، لكن في مصر الموضوع بقى اعتيادي"، ويتابع: "حصل موقف مع زميل ليا في مستشفى تأمين، مكنش فيها فحص أشعة معين خاص بالفقرات فجه مريض يعمل الفحص ده، وزميلي أبلغه إن الفحص غير متاح عندهم، ولأن حالة الراجل المادية مكنتش تمام، والفحص بره كان غالي فأطباء المستشفى قرروا يجمعوا تبرعات من بعض علشان الراجل يعمل الأشعة برة، وللأسف الراجل راح عمل محضر في صديقي بحجة إنه بيروج لمركز أشعة خاص"، ويضيف: "دي حالة من ضمن حالات الاعتداء علينا سواء اللفظي أو حتى النفسي، النهاردة الأطباء كلهم بيسافروا بره مصر بسبب أوضاعهم الوحشة وعدم تأمينه بشكل كافي".
أمام معهد القلب القومي بإمبابة وقفت مجموعة من الأسر انتظارا لزيارة ذويهم المرضى داخل المستشفى، بملابس منمقة وشعر مهذب وقف شاب عشريني أمام باب المعهد الرئيسي منتظرا انتهاء القسطرة الخاصه بجدته، يقول لـ"الوطن": "مستني عملية القسطرة تخلص على خير، مفروض إنها كانت اتعمل إمبارح لكن اللي حصل زود الحالات على باقي وحدات القسطرة وأخر جدتي للنهاردة"، قالها أحمد وحيد، 27 عاما، من محافظة المنوفية، مضيفا: "مش لاقي مبرر للي حصل في الوحدة والأمن سمعته بيتكلم عن حاله المريض وأنه كان شبه ميت أصلا، ليه الناس تكسر جهاز بالمبلغ ده، رغم انهم متأكدين إنه هيموت لأن حالته كانت خطر".
في الطابق الثاني من المعهد حيث وحدة القسطرة، تجمع العشرات من المواطنين أمام بابها للدخول لذويهم فالبعض منهم ينتظر لحظة إجراء الفحص والتي طال انتظارها كثيرا بعد توقف الوحدة المنكوبة عن العمل.
يقول سعيد وائل والذي جاء خصيصا من محافظة الفيوم لمتابعة الحالة الصحية التي وصل إليها خاله الأكبر: "استغربت لما عرفت اللي حصل، خصوصا إنها حالة غريبة من نوعها، لأن الجهاز مش ملك الدكتور ده ملك المريض، ليه يحصل فيه كل ده من غير مراعاة لظروف باقي المرضى".
ويقول أحد أطباء المستشفى الذي طلب عدم ذكر اسمه: "الوحدة دي هي الوحيدة في المعهد اللي فيها وحدة كهرباء القلب بجوار القسطرة، ومفيش في مصر غير 10 وحدات بس، يعني غير التكلف المادية اللي خسرناها، خسرنا كمان إمكانية إنقاذ مريض قلب عنده مشاكل في كهرباء القلب".