مؤلف الكتاب هو فضيلة الشيخ «سيد سابق» الذى تولى وكالة المساجد ومدير إدارة الثقافة بوزارة الأوقاف. وللشيخ مؤلفات، منها: «دعوة الإسلام»، «والعقائد الإسلامية» و«مصادر الشريعة الإسلامية»، وأشهر مؤلفاته «فقه السنّة»، وهو كتاب يحتاج إلى نصب ميزان علمى نقدى له، لإعادة الرؤية التى ينطلق منها، ومنهجيته فى استخراج البحوث.
وقد أخذ الكتاب شهرة واسعة، حتى لا يكاد بيت يخلو منه، لأن الذى قدّم له هو «حسن البنا»، مؤسس الإخوان، وعمل الإخوان على نشر الكتاب وتدريسه، والذى يغيب عن الكثيرين أن الشيخ «سيد سابق» ترك جماعة الإخوان فى آخر حياته، واعترف بأن الإخوان هم الذين تورطوا فى دم «أحمد ماهر» فى البرلمان سنة 1945م، وسوف أعود لاحقاً إلى قصة ترك الشيخ سيد للإخوان، واعترافه بتورطهم فى الدماء!
وبما أن «البنا» هو الذى قدّم للكتاب، وقد توفى البنا عام 1949، وأن الشيخ «سابق» وُلد 1915م، يتبين أنه ألّف الكتاب فى عمر لا يسمح له بتأليف كتاب يكون مرجعية للمسلمين، مما نعلم منه أن تقديم البنا للكتاب أسهم فى نشره، ليتم الربط بين الكتاب وبين «البنا»، وبالتالى الربط بين الكتاب والإخوان، وإلا ما علاقة البنا، وهو غير متخصص فى الفقه والسنّة، بتقديم كتاب عن فقه السنّة؟!
وللأستاذ «مصطفى بشير الطرابلسى» كتاب مهم عنوانه: «منهج البحث والفتوى فى الفقه الإسلامى بين انضباط السابقين واضطراب المعاصرين.. الأستاذان سيد سابق والقرضاوى نموذجاً»، قدّم فيه توصيفاً وتقييماً دقيقاً لسابق والقرضاوى.
وقد تناول صاحب الجمهرة الكبرى (جمهرة أعلام الأزهر الشريف فى القرنين الرابع عشر والخامس عشر) كتاب «فقه السنّة» بطريقة علمية دقيقة ومؤصَّلة، فقال ما خلاصته:
هناك فرق بين علم الفقه، وفقه الحديث، فعلم الفقه لا يؤخذ من السنّة وحدها، ولا من الكتاب والسنّة فقط، وأما فقه الحديث فهو خاص بالاستنباط من الكلام النبوى خاصة، ويجتمعان فى أحاديث الأحكام، إذ هى من موضوع علم الفقه وعلم فقه الحديث معاً، وبما أن كتاب «فقه السنّة» موضوعه علم الفقه وليس أحاديث الأحكام، فالخلل حينئذ كبير، لأن علم الفقه لا يُستخرج من السنّة المشرّفة وحدها.
أيضاً، نهضت الأمة بهذه الصنعة الفقهية على يد الأئمة الكبار من الفقهاء والأصوليين أمثال: ابن راهوية والليث والشافعى والأوزاعى والجوينى والغزالى ممن تبلورت على أيديهم هذه الصنعة، ثم انتقلت إلى أطوار من التنقيح فى غاية العجب، بل إن كتاب «نهاية المحتاج» للإمام الرملى قد قرأه على مؤلفه 400 من العلماء، فنقدوا الكتاب وصححوه، حتى بلغت صحته إلى حد الدوائر، فضلاً عن التصانيف فى أصول المذهب، وتخريج الأصول على الفروع، كل ذلك نبذه الشيخ سيد سابق، ثم جاء ليقول إن ما صنعه هو فقه السنّة، مع أنه ليس بالمحدّث الخبير، ولا بالأصولى المتبحر.
ولذلك قلّ رجوعه إلى الأدلة فى أبواب العبادات، وتناقض كلامه فى الاحتجاج بكلام الصحابة، وفى دلالة فعل النبى -عليه الصلاة والسلام- وأهمل الإجماع والقياس فى كتابه، وأهمل أركان الاستنباط. ومن يريد مثالاً فليراجع باب سجود السهو، ويتضح لك الفارق حين تقارن بينه وبين ما كتبه الأستاذ «حسن الملطاوى» فى كتابه «فقه العبادات على مذهب الإمام مالك»، فكتاب «الملطاوى» هو بحق الذى يطلق عليه «فقه سنّة».
وخلاصة القول أن كتاب فقه السنّة غير معتمَد، وهو أحد الأسباب التى خلخلت منهجية الأزهر، وشاع الكتاب شيوعاً زائداً حتى التبس أمره على الأزهريين أنفسهم، وأقول: وقد كان فقيه سوهاج وشطورة العلامة الشيخ «على يوسف درويش» يحذر منه فيقول: «إن كتاب فقه السنّة للشيخ السيد سابق لا هو بالفقه ولا بالسنّة».