د. المحرصاوى: استراتيجية جديدة لمواجهة الفكر المتطرف.. و«البنا وقطب والمودودى» خارج مناهجنا
رئيس جامعة الأزهر يتحدث لـ«الوطن»
أكد الدكتور محمد المحرصاوى، رئيس جامعة الأزهر، أن الجامعة تمسك بتلابيب التجديد فى الفكر الدينى وتسعى لإثراء الحركة الثقافية فى مصر، وستظل حامية للأمن المجتمعى فى كل العصور، كذلك لديها استراتيجية علمية شاملة تعالج مختلف أبعاد التجديد، ومسئولية القائمين عليها تنوير الناس وتبصيرهم بأمور دينهم، ومن ينحرف عن الوسطية يحاسب بالقانون، مضيفاً «اللجان العلمية فى انعقاد دائم لمناقشة المستجدات»، وأكد «المحرصاوى»، فى حواره لـ«الوطن»، أن اتهام المؤسسة بالجمود يفتقد الدليل، والتراث به كنوز، والتعدى عليه وهدمه يتعارض مع حرية الرأى التى ننشدها. ودافع عن قرار منع الظهور الإعلامى دون تصريح، مؤكداً أنه ليس بدعة وتطبيق للقانون، وكان أول المتقدمين الدكتور سعد الدين هلالى والدكتور مبروك عطية.. إلى نص الحوار:
رئيس جامعة الأزهر لـ"الوطن ": لجان علمية دائمة لمناقشة المستجدات.. ونحقق مع المتجاوزين للوسطية
منذ 4 سنوات دعا الرئيس السيسى لتجديد الخطاب الدينى.. ماذا قدمت جامعة الأزهر فى هذا الملف؟
- تجديد الخطاب الدينى ليس أمراً جديداً علينا، فهو ثابت فى الإسلام، منذ القدم بنص صريح، وهو قول النبى «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة عام من يجدد لها أمر دينها»، وجامعة الأزهر ولله الحمد لا تألو جهداً فى تجديد الخطاب، واتفقنا فى إدارة الجامعة على صياغة استراتيجية علمية شاملة تعالج مختلف الأبعاد والملفات المتعلقة بقضية تجديد الخطاب الدينى، بما يسهم فى نهوض الأمة ورقيها، ويحفظ لها هويتها، ويستنهض قيمها وقوة حضارتها الراسخة، وبدأت بها كليات الجامعة فى القاهرة والأقاليم، فجامعتنا تمسك بتلابيب التجديد والتطوير فى الفكر الدينى، وتثرى الحركة الثقافية فى مصر وخارجها، وستظل حامية للأمن المجتمعى فى كل العصور، فكانت ولا تزال تبذل جهوداً كبيرة، فى مسارات متناغمة، تستهدف الارتقاء بمستوى الأداء فى الاضطلاع برسالتها العلمية والدعوية والاجتماعية والإنسانية، من خلال كلياتها التى تمتد بمختلف المحافظات، وخريجيها الذين ينتشرون بالداخل والخارج، ويسهمون فى ترسيخ الفهم الحقيقى للدين الحنيف وفق منهج إسلامى وسطى.
كيف يتم التطبيق العملى للخطة الاسراتيجية على أرض الواقع؟
- تجديد الخطاب الدينى لم يقتصر لدينا على ما يظنه البعض، من مناهج وخطب، بل تخطينا ذلك وجددنا الخطاب بالأفعال، فذهبنا لأقاصى القرى والنجوع والمناطق المزدحمة بالسكان لنقدم التوعية الفكرية، وقمنا بأنشطة ثقافية للطلاب بجميع المحافظات، هدفها تنمية الوعى العام بينهم، وتعريفهم بالتحديات الراهنة التى تواجه مصر، داخلياً وخارجياً، وكيفية مواجهتها، وتعميق قيم الانتماء والولاء لديهم، وبدأنا فى تطوير اللوائح الدراسية بمختلف الكليات، بما يجمع بين التراث والمعاصرة، وهناك لجان علمية دائمة المراجعة للمحتوى العلمى المقرر على الطلاب، لضمان التطوير المتواصل للمناهج الدراسية، وتلبية احتياجات العصر، وخدمة رسالة الأزهر، وإيماناً منا بأن التجديد لا يقتصر على فكر واحد، فسعينا ووفقنا الله فى ذلك بإقامة معرض دائم للكتاب بجامعة الأزهر يبيع الكتب بتخفيضات كبيرة من خلال إصدارات علمية قيمة أصدرها مجمع البحوث الإسلامية، ومجمع اللغة العربية، والهيئة المصرية العامة للكتاب، ودار الكتب والوثائق القومية، وقصور الثقافة، والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، لعدم ترك أبنائنا فريسة لمن يريدون العبث بعقولهم لتحقيق أجندات خاصة، أضف إلى ذلك أن هذه المعارض تحقق الانتماء الوطنى عن طريق غرس الروح الوطنية فى نفوس الطلاب والطالبات من خلال إتاحة الكتب التى تقوم بتوعيتهم بأهمية الوطن وضرورة الحفاظ عليه، وتوضح لهم المخاطر التى تهدده وتحاول النيل من الوحدة الوطنية، وتعرفهم على إنجازات الوطن، وسيرة رموزه، وأهم الشخصيات التاريخية، التى لعبت دوراً مهماً فى التاريخ المصرى.
خضت معركة تطهير مناهج الأزهر.. كيف كانت الأوضاع وإلى ماذا وصلنا؟
- مناهجنا ليست فاسدة حتى نطهرها، والأصح أننا نقوم بتطوير المناهج وليس تطهيرها، فكل عصر له متطلباته، ولا بد أن تتواكب المواد العلمية والدينية معه، وهو ما نقوم به، فمناهجنا ترتكز على التعددية الفكرية وتتسع لمختلف المذاهب الفقهية المعتبرة، حتى ما قد يراه البعض مهجوراً أو ضعيفاً، ما دام له سند من شريعة أو فقه، فالعلم والعلماء فى الأزهر سندهم الدليل والنص، ولا كبير فى الأزهر إلا العلم الصحيح، ولا عصمة لأحد غير الأنبياء والمرسلين، والخطأ يجب تفنيده وتصحيحه دون تشكيك فى نوايا صاحب الخطأ أو مساس بشأنه، وقد دعيت فى مجلس الجامعة إلى فتح الأبواب أمام كل المجتهدين، وقاعات الدرس وليس الإعلام هى الموطن الأساس للاجتهاد، وأن يكون فى كل كلية لجان علمية فى حالة انعقاد دائم تتولى النقاش العلمى الحر حول أى مستجدات أو نوازل وغيرها مما يُثار من قضايا معاصرة؛ وهو إدراك من الجامعة للمخاطر التى تتهدد الأمة بافتعال الخلافات الفقهية والتشدد لمناصرة رأى على حساب الآخر، ولهذا فقد وجهت بتلقى أى أبحاث علمية من داخل الجامعة أو خارجها، ومدارستها داخل قاعات العلم بأسلوب يحتكم للمنهج العلمى وقواعده الرصينة، بما يضمن الحفاظ على عقيدة وهوية الأمة ومواكبة متغيرات العصر.
هل معنى كلامك أنه لا وجود لأفكار «البنا وقطب والمودودى» داخل المناهج؟
- ليست لدينا أفكار متطرفة داخل الجامعة، فجامعتنا جزء من الدولة، وما حدث فى كل مصالح ووزارات الدولة ينطبق على أى جامعة، وإذا كان هناك خطأ حدث من أى عضو هيئة تدريس فإننا نحاسبه مباشرة داخل الجامعة، ولا يشترط أن نعلن ذلك فى الإعلام، أما ما يتصيده المغرضون ويشهِرون به ضد الجامعة وكأن كل المنتسبين إليها مخطئون فإننا لا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل، فتاريخنا وعاصرنا يتحدث عنا، ويكفينا شرفاً أننا الجامعة الوحيدة، على حد علمى، التى تنتسب إلى مؤسسة يدرس فيها ثلاثة وثلاثون ألف وافد، فلو كان هناك فكر متطرف بها لما وجدنا هؤلاء داخل أروقتها.
كانت هناك مشكلات دائمة تلاحق «الوافدين».. كيف عالجتم تلك الأزمة؟
- الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، يولى اهتماماً كبيراً للوافدين، فهم سفراء الأزهر بالخارج، ونعلمهم الوسطية لينشروها حول العالم، فلدينا أكثر من 40 ألف وافد من 112 دولة حول العالم، وعدد كبير منهم يحصلون على منح من الإمام الأكبر، الذى يحرص على تقديم كافة الدعم اللازم لهم، كذلك خصص الإمام لقاء شهرياً مباشراً معهم عبر برلمان الطلاب الوافدين، الذى يجتمع شهرياً مع شيخ الأزهر وجميع قيادات الجامعة، وتم تأسيس مركز لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها لمساعدة الطلاب الوافدين على تعلم لغة القرآن الكريم، إضافة إلى تأسيس مكتب لرعاية الطلاب الوافدين يتبع الإمام الأكبر، وتأسيس إدارة لرعاية الوافدين بالمنظمة العالمية لخريجى الأزهر، إضافة لإقامة كاملة لأغلب هؤلاء الطلاب فى مدينة الأزهر للمبعوثين، وتقديم شروح ميسرة للمواد حتى لا يضطر الطلاب للجوء للمتطرفين خارج مدينة البعوث ليشرحوا لهم، ورحلات صيفية لمن يقيم من الطلاب فى القاهرة ولا يستطيع السفر لأهله.
والحقيقة الأزهر فخور بالطلاب الوافدين ويراهم نماذج مضيئة، وسفراء للمؤسسة ومنهجها، كذلك يقدم الأزهر دروساً ومراجعات للطلاب أشبه بالدروس الخصوصية، لشرح ومراجعة مختلف المواد والمقررات الدراسية بالتعاون مع أساتذة هذه المواد من كليات جامعة الأزهر، لشرح هذه المواد، ولشرح بعض النقاط التى لم يتمكنوا من فهمها خلال الفصل الدراسى، وذلك تيسيراً على الطلاب، ومنع محاولات لاستقطابهم، ولمساعدتهم فى الاستفادة الكاملة من المناهج الدراسية الرصينة للأزهر الشريف التى تشكل العقلية العلمية للطلاب الوافدين والطالبات.
هل تعنى أنكم قضيتم على السلفية والإخوان داخل الجامعة؟
- نحن جهة تعليمية ولسنا جهة أمنية، فنعامل جميع الطلاب والأساتذة بمبدأ العلم، ومن يخرج عن هذا الإطار فلنا قانون يحكمنا وحقنا أن نطبقه على المخالفين.
هل تتم مراقبة المحتوى العلمى المقدم داخل المحاضرات لمواجهة شطحات من لا يسيرون على المنهج الأزهرى؟
- المعلم أو الأستاذ يعرف مسئولياته وإذا صدر تجاوز من أحدهم فإننا فى عصر صار فيه كل شىء معروفاً، فمن شطح فليتحمل عواقب شطحاته ولا نستثنى فى ذلك أحداً.
أعلنت الجامعة عن تحويل أعضاء بهيئة التدريس للتحقيق لمخالفة المنهج الأزهرى.. ما نتائج التحقيقات؟
- هذه أمور داخلية من حق الجامعة الاحتفاظ بها، فالمواطن لن يستفيد بمعرفة اسم الشخص أو العدد، فنحن نركز على الفعل، وعندما وجدنا أن هناك تجاوزاً اتخذنا الإجراءات التى تحفظ للجامعة حقها ضد هؤلاء المتجاوزين، وسنستمر فى ذلك ولن يوقفنا أحد ما دمنا نعمل فى تطبيق القانون وتفعيله.
«الكتاب الموحد» شهد انتقادات وترحيباً من أبناء الأزهر.. هل سيكون وسيلة التصدى للأفكار المتطرفة فى المناهج؟
- الكتاب الموحد أداة لتوحيد المعايير وطريقة لمواكبة العصر الحالى، وأكرر هدفنا تلبية احتياجات العصر، وخدمة رسالة الأزهر، فنحن انتهينا من إنتاج محتوى علمى موحد بالكليات، والأقسام الشرعية المتناظرة بالقاهرة والأقاليم، وهذا المحتوى شارك فى إعداده وتدقيقه كل أعضاء هيئة التدريس المختصين، بما يتوافق مع توصيف كل مقرر دراسى وأهدافه، ويسهم فى تحقيق تكافؤ الفرص بين الطلاب، ومن يصف الكتاب الموحد بأنه يقتل روح الإبداع، فهو مخطئ، فنحن لا نقف ضد الإبداع، بل نعمل على وضع محتوى علمى يخدم الطلاب ويسهم فى مواكبة العصر الحالى، كما نفعل مع الكليات العملية كالطب والهندسة والعلوم واللغات والتجارة، فندرس لهم هذا العام مادة الفقه، بمقرر دراسى لكل قطاع، يتضمن ما يحتاج الطلاب إلى معرفته من القضايا المعاصرة، وهناك لجان علمية متخصصة، فى حالة انعقاد دائم، تتولى النقاش العلمى الحر، حول أى مستجدات أو نوازل أو غيرها، وتعكف على مراجعة المناهج الدراسية المقررة على الطلاب بمختلف الكليات، خاصة ما تُعنى بالعلوم العربية والشرعية؛ للتأكد من اتساقها مع المنهج الأزهرى الوسطى، الذى يُعد ترجمة صادقة أمينة لروح الإسلام، والتوصيف الدراسى المقرر، وما يستهدفه من نواتج للتعلم، بما يضمن الجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويُواكب آخر ما وصل إليه العلم، ويُلبى احتياجات العصر.
كيف يتم الجمع بين الحداثة والتراث فى المناهج المقررة؟
- نهدف لمواكبة التغيرات المجتمعية وتوفير المهارات والخبرات اللازمة للخريج، وفى سبيل ذلك تمت مراجعة أكثر المناهج فى الكليات النظرية، وبدأنا فى فكرة الكتاب الموحد لتوحيد المعايير فى المقرر بين الكليات المتناظرة، بالإضافة إلى تغيير كتاب الفقه بالنسبة للكليات المستحدثة، بحيث يشمل الكتاب الموضوعات التى تناسب الفئة المستهدفة، بمعنى أن كتاب الفقه مع قطاع الطب يختلف عن قطاع التربية الرياضية وعن كليات التجارة، وقد بدأنا فى تطبيق هذا العام الدراسى الحالى، فنجد أن كتاب الفقه المقرر على كليات الطب يناقش المسائل المتعلقة بتشريح الجثث ونقل الأعضاء والخلايا الجذعية وبنوك الأجنة وعمليات الإجهاض، وكذلك فى كلية التربية الرياضية يتحدث كتاب الفقه عن قضايا معاصرة كتناول المنشطات وظواهر الروابط الرياضية «الألتراس» وضوابط الزى الرياضى وغيرها من المسائل الفقهية التى لم تكن مطروحة، كذلك فى كلية التجارة يناقش كتاب الفقه مسائل متعلقة بالمعاملات البنكية الحديثة والتداول فى البورصة والسندات الحكومية وغيرها من المسائل المتعلقة بالمعاملات المستحدثة.
غياب الوعى أدخلنا إلى غياهب الظلام.. وتجنِّى الإعلام وسخريته من الشيوخ تسبّبا فى تهميش دور العالم الوسطى
كيف ترى دعوات إلغاء الكليات العملية بجامعة الأزهر والإبقاء على الكليات الشرعية؟
- دعوات قديمة متجددة يرددها من لا يعرفون عن الأزهر شيئاً، وربما يطلقها بعض ناكرى الجميل للأزهر، فقد يتحدث عن هذا الإلغاء صباحاً وتجده يكشف عند أحد الأطباء الأزهريين ليلاً.
لماذا توضع الكليات الشرعية فى آخر قائمة التنسيق؟
- الكليات الشرعية ليست فى أسفل الكليات، ولكن كل كلية لها قدرات استيعابية، بدليل أن أعلى المناصب فى الجامعة تكون من نصيب هؤلاء الطلاب، وأزف لك بشرى أننا نقوم حالياً بإعداد مشروع لاستحداث معاهد عليا، بعد المرحلة الثانوية عن طريق استغلال مبانى الكليات فى الفترة المسائية، وذلك خدمة للطلاب الذين لا تؤهلهم مجاميعهم للالتحاق بالكليات، ونأمل أن يتم تطبيق هذا القرار بدءاً من العام المقبل، حيث نعمل حالياً على إعداد اللوائح المالية والإدارية لهذه المعاهد والحصول على الموافقات القانونية، وسوف تشمل على سبيل المثال الكوادر النادرة والتخصصات المطلوبة، كفنى معامل بالنسبة لكلية العلوم، ومساعد مهندس بالنسبة لكلية الهندسة وهكذا، فالهدف هو التخفيف على الكليات وتوفير مهن يحتاجها سوق العمل، حيث سيتم العمل على توفير جميع التخصصات التى نحتاجها ونفتقد الكوادر اللازمة فيها.
"منع الظهور الإعلامى دون تصريح" ليس بدعة.. و"هلالى وعطية" أول الحاصلين عليه
اتخذتم قراراً بمنع ظهور أعضاء هيئة التدريس دون الحصول على إذن من رئيس الجامعة.. لماذا هذا القرار وكيف ترد على منتقديه؟
- هذا ليس قراراً جديداً، وهذا القرار موجود فى كل المؤسسات بالدولة، لضبط الأمور الداخلية بها، فنحن لسنا بدعاً، ومع ذلك لم يتقدم لنا أحد ومنعناه ما دام يتمسك بالمنهج الأزهرى، وكان أول المتقدمين الدكتور سعد الدين هلالى والدكتور مبروك عطية ووافقت لهما فوراً، فليس هدفنا المنع بل مراعاة التخصص الدعوى.
وجود شباب يفجر نفسه فى الناس معتقداً أن هذا سبيله إلى الجنة والحور.. ألا يمثل إدانة على إخفاقكم فى نشر الوسطية بين الشباب؟
- نحن مسئولون عن تنوير الناس وتبصيرهم بأمور دينهم ومن ينحرف عن الوسطية ويتجه للعنف بزعم أنه حينما يفجر نفسه بين أناس عزل يدخل الجنة، فهو مريض، فهل يوجد عاقل يفجر نفسه أو ينتحر، فالرسول قال «والذى نفسى بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا».
اتهامنا بالجمود يفتقد الدليل.. والتراث به كنوز وهدمه يتعارض مع حرية الرأى التى ننشدها
تتحدثون عن تحركات فى عملية التجديد لكن تطالكم الاتهامات بالجمود.. كيف ترد على ذلك؟
- اتهامات تفتقد الدليل، فإذا كان لدينا جمود فى مناهجنا فلماذا يقبل علينا طلاب أكثر من مائة دولة بالعالم، هؤلاء يثقون فى الأزهر لأنهم يعرفون قدره ويرسلون أبناءهم للتعليم فيه لوسطيته واعتداله وبعده عن التطرف والتشدد، فسياسة التعليم بالأزهر عامة هى الوسطية والاعتدال مع المصريين والوافدين، وهو ما دفع بتلك الدول لإرسال أبنائها للتعلم بالأزهر، فمناهج الأزهر تدعو للتسامح والسلام وقياداته يطوفون العالم لنشر السلام فى الأرض، ويلقون الترحاب والتكريم والاحتفاء الذى لا يمكن وصفه، فكيف يقال بعد هذا إن هناك جموداً.
ألا ترى أن تراثنا يحتاج لثورة لتنقيته ليواكب العصر الحالى؟
- التراث به كنوز وكل مسألة يجب أن نرجعها لعصرها والسبب الذى قيلت لأجله، أما تجنينا على التراث بهدمه فهذا يتعارض مع حرية الرأى التى ننشدها.
لماذا غاب عالم الدين الذى يلتف الناس حوله ويجذبهم بطيب الحديث وحسن العظة.. وكيف يمكننا استعادته؟
- عالم الدين لم يغب وما زالت القرى يقودها الشيوخ والعلماء لكن تجنى الإعلام وسخريته من الشيوخ من العوامل الرئيسية التى تسببت فى تهميش دوره فى بعض الأوقات.
هل ضياع اللغة تسبب فى الانهيار الأخلاقى والثقافى والدينى الذى نشهده اليوم؟
- هذه حقيقة، فاللغة قيمة أساسية وجوهرية فى حياة كل أمة، فهى الأداة التى تحمل الأفكار، وتنقل المفاهيم، واللغة هى الضمانة التى تحمى الأمة وتحفظ هويتها وكيانها ووجودها، وتحميها من الضياع والذوبان فى الحضارات والأمم الأخرى، ويحمد للغتنا العربية أنها سيدة اللغات، فلا تجاريها أو تعادلها أى لغةٍ أخرى فى الدقة، واللغة العربية هى هوية ولسان الأمة العربية، لكن للأسف استخدام العامية فى وسائل الإعلام المختلفة ولافتات المحلات وظهور اللهجات الشبابية والفرانكو ومزج العربى بالإنجليزى أضر كثيراً وكاد يضيع معالمنا وتقاليدنا، فصرنا إلى ما تراه اليوم من قيم متردية وأخلاق فاسدة نسخر فيها من لغتنا فى الوقت الذى يحيى فيه عدونا لغته.
لا عصمة لأحد غير الأنبياء والمرسلين.. وموطن الاجتهاد قاعات الدرس وليس الإعلام.. وأبوابنا مفتوحة أمام كل المجتهدين
كيف تكون اللغة العربية وسيلة لحماية الأمة من الضياع وإعادة الخطاب الوسطى المعتدل؟
- التمسك باللغة تمسك بالدين وبالقيم ودليل على رفعة الدول، فاللغة العربية كما تعلم لغة القرآن الكريم، وحسبها هذا الشرف، مصداقاً لقول المولى عز وجل «إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون»، وهى عامل أساسى فى فهم آيات القرآن الكريم وتوضيح مقاصدها وتبيين معانيها، فإذا تمسكنا بها فلن نضل أبداً.
معركة الوعى
معركة بناء الوعى من أهم المعارك الحالية، فإذا غاب الوعى دخلنا إلى غياهب الظلام، وعلى كل المؤسسات القيام بدورها، بداية من الأسرة، والمدرسة، والمسجد، والجامعة، ومراكز الشباب، والإعلام مقروءاً ومسموعاً ومرئياً، فكل هؤلاء عوامل وروافد تشكيل الوعى الثقافى للأفراد والمجتمعات.