كانت قمة واشنطن بين الرئيسين عبدالفتاح السيسى وترامب الأمريكى قمة ناجحة ومثمرة، ناقش فيها الزعيمان تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين وزيادة التبادل التجارى والعسكرى، مع التأكيد على الشراكة التى تجمع بين البلدين وبدء الحوار الاستراتيجى فى مايو المقبل.
وتطرقت المباحثات إلى الأزمات الملتهبة التى تعانيها المنطقة، باعتبار أن الرئيس السيسى يمثل العرب فى هذا الجانب، ودارت حول الحلول السياسية التى كان الرئيس المصرى أول من تحدث عنها، خصوصاً فيما يتعلق بالقضايا السورية واليمنية والليبية، وبينما كان يطرح الآخرون الحلول العسكرية كان الرئيس السيسى هو الوحيد الذى يتحدث عن الحلول السياسية واستبعاد الحلول العسكرية، التى ثبت أنها تزيد الأمور تعقيداً، وأخيراً رضخ العالم كله للحلول السياسية التى لم يترك الرئيس المصرى مناسبة إلا وتكلم عنها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أو فى مؤتمر ميونخ للأمن أو فى القمة العربية التى انعقدت مؤخراً فى تونس، وتعنى أن يجلس جميع الفرقاء مع بعضهم البعض فى كل دولة لبحث مستقبلها وما ينتظر شعبها، وشدد الرئيس المصرى على رفض القرار الأمريكى الذى صدر من طرف واحد بخصوص القدس، مؤكداً أن هناك مرجعيات دولية تتأسس على قيام دولتين وعاصمتين، أما اعتبار القدس كلها عاصمة لإسرائيل دونما اهتمام بحقوق الشعب العربى الفلسطينى فهذا مرفوض شكلاً وموضوعاً، وتطرقت المباحثات أيضاً إلى الجولان، حيث أكد الرئيس السيسى أنها سورية أرضاً وسماء وشعباً، لأن الجولان أرض عربية سورية محتلة منذ حرب 67، ووديعة رابين الشهيرة قد اعترفت بذلك.
ولم تخل هذه القمة الناجحة، التى جاءت بناء على دعوة من الرئيس ترامب من بعض «الشوشرة الإعلامية» التى قادتها صحيفة نيويورك تايمز، التى تتلقى تمويلاً من دويلة قطر بحسب فضائية فوكس الأمريكية، وصورت الرئيس السيسى وكأنه يقف على قارعة الطريق يبيع أرض مصر لمن يدفع أكثر، فى إشارة إلى ما يسمى صحفياً بصفقة القرن.
والمعروف أن الرئيس السيسى لا يقبل أن يفرط فى ذرة رمل واحدة بأرض مصر، مؤكداً فى أكثر من مناسبة أن سيناء الحبيبة التى ارتوت بدماء الشهداء المصريين الأبرار لا فرق بينها وبين بقية محافظات مصر مثل دمياط والدقهلية وبنى سويف.
وذكرت الصحف الأوروبية، مثل لوموند ولوفيجارو وليبراسيون الفرنسية، ولوسوار البلجيكية وروبيبليكا الإيطالية، أن الرئيس المصرى كان أسداً جسوراً ورفض التنازل عن أرض سيناء وجميع المقترحات الأمريكية - الإسرائيلية فى هذا الخصوص، وأنه لا مقارنة بين أرض سيناء وجزيرتى تيران وصنافير، فالأولى أرض مصرية خالصة والثانية أرض سعودية بالوثائق والأدلة الدامغة.
وبحسب هذه الصحف الأوروبية فلقد رفض الرئيس المصرى ما يسمى بصفقة القرن وأنهى المباحثات بعد عشرين دقيقة، أياً كان الأمر لقد تكلم الرئيس السيسى بلسان كل المصريين وقد اعترف الرئيس الأمريكى بأن الرئيس السيسى شخصية عظيمة، وعندما سئل عن التعديلات الدستورية، أجاب بأنها شأن داخلى وليس من حقه أن يعلق عليها.
باختصار كانت زيارة ناجحة فى شقها الثنائى، كما كانت فرصة سانحة للرئيس السيسى أن يؤكد موقف مصر من أزمات المنطقة، وما تلوكه الألسن فى أوروبا والغرب عموماً.