ثار جدل كبير حول حضور الرئيس السيسى قمة تونس، وظل الأمر عدة أيام بين مؤيد ومتحفظ حتى قطع الرئيس الشك باليقين وهبطت طائرته فجأة فى أرض تونس الخضراء، وشعر الرئيس التونسى قايد السبسى بارتياح وكذلك كبار رجال الدولة، فحضور الرئيس السيسى بالقطع سوف يعطى لقمة تونس أهمية ووهجاً، سيما أن القضايا المطروحة عليها شائكة وتتطلب حلولاً جذرية، وأقطع أن أحداً لم يكن يعرف أن الرئيس السيسى سوف يحضر القمة الثلاثين بجامعة الدول العربية، فأكد بذلك دورية انعقادها فى الأسبوع الأخير من مارس كل عام، ورغم أن القضايا العربية مشتعلة فى معظمها وآخرها قضية الجولان التى أعطاها من طرف واحد الرئيس ترامب للسيد نتنياهو، ضارباً بذلك كافة القواعد الدولية ومبادئ القانون الدولى، وسارعت إسرائيل بالكذب كعادتها بقولها إن هناك معبداً يهودياً أسفل أرض الجولان، ولذلك كان الرجل العربى العادى على حق عندما قال: «أعطى من لا يملك لمن لا يستحق».
والحق أن الجولان أرض عربية سورية، أرضاً وسماء وشعباً، وامتلاكها من جانب إسرائيل وموافقة الرئيس ترامب هو خطأ كبير، لأن من يعود إلى وديعة رابين يجد أن الرجل كان يعترف بأن الجولان سورية مُحتلة، ناهيك عن جملة القواعد الدولية التى كانت ترصد الحرب الدائرة بين العرب وإسرائيل، والتى احتل فيها بنو صهيون مرتفعات الجولان، ولا بد أن نعترف بأن الخارجية المصرية أصدرت فى حينها بياناً شديد اللهجة اعترفت فيه بأن الجولان سورية ورفضت القرار العنترى الذى أصدره الرئيس ترامب لضم الجولان إلى إسرائيل، والمؤسف أن شيئاً كهذا حدث منذ عدة أشهر، ولكن بشأن القدس العربية التى تؤكد المرجعيات الدولية أنها عاصمة لفلسطين (القدس الشرقية) وعاصمة فى ذات الوقت لإسرائيل (القدس الغربية)، الغريب أن الرئيس ترامب فى أحد قراراته العنترية غير المسئولة اعترف بأن القدس كلها عاصمة لإسرائيل دون أن يأبه بالشعب العربى الفلسطينى ولا بحقه التاريخى المعروف فى القدس، ويقال إن الرئيس ترامب أقدم على جريمة ضم الجولان إلى إسرائيل لأن العرب لم يتحركوا ولم يدينوا موقفه من القدس.
العربدة الأمريكية لا حدود لها والعرب لا قيمة لهم فى حسابات ترامب لذلك يفعل ما يشاء، لكن قمة تونس قد رفضت هذين القرارين الأرعنين، واعترفت ببقاء الوضع على ما هو عليه، سيما أن هناك مرجعيات دولية تقر الحق الفلسطينى فى القدس، كما أعطت السورى الحق فى كامل التراب الجولانى.
أهم عوامل نجاح قمة تونس أنها أعطت معظم وقتها لقضيتى القدس والجولان، سيما أن مشاعر الشعوب العربية تعتصر بالألم نتيجة غطرسة إسرائيل التى تريد أن تحقق حلمها البالى، وهو أن دولتها يجب أن تمتد من النيل إلى الفرات.
اللافت للنظر أن الرئيس السيسى حضر القمة فاختفى تميم وهرب كالجرذان، لأن الإرهاب كما يقول السيسى ليس من يقتل وإنما من يمول ويوفر الملاذات الآمنة، وهى صناعة قطرية بامتياز.