تلقيت رسالة مهمة من الدكتور عبدالفتاح مطاوع، الأستاذ المتفرغ بالمركز القومى لبحوث المياه، ورئيس قطاع مياه النيل الأسبق جاء فيها:
إن زراعة الأرز وما يدور حولها من نقاشات مسألة هامة وحيوية لملايين من بطون وعقول وجيوب المصريين، لكننا حتى الآن لم نعالج الموقف كما ينبغى، ولم نراجع سياسة زراعة الأرز بصفة عامة، لكى نبحث عن بدائل أفضل.. وعلى الرغم من صدور القرار الوزارى رقم 65 لسنة 2019 الخاص بتحديد المساحة المقررة لزراعة الأرز بمساحة 724 ألف فدان، بالإضافة إلى الاتفاق مع وزارة الزراعة على تحديد مساحة إضافية تقدر بنحو 350 ألف فدان، إلا أن هذا القرار لا يرقى للمعالجة الحقيقية للوضع المائى الحالى، وما هالنى فى الموضوع ما جاء فى رد وزير الرى بتاريخ 8 أبريل 2019 على الأستاذ فاروق جويدة ونشره بجريدة الأهرام بعموده هوامش حرة تحت عنوان «زراعة الأرز ورسالة من وزير الرى»، حيث خلت رسالة السيد الوزير من أى معالجة حقيقية للموقف ومن ضرورة مراجعة سياسة زراعة الأرز، وكذا خلت من ذكر أى بدائل.. ولأننى أفنيت شبابى بحثاً ودراسة فى مناطق زراعة الأرز بشمال دلتا نهر النيل، وبقية حياتى فى التعاون مع دول حوض نهر النيل للحفاظ على حقوق مصر من مياه النهر وزيادة حصص الدول جميعها من مياهه، والطاقة الكهرومائية وغيرها من الفوائد الأخرى، أعتقد أنه لزاماً علىّ أن أوضح لصناع القرار ومتخذيه، أننا فى أمس الحاجة اليوم قبل الغد لاتخاذ مجموعة من القرارات الفورية لزيادة مساحة الأرز هذا الموسم إلى 1.5 مليون فدان على الأقل، وأتذكر أنه خلال عملى فى وزارة الموارد المائية والرى ووزارة الزراعة، وعلى الأخص نهاية التسعينات من القرن العشرين وأوائل القرن الحادى والعشرين وصلت مساحة زراعة الأرز قرابة 2 مليون فدان سنوياًَ، وذلك لأسباب عدة، كان أهمها وجود سلسلة من الفيضانات العالية، التى استدعت إطلاق تصرفات مائية من بحيرة ناصر، أكثر من الحصة السنوية لمصر من مياه النيل والتخلص منها للبحر المتوسط بنحو 40 مليار متر مكعب ومثلها لمنخفضات توشكى بالصحراء الغربية، وذلك بغرض تأمين السد العالى، لأجل الوصول إلى منسوب المياه الآمن ببحيرة ناصر الذى يقدر بنحو ١٧٥ متراً فوق منسوب مياه البحر المتوسط بنهاية العام المائى فى ٣١ يوليو من كل عام وبداية العام المائى التالى فى الأول من أغسطس كل عام.. منسوب ١٧٥ متراً يعنى وصول السعة الحية ببحيرة ناصر إلى أقصى حالات امتلائها، ومن المعروف أن ارتفاع منسوب مياه بحيرة ناصر متراً واحداً يعنى زيادة ستة مليارات من الأمتار المكعبة، فما بالنا بارتفاع مناسيب مياه بحيرة ناصر عدة أمتار على مدى العامين المائيين الفائت ٢٠١7-٢٠١8 والحالى ٢٠١8-٢٠١9، الأمر الذى أدى لرفع مناسيب مياه البحيرة إلى مناسيب مياه الفيضانات العالية، التى تستوجب صرف مياه زائدة عن الحصة بهدف تأمين السد العالى، بتفريغ مياه الفيضانات السابقة وضرورة الوصول بمناسيب المياه إلى أقصى سعة حية للتخزين فى الأول من أغسطس المقبل.. وإذا كان هذا هو الحال -فيضانات عالية لمدة عامين- فيجب اتخاذ عدة إجراءات سريعة جداً، أولها زيادة مساحة الأرز إلى واحد ونصف مليون فدان على الأقل، مع تحديد مناطق الزيادة فى المحافظات المختلفة، حتى يتمكن المزارعون من زراعة مشاتلهم بنهاية شهر أبريل الحالى وشهر مايو المقبل.. أمر مثل هذا يتطلب قراراً سياسياً على أعلى مستوى، يليه التنفيذ الفورى، بالإضافة إلى ضرورة إلغاء غرامات زراعة الأرز على المزارعين فى العام الماضى، ولنا أن نتخيل ما سيحدثه ذلك من تحسن فى نوعية أراضى شمال الدلتا، والحد الذى ستهبط معه أسعار الأرز للمستهلكين بنهاية موسم الزراعة والحصاد.
ويختتم الدكتور مطاوع رسالته قائلاً «كفانا تخبطاً، ولدينا علماء أكفاء يفهمون فى الزراعة والرى»!!.
وأرى أن الأمر جدير باهتمام الرئيس السيسى شخصياً لحسم الأمر بما فيه الخير لمصر والمصريين.. كما عهدناه دائماً.