رمضان عند الإسكندرانية.. لمة زينة وإفطار على البحر وسحور من غير فلافل
أهالى الإسكندرية يفضلون الإفطار على الكورنيش
زينة وفوانيس معلقة بالشوارع، أطباق تتنقل بين جيران المناطق الشعبية، وبائع فول يتجول قبل السحور، وخبز الصيام الأفرنجي، ومقاطعة الفلافل، والفطار على البحر والاستمتاع بنسمات رمضان، هكذا يعيش الإسكندرانية أجواء رمضانية مبهجة طوال 30 يومياً.
تتزاحم الكافيهات على الكورنيش يومياً منذ بداية الشهر وحتى نهايته وتكتظ بالإسكندرانيين والمصطافين للاستمتاع بشهر الصوم، فيما تحتل حدائق المنتزه والمعمورة المقصد الأول في تنظيم تجمعات الإفطار والسحور خلال شهر رمضان، حيث يفضل كثير من العائلات الإفطار داخل حدائق ويفترشون الأرض للاستمتاع بالشهر الكريم على طريقتها.
كثيراً ما يتردد أن شهر رمضان في المناطق الشعبية مختلف عن باقي مناطق المدينة، لما يتميز به من روحانيات، وارتباط اجتماعي بين أبناء المنطقة الواحدة، والاشتراك فيي تعليق شرائط الزينات، وتشتعل المنافسة بينهم فيمن يصنع الفانوس والكعبة الأكبر على مستوى المناطق.
فتميزت منطقة باكوس شرقاً للعام الثالث على التوالي بوجود أطول فانوس بأحد شوارعها، الذي صممه أحمد حاجو أحد أبناء المنطقة، موضحاً أن الفانوس يبلغ ارتفاعه 50 متراً أو نحو 16 طابقاً، ومعلقاً بين عمارتين شاهقتي الارتفاع.
وقال "حاجو" لـ"الوطن"، فكرة صناعة أطول فانوس طرأت على ذهنه بهدف إدخال الفرحة والسرور على قلوب أبناء منطقته والأطفال، مشيراً إلى أن الفانوس يزن نحو 5 أطنان، ومزود بأكثر من 100 لمبة لإضاءته ليلاً، بالإضافة إلى مكبرات الصوت لتشغيل الأغاني والتواشيح الرمضانية، مؤكداً أنها عادة كل عام.
"افتح يا عمو عايز فلوس الفانوس علشان نعلقه في الشارع" هكذا يردد أطفال المناطق الشعبية خلال المرور على العقارات من أجل تجميع أموال لشراء فانوس وزينة الشارع لتعليقها طوال الشهر للفرحة معاً.
أشار عبدالرحمن السيد، 13 سنة، من منطقة محرم بك، إلى أنه يشترك كل عام مع أصدقائه وجيرانه من المنطقة في المرور على العمارات والشقق لجمع الأموال من الجيران للاشتراك في شراء الشرائط الملونة للزينة، والخيوط، موضحاً أنهم يسهرون بالليل للانتهاء من صناعتها وتركيبها، وأكد أنه وجيرانه من الشارع نفسه يدخلون في منافسة قوية، مع أمثالهم في الشوارع المجاورة، مؤكداً أنه يحاول أن يبدع مع أصدقائه لتزيين الشارع بشكل أجمل بمساعدة شباب المنطقة.
أما عادات الإسكندرية في الأكلات الرمضانية فمختلفة، منها أكلات تتم مقاطعتها خلال شهر رمضان، أو يضعف الإقبال عليها، في مقابل أكلات تُعد هى الأساس على طاولات الإفطار والسحور خلال الشهر الكريم.
سعدية علي، 87 سنة، قالت إن أهل الإسكندرية يطلقون على أول أيام رمضان "الرفرافة"، موضحة أن المسمى يعود إلى رفرفة أجنحة الطيور، حيث يحرصون على أن يكون الطبق الرئيسي على مائدة الإفطار من الطيور "دجاج، بط، أوز، ديك رومي"، وأضافت "سعدية" أن من أهم الأكلات الأساسية خلال شهر رمضان على الموائد السكندرية في الإفطار، هي المحاشي بأنواعها، والرقاق، وبيتزا الجلاش، واللحوم والدواجن، بالإضافة إلى السلاطات السكندرية وأبرزها "الكشك"، أما فى السحور فلا غنى عن "طبق الفول"، الذى يعتبرونه أهم أسباب الشبع لمدة طويلة، وأكدت أن هناك أكلات يقاطعها أهل الإسكندرية فى رمضان منها "الفلافل" التي يعتبرونها تسبب احتقاناً شديداً في الحلق بسبب كميات الزيت المتشبعة بها، وتغلق محلات الفلافل أبوابها طوال رمضان، والبعض يغير نشاطه خلال هذا الشهر، لعدم إقبال المواطنين عليها، وأيضاً "البسطرمة" لأنها تتمتع بمذاق حادق يسبب العطش، مثل "الجبنة التركي".
وفي الساعة الثامنة مساء تدق الأجراس في الشوارع، لتعلن عن قدوم عربات الفول، يتجول الباعة لبيع علب وأكياس الفول من أجل السحور، ويحرص السكندريون على تناول الفول يومياً والبيض والجبنة القريش مع السحور، فيما ينتشر بائعو القطايف والكنافة في الشوارع من أجل الحلويات، فيما تحرص كثير من السيدات السكندريات على صناعة الحلوى في المنازل، حيث تعد من أساسيات موائد وتجمعات الإسكندرية، ولا تختلف كثيراً عن باقي المحافظات، ولكنها تتميز بطريقة طهيها وحشوها، وتحاول سيدات الإسكندرية أن يجعلن من القطايف والكنافة "حلو وحادق"، حيث إنه من المتعارف عليه أن "القطايف والكنافة" هما ما يميزان حلويات رمضان، ولكن الإسكندرانية يتعاملون معهما معاملة الحوادق، ويطهونهما باللحوم، والجبن، بحشي القطايف بسطرمة وجبنة تركي وجبنة كيري ولحمة مفرومة.
وتقول أحلام بدير، موظفة على المعاش، 65 عاماً، "مهما عملوا كنافة بالمانجو أو كنافة بالقشطة أو كنافة بالنوتيلا، سيظل قرص الكنافة في الفرن بالشربات بتاع أمي أحلى وأطعم حلاويات في رمضان، والقطايف بالسودانى والمكسرات المقلية في الزيت هي الحلويات الرمضانية الأصلية"، وتضيف أن الأسرة والأحفاد ينتظرون رمضان من أجل تحضير قرص الكنافة والحلويات الخاصة بهذا الشهر، التي تحاول كل سيدة أن تبدع فيها في أثناء تجميع العيلة، مؤكدة أن الشهر هو للتقارب وصلة الرحم والتجمع معاً.