رئيس البحوث بـ«فاروس»: تجاوزنا صدمات الإصلاح.. ومصر الآن فى الاتجاه الصحيح ومؤشرات اقتصادها مبشرة فى السنوات الخمس المقبلة
رضوى السويفى، رئيس قسم البحوث بشركة فاروس لتداول الأوراق المالية
قالت رضوى السويفى، رئيس قسم البحوث بشركة فاروس لتداول الأوراق المالية، إن نتائج التقرير السنوى الذى يعدونه عن مؤشرات الاقتصاد لـ5 سنوات مقبلة تؤكد أن مصر فى الاتجاه الصحيح، متوقعة تحسناً فى معدلات النمو والاستثمار الأجنبى المباشر وانخفاض الدين العام والتضخم بداية من نهاية يونيو المقبل.
وأضافت «السويفى»، فى حوارها لـ«الوطن»، أن «السوق امتصت كل الصدمات التى أعقبت برنامج الإصلاح ولن تتكرر، فمهما انخفض الجنيه فلن يفقد 100% من قيمته، ولن تقفز أسعار السلع والخدمات كما حدث عقب «التعويم»، منوهة بأنه «من المنتظر أن يزيد الاستثمار الأجنبى المباشر إلى 11 مليار دولار يتركز معظمها فى البترول والغاز والتعدين»، موضحة أن هذا الرقم يمكن أن يزيد إذا تحققت تفاهمات الحكومة مع الصينيين والروس وغيرهما لضخ استثمارات كبيرة فى منطقة محور قناة السويس.
"السويفى" لـ"الوطن": خفض الدين وعجز الموازنة أكبر تحديات الحكومة.. وارتفاع تكلفة التمويل يعوق الاستثمار
واستدركت الخبيرة الاقتصادية أن كل هذه المؤشرات لا تعنى وجود أوجه خلل، ولكننا أمام تحديات كبيرة تحتاج إلى علاج حاسم، منها الفجوة الخطيرة بين الإنتاج القليل والاستهلاك المفرط، وارتفاع الدين العام، وضعف إنتاجية العامل المصرى، مؤكدة أن الإنتاج ثم الإنتاج الحل الحقيقى لكل مشكلاتنا الاقتصادية. وإلى نص الحوار:
أصدرتم مؤخراً تقريركم السنوى الذى يرصد توقعاتكم لمؤشرات الاقتصاد خلال 5 سنوات مقبلة.. هل يمكن إطلاعنا على ملخص التقرير؟
- الخلاصة أننا نسير فى الاتجاه الصحيح على أكثر من مسار، وسيكون هناك تحسن فى معدلات النمو والاستثمار الأجنبى المباشر وانخفاض فى الدين العام والتضخم، ونتوقع على سبيل المثال أن يسجل عجز الموازنة بنهاية السنة المالية الحالية نحو 9% من الناتج المحلى الإجمالى، لينخفض فى العام التالى لـ7.7%، كما شهدت عوائد السياحة انتعاشاً لتسجل نحو 10 مليارات دولار العام الماضى، وتستهدف الحكومة بنهاية العام الحالى جذب نحو 15 مليون سائح أى نحو 15 مليار دولار (متوسط إنفاق السائح فى الزيارة نحو 100 دولار) أى إنها قد تتجاوز أعلى مستوى لها عندما سجلت فى 2010 نحو 14 مليار دولار.
نبدأ بتوقعاتكم عن معدلات التضخم؟
- توقعاتنا أن التضخم سينخفض بنهاية العام المالى المقبل 2019 - 2020 إلى أقل من 11% وسيواصل انخفاضه تدريجياً فى الأعوام التالية.
لكن كيف يمكن أن تنخفض معدلات التضخم مع وجود زيادات جديدة مرتقبة فى أسعار الوقود والكهرباء وانخفاض قيمة الجنيه بحلول يونيو المقبل؟
- بالفعل هناك زيادات جديدة متوقعة بنحو 25% فى أسعار الوقود ليكون بذلك محرراً بالكامل، وفقاً للأسعار العالمية، وهناك زيادة فى الكهرباء (تتجاوز الـ20% بالنسبة للمصانع) والغاز والمياه، ولكن ومع كل ذلك فإن التضخم سيأخذ فى الانحسار، لأن الصدمات التى أدت لبلوغه أكثر من 30% بعد انطلاق برنامج الإصلاح فى نوفمبر 2016، تم استيعابها ولن تتكرر، فمهما انخفض الجنيه لن ينخفض بنسبة 100% ولن تقفز أسعار السلع والخدمات بنفس النسب الكبيرة التى أعقبت قرار التعويم.. ومن المهم أن نفهم أن ترك سعر الجنيه وفقاً لآليات العرض والطلب أفضل لنا من تثبيته عند سعر وهمى ثم خفضه بشكل مفاجئ ومربك، كما حدث فى السنوات الأخيرة.
لو تركنا عملتنا بدون حماية خلال الـ 30 عاماً الماضية ما تجاوز الدولار 17 جنيهاً
ماذا تقصدين؟
- شهدت مصر 3 عمليات لتحرير أو تحريك رئيسية فى سعر الجنيه مقابل الدولار خلال الثلاثين عاماً الماضية، وقد درسنا تحركات الجنيه على مدار هذه الأعوام وتوصلنا إلى أنه لو تُرك الجنيه بدون حماية كان سينخفض بمعدل سنوى يعادل تقريباً 5.5%، ما يعنى أن قيمة الدولار كانت ستساوى نحو 17جنيهاً فقط الآن، أى أقل من السعر الحالى، وبدون كل الخسائر والارتباك الذى نجم عن قرار البنك المركزى الاضطرارى لتعويم الجنيه مرة واحدة لتصحيح أخطاء السنوات الماضية.
ولماذا يجب أن يكون انخفاض الجنيه أمام الدولار حتمياً على مدار السنوات؟
- لأن قيمة العملة مرتبطة بقدرة الدولة على الإنتاج، ونحن ننتج قليلاً ونستهلك كثيراً، مؤخراً شهدنا تحسناً واضحاً فى مصادر النقد الأجنبى وتحديداً من قطاع السياحة وعوائد المصريين بالخارج، فضلاً عن زيادة فى إنتاجنا من الغاز بما يقلل من فاتورة وارداتنا ويزيد من صادراتنا، وكل ذلك يعزز وضع الجنيه أمام الدولار، لكن الوضع الأمثل أن يكون دخلنا من الدولار من مصادر إنتاجية أكثر استقراراً مثل الصناعة والزراعة.
ما توقعاتكم لمعدلات الاستثمار الأجنبى المباشر الضرورى لزيادة النمو وتخفيف الضغط على الدولار؟
- نتوقع أن يشهد الاستثمار المباشر زيادات تصل لنحو 11 مليار دولار فى الأعوام الثلاثة المقبلة، ونعتقد أن هذه الاستثمارات ستتركز فى 3 قطاعات، هى الغاز والبترول والتعدين، الذى تحمس للعمل فيه مؤخراً عدد كبير من الشركات الأجنبية بعد صدور قانون التعدين الجديد، ورقم الـ11 ملياراً مرشح للزيادة إذا تحققت على الأرض اتفاقات الحكومة مع الجانب الصينى لضخ مزيد من الاستثمارات فى الجلود والغزل والنسيج والبتروكيماويات، وإذا انطلقت المنطقة الصناعية الروسية وغيرها من المشروعات الجديدة فى منطقة محور قناة السويس.
دراسة يابانية توصلت إلى أن العامل المصرى غير مؤهل وغير منضبط و"عاوز يقبض وبس"
لكن رغم ارتفاع معدلات الاستثمار الأجنبى المباشر يظل أقل بكثير من دول أخرى مماثلة لنا.. فما العوائق التى تحد من زيادة حجمه سواء كان أجنبياً أو محلياً؟
- هناك تحديات كثيرة، وأول ما يرد فى ذهنى منها ارتفاع تكلفة التمويل التى لا تقل عن 20% (سواء من مساهمين أو من بنوك)، وذلك بسبب ارتفاع معدل الفائدة، إذ لا يتوقع مساهم أن يحصل على عائد من مشروع ما أقل من إيداع أمواله فى البنوك أو عائد استثماره الآمن فى أدوات الدين الحكومية، الذى يتراوح بين 18 و20% حسب المدة، وفى نفس الوقت من الصعب أن تجد مشروعاً قادراً على أن يدر أرباحاً تتجاوز هذه التكلفة المرتفعة جداً، وهناك أيضاً عدم وضوح السياسات الضريبية، وعدم توافر الأيدى العاملة المدربة بالقدر الكافى، بالإضافة لصعوبة الإجراءات (التى تندرج تحت مؤشر سهولة أداء الأعمال) مثل الحصول على الأراضى والموافقات إلخ.
نتوقع زيادة الاستثمار الأجنبى لـ11 مليار دولار.. وانخفاض عجز الموازنة العامة لـ7.7% والتضخم لـ11% العام المقبل
الحكومة لم تغير من معدلات الضريبة التى لا تتجاوز فى أقصى شرائحها 22.5%.. فما المشكلة؟
- هذا صحيح، لكن هناك زيادة لهذه النسبة بطرق غير مباشرة، مثل الإعلان عن ضريبة قدرها ربع فى المائة للتأمين الصحى الجديد، وإعادة النظر فى احتساب الضريبة على أذون الخزانة بما يرفعها بنحو 3% وتصل الزيادة أحياناً لـ5%، والمشكلة ليست فى زيادة الضريبة، ولكن فى عدم استقرارها، والمستثمر يريد أن يبنى حساباته على معلومات واضحة ومستقرة.
كنا نعتقد أن توافر الأيدى العاملة فى مصر عنصر جذب للمستثمر لكنك تعتبرينها عائقاً.. كيف ذلك؟
- الكثير يعتقد فعلاً أن مصر لديها ميزة الأيدى العاملة الرخيصة، خصوصاً بعد قرار التعويم، لكن السؤال الأهم هل هى مؤهلة؟ هل هى منضبطة؟ إحدى الشركات اليابانية الكبيرة التى كانت تفاضل بين مصر ودبى لإقامة مركز صناعى ضخم لمنتجاتها بهدف تلبية احتياجات أوروبا والمنطقة، جاءوا إلى مصر وأجروا دراسة على سلوك العامل المصرى أثناء العمل «work ethics» وانتهوا إلى أن العامل المصرى غير مؤهل وغير منضبط، يعنى «عاوز يقبض وبس» وبالتالى غير منتج.
ما أكثر المؤشرات الاقتصادية التى تدعوك للتفاؤل وفقاً لتقريركم؟
- مؤشرات كثيرة، منها معدل الزيادة الحقيقية فى الناتج المحلى الإجمالى وقدرها 5.8%، ونتوقع أن تسجل 6% العام المقبل، هذا رقم أفضل بكثير من المعدلات التى حققناها فى السنوات التى أعقبت ثورة 25 يناير 2011 وأفضل أيضاً من معدلات دولة متقدمة ونامية أخرى فى العالم، لكن تظل طبعاً دون طموحاتنا، لأننا نحتاج لنسبة لا تقل عن 7.5% حتى نحافظ على مستوى المعيشة الحالية، ونسب أكبر حتى نحسن من مستوى الدخل.
وما أكبر تحدٍ يواجه الحكومة الآن؟
- أكبر تحدٍ يواجه الدولة هو خفض الدين العام الذى اقترب من 100% من الناتج المحلى الإجمالى ثم خفض عجز الموازنة.