وزارة الأوقاف تنظم "أهمية فهم المقاصد العامة للقرآن الكريم"
ملتقي الفكر الإسلامي
نظمت وزارة الأوقاف لقاءً علميًّا بعنوان "أهمية فهم المقاصد العامة للقرآن الكريم"، وذلك في إطار فعاليات ملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بساحة مسجد مولانا الإمام الحسين، وحاضر باللقاء كل من: الدكتور محمد سالم أبو عاصي عميد كلية الدراسات العليا السابق، والدكتور نوح العيسوي وكيل الوزارة لشؤون المساجد والقرآن الكريم، بحضور الدكتور خالد صلاح الدين وكيل مديرية أوقاف القاهرة، والدكتور هشام عبد العزيز مدير عام شؤون القرآن بالوزارة، والدكتور محمد عزت محمد منسق عام الملتقى، وعدد من قيادات الوزارة و الأئمة والدعاة.
وفي بداية كلمته وجه "أبو عاصي" الشكر لوزارة الأوقاف على تنظيمها هذه الدورات العلمية المفيدة، لا سيما اختيارها عنوان هذا اللقاء، مبينًا أن الإنسان مخلوق لخالقٍ، وهذه حقيقة أقرت بها الرسالات السماوية، وقد ميز الخالق المخلوق بصفات عديدة، فأمده بالعقل وما ينتج عنه من المعارف، والعلوم، كما أمده بالإرادة، والقدرة، والمشيئة، ليقوم بالوظيفة التي عجز عنها غيره من المخلوقات.
وأكد أن كل هذا نابع من أن الإنسان لا يملك حياته، ولا مماته، ولا صحته، ولا عافيته فلزم أن يكون عبدًا لخالقه، فقد تجد إنسانًا متوقد الذهن في بداية حياته ثم تضعف ذاكرته في خريف العمر، وقد تجد إنسانًا صحيحًا قويًّا ثم في خريف العمر تنكسر قواه، مما يترتب عليه أنه عبد لله، وكلفه الله بعبادته وهي وظيفة اختصه الله بها اختيارًا، بخلاف بعض المخلوقات التي نزع منها فضيلة الاختيار، فقال تعالى: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ".
وأوضح "أبوعاصي" أن الله تعالى أنزل القرآن على نبيه محمدٍ ليحقق مقاصد عامة، منها: مقصد عبادة الله، ومقصد عمارة الكون، ومقصد تزكية النفس، وكل ذلك نابع من تكريم الله تعالى لبني آدم، فلم يتركهم سدى، ولم يخلقهم عبثًا، كما قال تعالى: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا".
وفي ختام كلمته أكد أن شهر رمضان شهر غذاء الأرواح، يشعر فيه كثير من الناس بانتعاش الروح، فالإنسان مركب من جسد وروح، والجسد من التراب، والروح من عند الله تعالى، والقرآن غذاؤها، لذلك سمي رمضان بشهر القرآن.
وأعرب الدكتور "العيسوي" عن شكره لوزير الأوقاف لفتحه المجال أمام شباب الوزارة للمشاركة في هذا الملتقى الفكري العظيم، الذي هو كنز من كنوز المعرفة، لنشر الفكر الوسطي المستنير، وتصحيح المفاهيم الخاطئة ، موضحًا أن القرآن كتاب الله المنزل على قلب الحبيب المصطفى، المنقول إلينا تواترًا، المتعبد بتلاوته، المتحدي بأقصر سورة منه، فهو أصل الدين، ومنبع التشريع، ومنه تنبثق علوم الدنيا والدين.
وقد تكفل الله تعالى بحفظه، وصانه من التحريف والتبديل ، فقال تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"، و"من قال به صدق، ومن حكم به عدل، لا يشبع منه العلماء، وهو جلاء القلوب، ومأدبة الله في أرضه".
وأوضح أن فهم النص القرآني فهما صحيحا يترك أثرا واضحا على الفرد والمجتمع، مشيرا إلى أن هناك من يقفون عند ظواهر النصوص لا يتجاوزون الظاهر الحرفي لها إلى فهم مقاصدها ومراميها، فيقعون في العنت والمشقة على أنفسهم وعلى من يحاولون حملهم على هذا الفهم المتحجر، دون أن يقفوا على فهم مقاصد النص القرآني، بما يحمله من وجوه الحكمة واليسر، وإذا أحسنا فهمه وعرضه على الناس لغيرنا تلك الصورة السلبية التي سببتها التفسيرات الخاطئة للجماعات الإرهابية والمتطرفة والمتشددة.
وبين أن الله تعالى أنزل القرآن لمقاصد سامية وأهداف جليلة وغايات كثيرة منها أنه كتاب هداية للخلق أجمعين، ويهدي الله به الناس إلى الحق وإلى طريق مستقيم، فقال تعالى: "إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا"، كما أنه كتاب معجز للخلق كافة ليكون آية صدق على رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، مبينا أن التحدي به جاء على مراحل ثلاث: تحداهم أن يأتوا بمثله فعجزوا، فقال تعالى: "أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ، فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ"، كما تحداهم أن يأتوا بعشر سور مثله فعجزوا فقال تعالى: "أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ".
كما تحداهم بسورة واحدة من مثله فعجزوا، وقال تعالى: "أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ".
وفي ذات السياق بين أن من المقاصد العامة للقرآن الكريم الدعوة إلى العمل الصالح لعمارة الكون كما قال تعالى: "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ"، موضحا أن القرآن الكريم قد ربط العمل الصالح بالإيمان في آيات كثيرة في القرآن، بحيث لا ينفك أحدهما عن الآخر، ومن ثم فإننا لن نستطيع أن نستلهم هدايات القرآن الكريم إلا بفهم مقاصده، وتدبر آياته.