استشاري عالمي لإدارة الأزمات: يجب إنشاء برنامج وطني لمواجهة الطوارئ
المهندس احمد رياض
أكد المهندس أحمد رياض الاستشاري العالمي لإدارة الأزمات واستمرارية الأعمال وأحد علماء مصر في الخارج، وجرى اختياره كأول عربي أفريقي محاضر زائر بجامعة كامبريدج في الولايات المتحدة الأمريكية، ضرورة تعزيز سبل إدارة مخاطر الكوارث من أجل تحسين مستوى الاستعداد والتصدي للأزمات، ثم الانتقال إلى مرحلة استمرارية الأعمال والتي تضمن استمرار تقديم الخدمات الحيوية داخل الدولة.
وشدد رياض، في حواره لـ"الوطن"، على أهمية التزام الدول بتطبيق معايير استمرارية الأعمال، والحد بشكل كبير من مخاطر الكوارث والخسائر في الأرواح وسبل المعيشة والصحة، وإلى نص الحوار:
• كيف يمكن نقل تجربة استمرارية الأعمال وإدارة الأزمات إلى الجهاز الإداري للدولة المصرية؟
- في البداية يجب أن نعرف التسلسل التاريخي للعلوم المتعلقة بإدارة الأزمات وإدارة الكوارث، ففي ثمانينيات القرن العشرين جرى البدء في استخدام مفهوم إدارة الأزمات والذي يركز على ضمان إصدار القرارات والتعليمات اللازمة لاحتواء الأزمات المختلفة، وكذلك وجود إطار واضح للتعامل مع الإعلام، وخلال العشر سنوات اللاحقة وتحديدا في بداية التسعينيات جرى البدء في استخدام مصطلح إدارة الطوارئ والذي يعمل علي ضمان حماية الأفراد والممتلكات في حاله التعرض للحوادث والكوارث المختلفة.
ومع بداية القرن الواحد والعشرون وتحديدا بعد أحداث برج التجارة العالمي، بدأ انتشار مفهوم التعافي من الكوارث التكنولوجية، والذي من أهم أولوياته ضمان استمرار تقديم خدمات تكنولوجيا المعلومات بشكل مستمر والعمل علي عدم فقدان البيانات المهمة. ولاحقا جرى البدء في تطوير مفهوم استمرارية الأعمال للعمل على بناء قدرات المؤسسات، والمنظمات علي مواصلة تقديم المنتجات والخدمات الحيوية المحددة مسبقا طبقا لمستويات مقبولة في حالة حدوث تخريبية أو جسيمة وفي هذا الاتجاه صدر المعيار البريطاني 25999 في عام 2006 كأول معيار على مستوى العالم في استمرارية الأعمال.
وفي عام 2012 أصدرت منظمة المواصفات القياسية "أيزو" بإصدار أول مواصفة دولية في استمرارية الأعمال تحت مسمي الأمن المجتمعي والتي توضح المتطلبات اللازم تطبيقها داخل الدول، المؤسسات، الهيئات لضمان استمرارية الأعمال داخلها. وبالتالي بالرجوع إلى الحالة المصرية فإن مجلس الوزراء في نهاية سنه 2016 شكل لجنة قومية لإدارة الأزمات والكوارث والحد من مخاطرها برئاسة رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار وتتضمن عدة ممثلين من جهات الدولة بالكامل.
وأتصور أنه يجب أن تنتقل الدولة المصرية من مرحلة إدارة الأزمات إلى مرحلة استمرارية الأعمال والمرونة، وبالتالي ليس فقط انتظار الأزمة والعمل على حلها ولكن القيام بتحديد المخاطر ووضع المعالجات اللازمة لها والخطط الاستباقية اللازمة؛ لضمان استمرار تقديم الخدمات الحيوية داخل الدولة ما سيساهم في النهضة التي تحدث في مصر الجديدة بقيادة الرئيس السيسي على جميع الأصعدة.
* لماذا أسست أول بوابة إلكترونية باللغة العربية لاستمرارية الأعمال وإدارة الأزمات والكوارث؟
- لاحظت خلال جميع المشروعات التي قمت بتنفيذها أنه كلما زاد مستوى الوعي داخل المؤسسات والبلدان، كلما أصبح تنفيذ استمرارية الأعمال أيسر وأسهل، كما لاحظت أن قلة الوعي بكيفية التعامل مع الأزمات يؤدي دائما إلى تفاقمها.
وتعرض عالمنا العربي بشكل خاص والعالم بشكل عام لأزمات وكوارث عديدة خلال الخمس سنوات الماضية، وأدركت من خبرتي في تنفيذ مشروعات استمرارية الأعمال أن وجود محتوى باللغة العربية يساعد بشكل كبير في زيادة الوعي ويساعد على الأستعداد والجاهزية للتعامل مع الازمات والكوارث، كما أنه من واجباتي أن أكون سفير لبلدي ولوطني العربي، لذلك قمت بتكريس جزء كبير من وقتي خلال الخمس سنوات الماضية للمساهمة في تقديم محتوي باللغة العربية في استمرارية الأعمال بالتعاون مع معهد استمرارية الأعمال بإنجلترا ومعهد التعافي من الكوارث العالمي بأمريكا ولكني اعتبرت أن هذه محاولات بسيطة وغير متكاملة، ومن هذا المنطلق تولد حلم لدى لصناعة محتوى عربي متكامل في استمرارية الأعمال، وإدارة الأزمات والكوارث وجميع المجالات الأخرى المتعلقة.
* ما أهمية إطار "سنداي" للحد من مخاطر الكوارث الصادر عن الأمم المتحدة في 2015؟ وكيف يمكن تطبيقه في مصر؟
في أواخر عام 2017 جرى انتخابي كعضو في مجلس إدارة استراتيجية الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، تحالف القطاع الخاص، والذي يعمل جنبا إلى جنب مع مكتب الأمم المتحدة؛ للحد من مخاطر الكوارث في جنيف والمكاتب الأخرى حول العالم؛ لضمان التطبيق السليم لإطار سنداي للحد من مخاطر الكوارث الصادر عن الأمم المتحدة 2015 - 2030.
يوضح إطار سنداي للحد من مخاطر الكوارث 2015 – 2030، 4 أولويات للدول الأعضاء وهي، فهم مخاطر الكوارث وتعزيز سبل إدارة مخاطر الكوارث من أجل تحسين التصدي لها والاستثمار في الحد من مخاطر الكوارث من أجل تعزيز القدرة علي التحمل وتحسين مستوى الاستعداد من اجل التصدي للكوارث بفاعلية.
ووضع الإطار أهمية التزام الدول بتطبيق الأولويات الأربعة للوصول إلى النتيجة الرئيسية المستهدفة عالميا وهي الحد بشكل كبير من مخاطر الكوارث والخسائر في الأرواح، وسبل المعيشة والصحة والأصول الاقتصادية والمادية والاجتماعية والثقافية والبيئية للأشخاص والأعمال التجارية والمجتمعات المحلية.
* ما التجارب الدولية الجادة في استمرارية الأعمال وإدارة الأزمات؟
- على المستوي العربي، أنشأت دولة الإمارات الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث في عام 2011، وتعمل الهيئة على تضمين ومتابعة تنفيذ متطلبات استمرارية الأعمال داخل الدولة، وكذلك إدارة الأزمات والكوارث مع الإمارات المختلفة داخل الدولة، وتعتبر من التجارب العالمية المتميزة في هذا المجال نظرا لقيامها بأصدار أول معيار باللغة العربية في استمرارية الأعمال على مستوى العالم، وكذلك تطبيقه على مستوى الجهات الحكومية والقطاع الخاص داخل الدولة.
• أنت تحاضر في البرنامج التدريبي المكثف في إدارة الأزمات والذي يعقد في مقر الجامعة بكامبريدج.. ما تفاصيل البرنامج؟
- يعقد البرنامج في مقر المعهد في كامبريدج، بوسطن، لمدة 5 أيام على أن يعقد البرنامج يوم من الأيام الخمسة داخل الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ الأمريكية، مركز القيادة والسيطرة.
ويحضر سنويا في هذا البرنامج ما يزيد على 60 متخصصا من أنحاء العالم، ويحاضر في هذا البرنامج نخبة من علامات علم إدارة الأزمات واستمرارية الأعمال على مستوى العالم مثل مسؤول إدارة الأزمات في مكتب التحقيق الفيدرالي FBI، مدير المرونة والأزمات في وزارة الأمن الداخلي "الولايات المتحدة"، مدير التعافي ومدير استمرارية الأعمال بالوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ الأمريكية، مدير استمرارية الأعمال وإدارة الأزمات في شركة أنتل، مدير الأزمات وإدارة استمرارية الأعمال في مجموعة فنادق هيلتون العالمية، عدة أساتذة من جامعه بوسطن وجامعة هارفارد.
ويقدم خلال هذا البرنامج محاضرات عملية وزيارات ميدانية في عدة موضوعات متعلقة باستمرارية الأعمال وإدارة الأزمات مثل إدارة الأزمات إعلاميا، التخطيط لإدارة المخاطر إقليميا وعالميا، الهجمات الإرهابية والسيبرانية وكيفية التعامل معها، إدارة الأزمات على وسائل التواصل الاجتماعي، إدارة الأزمات الاقتصادية التجارب والمعالجات، إطار سنداي للحد من مخاطر الكوارث الصادر عن الأمم المتحدة.
وسأقدم خلال البرنامج محاضرة عملية لمدة ساعتين عن كيفية تطبيق إطار سنداي للحد من مخاطر الكوارث الصادر من الأمم المتحدة، والملزم لجميع الدول على مستوى العالم، والمرتبط بأهداف التنمية المستدامة الـ17 والصادرة عن الأمم المتحدة 2015 - 2030.