نهار رمضان.. ميدان الحصرى: سوريون يرفعون شعار «الرزق يحب الخِفَّية»
زحام حول المسجد بسبب البيع والشراء
على امتداد ميدان الحصرى بمدينة 6 أكتوبر التابعة لمحافظة الجيزة، بدت مظاهر الشهر الكريم جلية، بفعل الفوانيس وزينة رمضان التى تدلت من البنايات، والزحام الذى ضرب المنطقة، فعلى الرغم من درجات الحرارة المرتفعة إلا أن الحركة فى الميدان لم تهدأ، خاصة مع بدء موسم الامتحانات فى معظم الجامعات التى تضمها المنطقة، الأمر الذى جعل حركة البيع والشراء تنشط بشكل كبير، فعلى بعد خطوات من الموقف الرئيسى لسيارات الأجرة وتحديداً فى الجهة المقابلة افترش الباعة الجائلون الذين تزايدت أعدادهم مع حلول شهر رمضان الساحة الكبيرة أمام جامع الحصرى، لاستقبال المواطنين الذين توافدوا على الميدان لأسباب مختلفة، فهى بمثابة مكان لعرض منتجاتهم. أمام البوابة الرئيسية للجامع جلس عدد من الأشخاص خلف طاولات خشبية أحضروها خصيصاً لرص المصاحف وخواتم التسبيح وبعض زجاجات العطر الصغيرة فوقها، محتمين من أشعة الشمس بأغطية الرأس البيضاء، بينما لجأ آخرون إلى إحضار مظلات صغيرة رافعين شعار «الرزق يحب الخفية»، يقضى بعضهم الوقت فى قراءة القرآن أو الاستلقاء بجانب طاولاتهم، بينما شرع عدد منهم فى التسويق لبضاعتهم يرافقهم صغارهم الذين ورثوا مهنة البيع عن آبائهم وأخذوا ينادون بصوتهم الطفولى وسط لحظات من الضحك واللعب فى ساحة الجامع، لم تكف حناجر الباعة عن النداء إلا عند ارتفاع أذان الظهر الذى أخذ يصدح فى أرجاء المكان، وما أن انتهى الأذان وفرغوا من صلاتهم حتى عاد الجميع إلى ما كانوا عليه.
«تمر ودوم ومانجا أبوماجد أزكى من المحلات»، بلهجة سورية ونغمة مميزة وصوت تلتقطه آذان القريب والبعيد، يصدر من إحدى السيارات القديمة وقف شاب ثلاثينى يقنع المارة بجودة عصائره التى تلقى رواجاً كبيراً فى رمضان وقام بوضعها داخل صندوق ملىء بالثلج فى المقعد الخلفى للسيارة حتى تحافظ على درجة حرارتها ولا يتغير مذاقها، حيث يقوم الشاب بإعطاء المشترى زجاجة عصير مجانية فى حال قرر الشراء محاولة منه لكسب ثقة زبائنه، قام الشاب بتسخير سيارته الصغيرة لتكون بمثابة دكان متنقل، فترتيب زجاجات العصير وتناسق ألوانها يجذب إليها الصغير قبل الكبير، فها هى أسرة صغيرة قد فرغت للتو من صلاة الظهر وتسابق أطفالها للوصول إلى سيارة العصير التى وقف أمامها عدد من الأشخاص قبل أن يقرر والدهم شراء كميات كبيرة منها بعدما نصحه عدد من زبائن «أبوماجد» بتجربة منتجاته، يأخذ الشاب قسطاً من الراحة داخل سيارته ليريح قدميه من الوقوف لساعات طويلة ويبلل وجهه بالماء مستخدماً زجاجة صغيرة كان قد ملأها من الجامع للتخفيف من حرارة الشمس العمودية على رأسه والتى أفقدته ما تبقى فى جسده من ماء، قبل أن ينهض ثانية لاستكمال عمله.
على الجهة المقابلة يقع شارع واسع يفصل بين ساحة جامع الحصرى وباعته وبين منطقة المطاعم والكافيهات داخل شارع السوريين، فالحركة داخل الشارع لا تختلف كثيراً عن الساحة، وأمام أحد محلات الكنافة النابلسية، الحلوى السورية الأشهر، كان العمل على قدم وساق، حيث وقف عدد من الأشخاص العاملين بالمكان يرتدون زيهم الأبيض المميز وغطاء رأس، يخرجون صوانى الكنافة الكبيرة بأعداد متزايدة تزامناً مع حلول شهر رمضان من مخزن المحل لغسلها قبل البدء فى إعداد الكنافة بها قبل 6 ساعات من الإفطار، حيث تستغرق وقتاً طويلاً للانتهاء منها وتلبية طلبات الكثير من الزبائن الذين أتوا من أماكن مختلفة لشرائها.
الشاورما السورى والكنافة النابلسية تتصدر المبيعات.. والباعة يفترشون ساحة الجامع للحصول على رزقهم
وأمام محال الكنافة النابلسية كان المشهد لافتاً حيث تم وضع شاشات كبيرة وكراسى لا حصر لها، بدأ أصحاب الكافيهات والقهاوى فى رصها على امتداد الساحة الكبيرة خلف جامعة 6 أكتوبر، فأعداد الأشخاص الذين يقصدون المكان بعد الإفطار لتبادل الأحاديث وتناول مشروباتهم المفضلة أكبر من أن يتم استيعابهم داخل مقهى صغير، فما أن تشير عقارب الساعة إلى الواحدة ظهراً حتى يبدأ العمل، يبدو المكان كخلية نحل فالعمل لا يهدأ رغم الصيام، وقبل لحظات من رفع أذان العصر وعلى مسافة ليست ببعيدة من أحد المقاهى شمر عدد من العمال عن سواعدهم وخلعوا أحذيتهم قبل أن يصعدوا إلى إحدى السيارات الكبيرة المزودة بمبرد والمخصصة للأغذية التى أتت محملة بعدد من أسياخ الشاورما، ليحملوها على أكتافهم ويقوموا بتعليقها على الشواية قبل إشعال النار والبدء فى عملية الطهى، فى الوقت الذى وقف فيه آخرون أمام الفرن المجاور للمحل والتابع له يتصبب من جبينهم العرق يقومون بإزاحته باستخدام قطعة كبيرة من القماش، حيث لا يمكنهم مغادرة المكان أو أخذ قسط من الراحة قبل الانتهاء من خبز أعداد كبيرة من «العيش السورى» لتغطية احتياجات الصائمين الذين قصدوا المكان للإفطار.