بعد أكثر من 100 سنة "الشراقوة عزموا القطر تاني".. عُطل يتحول لسحور جماعي
عزومة السحور للركاب
نصف ساعة أو أقل قبل رفع آذان فجر أمس الأول، تعطلت عجلات إحدى القطارات فجأة بمحطة "أبو حماد" بمحافظة الشرقية، ليكون موعد مع الصدفة ويتكرر شعار أهالي محافظة الشرقية: "الشراقوة عزموا القطر"، للمرة الثانية بعد أكثر من قرن من الزمان.
قبل سحور عاشر أيام رمضان 2019، توقفت عجلات القطار عن الحركة شيئا فشيء قبل أن تستقر بركابه في "أبو حماد"، تماما مثلما حدث في رمضان عام 1917، حين تعطل قطار خط الشرق أمام قرية "أكياد" بمركز فاقوس بمحافظة الشرقية أيضا، ولكن قبل آذان المغرب وليس الفجر، لتظهر شهامة أهل المحافظة، المعروف عنهم صفات الكرم وحسن ضيافة، وتتحول ساحة محطة القطار في القصتين إلى "عزومة" كبيرة لجميع الركاب في غضون دقائق قليلة.
خبر تعطل قطار "أبو حماد" على رصيف انتشر بين أصحاب المحلات القريبة من المحطة، وعلى الفور قرر صاحب أحد أشهر محلات "الفول والطعمية" والمعروف هناك باسم "سامبو"، أن يعزم كل ركاب القطر على وجبة السحور دون أي مقابل، وحسب قوله، فهو يرى أن ما فعله "أقل واجب في مثل هذا الموقف".
بمساعدة شباب المنطقة، اجتمع "سامبو" صاحب المحل، بركاب القطار المتعطل على مائدة سحور واحدة، وحسب حديثه لـ"الوطن"، جلس الجميع يتناول الطعام قبل الفجر معا دون سابق معرفة، وتحول العطل إلى عزومة سحور جماعية.
شهامة أهل أبو حماد بالشرقية لم تقتصر في "عزومة" السحور فقط، بل تسابق الشباب المتواجد في نطاق المحطة لشراء عصائر ومياه للركاب، وحسب وصف محمد ربيع، أحد الشباب المشارك في مساعدة ركاب القطار، لـ"الوطن"، سارع بشراء عصائر ومياه بكل ما كان يحمل من نقود ووزعها على الركاب كنوع من المساهمة في تخفيف صعوبة الموقف عليهم.
الشاب العشريني الطالب بكلية الهندسة، وصف لـ"الوطن"، المشهد الذي وقع قبل يومين فقط بمحطة "أبو حماد" قائلا: "فوجئت بعدد كبير من الشباب يتسابقون معي لشراء المياه والعصائر لتوزيعها على الركاب قبل آذان الفجر وتحولت المشكلة إلى مواقف إيجابية من كل شباب المنطقة".
وبعد 100 عام من مقولة "الشراقوة عزموا القطار"، المتداولة عن أهالي الشرقية، التي تؤكد كرمهم وجودهم، تجسدت للمرة الثانية في رمضان 2019، حيث عاد التاريخ نفسه، ففي عام 1917، تعطل قطار خط الشرق أمام قرية "أكياد" بمركز فاقوس بمحافظة الشرقية قبل آذان المغرب بدقائق قليلة ولم يتردد الأهالي لحظة في تجهيز موائد الإفطار للركاب، وحملوا ما في بيوتهم من طعام وذهبوا إلى رصيف القطار وجرى إنزال جميع الركاب ليتناولوا معهم الإفطار دون تفرقة بين مسلم ومسيحي.