أفريقيا يا عالم.. الجزائر: «الشوربة والفريك والحريرة».. ملوك المائدة
أمينة
الجزائر بلد المليون شهيد، تعدّدت ألقابها، وظلت محتفظة بمكانتها وعراقتها، فقد عاصرت كل الحضارات، سواء الأمازيغية أو الفينيقية أو البيزنطية، مروراً بالإسلامية، ثم كان التأثر بفرنسا فى العصر الحالى، وتصنفها منظمة «اليونيسكو» كمنطقة «تراثية».
من التضاريس الطبيعية الصعبة، اكتسبت الجزائر مكانتها، فهى تطل شمالاً على البحر المتوسط، وشرقاً تونس، وليبيا، وغرباً المغرب والصحراء المغربية، وجنوباً موريتانيا ومالى، والنيجر، وتبلغ مساحتها 2.5كم مربع، وتقسّم إدارياً إلى 48 ولاية و1541 بلدية، لذا كانت هدفاً للمسلمين، خلال الفتوحات، فى عهد الدولة الأموية على يد عقبة بن نافع «فاتح أفريقيا»، الذى واجه مقاومة شرسة من الأمازيغ، وهم السكان الأصليون من عام 670 إلى سنة 711 هجرياً.
تعرّضت للاحتلال الفرنسى فى القرن التاسع عشر وضرب أبناء الجزائر أروع الأمثلة فى الدفاع عن بلادهم ضد المحتل، لذلك لقّبت ببلد المليون شهيد بعدما سقط الكثير من الضحايا خلال ثورة التحرير الوطنى، ونالت استقلالها 1962، ووفقاً للدستور يُعد الإسلام هو الدين الرسمى، كما أن اللغتين العربية والأمازيغية هم الرسميتان بالجزائر، ويدين أكثر من 99٫8% من سكانها بالإسلام.
«تجتمع العائلات معاً، يعنى ما فى حد بيفطر وحده أبداً، حتى المغتربين بيعزموهم الجيران، أو بياكلوا مع أصحابهم»، هكذا تحدّثت أمينة لبيض، 21 عاماً، وتدرس فى المدرسة العليا للأساتذة بالعاصمة وتعود أصولها إلى مدينة قسنطينة، عن طقوس رمضان، ووصفت الشعب الجزائرى بأنه «عاشق للطعام خاصة الحلويات، وبيكون فى نحو 4 طبخات باليوم الواحد فى رمضان».
وأضافت أن الإفطار الكبير، هو إحدى العلامات المميزة لرمضان بالعاصمة الجزائرية، حيث يتم تنظيم طاولة ضخمة للغاية بوسط المدينة يجتمع عليها العائلات التى تجلب مأكولاتها معاً، ويوفر القائمون على المائدة أطعمة أخرى، وهى مناسبة مهمة متكررة طوال رمضان. تشتهر الجزائر وفقاً لـ«أمينة» بـ«إفطار عابر السبيل»، وتفتح المحلات والمطاعم أبوابها للفقراء وعابرى السبيل والمغتربين لتناول الإفطار بها مجاناً، لمنع الشعور بالوحدة، فيما تمتاز قسنطينة مسقط رأس «أمينة»، بطابع خاص فى رمضان، فيتم تزيين الشوارع بالبالونات المضيئة، بجانب وجبات الحلويات التى لا تخلو منها مائدة الإفطار، خاصة «طاجن الحلوى»، وفور أذان المغرب يتناولون التمور والحليب، ثم يذهبون للصلاة، ويعودون لتناول الإفطار وأهم أطباقه «شوربة الفريك المصنوعة من الصلصة والفريك»، وطبق «شباح الصفرة»، أما فى الغرب فيتناولون شوربة «الحريرة»، وفى العاصمة يكون من المعتاد طهى الكبدة أول أيام رمضان. من العادات الغريبة فى قسنطينة، أن جميع العائلات تحرص طوال رمضان على جمع الأموال من أفرادها، وفى يوم 27 رمضان يتم عمل حفلة ختان لكل الأولاد، يتبعها عمل حنة لهم فى حفل عرس بسيط.