اللهم إني صائم.. «المنيب»: «الكولدير» للوضوء مش للعطش ومحطة المترو سوق مفتوح للزحمة والخناقات
حركة مستمرة داخل موقف «المنيب»
بوابة حديدية كبيرة، الحركة بها طيلة اليوم مستمرة، بداخلها يقف بعض أفراد الأمن ينظمون دخول وخروج الركاب، حيث محطة مترو المنيب، التى تعد أول محطة فى الخط الثانى من مترو أنفاق القاهرة، فى الداخل كانت الساحة المخصصة لشراء التذاكر هادئة إلى حد ما، الكل يقف فى طوابير منظمة أمام الشبابيك المقسمة حسب عدد المحطات التى يستقلها الراكب، فيما جلس بعض موظفى المترو أمام الماكينات الإلكترونية لمساعدة المارة فى العبور من وإلى عربات المترو، لكن هذه الحالة من الهدوء لم تستمر طويلاً، حيث قطعها مرور نحو 20 شاباً يرتدون زياً عسكرياً من ماكينات المحطة نحو بوابة الخروج، وهم يتبادلون الأحاديث ويضحكون بأصوات عالية رغم ما يحملونه على أكتافهم من حقائب ثقيلة، فحالة المرح التى بدت عليهم احتفالاً بحصولهم على إجازة وعودتهم إلى بيوتهم كانت كافية لتغيير المشهد داخل المحطة.
أما خارج سور المحطة الذى استغله الباعة الجائلون لعرض منتجاتهم المختلفة والتى تنوعت ما بين ملابس للأطفال وأدوات منزلية وبعض الحلويات الشرقية، وقف عدد من سائقى «الميكروباصات» يتنافسون على اجتذاب الركاب بأساليب متعددة، إذ اكتفى بعضهم بمناداة الزبائن بصوت عالٍ، وهم يستقلون مركباتهم، فيما وقف آخرون أمام بوابة المترو ينادون على وجهتهم أملاً فى تحميل سياراتهم سريعاً والتحرك بها قبل وصول أمناء الشرطة الذين يجوبون الشوارع الرئيسية بالمنطقة لرصد المخالفات التى يقوم بها بعضهم وفرض غرامات مالية عليهم لمخالفتهم اللوائح القانونية ووقوفهم فى منتصف الشارع ما يتسبب فى ازدحام الطريق وتعطيله.
الباعة: "شاحن.. بطارية.. سماعة.. أى حاجة بـ15 جنيه"
وعلى بعض أمتار قليلة من محطة المترو، يقع الموقف الرئيسى لأوتوبيسات هيئة النقل العام التى يختلف خط سيرها من أوتوبيس لآخر، فمنها كانت وجهته للجيزة وجامعة القاهرة والتحرير والدقى، وأخرى لقصر العينى ومجرى العيون والسيدة عائشة، وثالثة كانت للملك الصالح وعبده باشا والدراسة، ورغم تنوع خطوط السير، فإن الهدوء كان سمة غالبة على معظمها، الأمر الذى دفع بعض سائقيها إلى الجلوس تحت مظلة موجودة بالساحة هرباً من حرارة الشمس المرتفعة فى انتظار دورهم.
قبل رفع أذان صلاة الجمعة بدقائق قليلة بمسجد «فضل» بمنطقة المنيب، بدأت السماعات الداخلية للمسجد فى إذاعة آيات من القرآن الكريم، الأعداد داخل المسجد تزداد كلما اقترب موعد الصلاة، أغلب المترددين عليه يصطحبون أطفالهم، من بينهم رجل ثلاثينى جاء إلى المسجد مسرعاً مرتدياً عباءته البيضاء، مصطحباً أبناءه الثلاثة الذين تفاوتت أعمارهم ما بين 5 سنوات لـ12 عاماً، وبعد دخوله بثوان معدودة، خرج مرة أخرى ليتوضأ من «الكولدير» الموجود بجوار بوابة المسجد، مبرراً ذلك لأحد أبنائه قائلاً له: «تعالى هنا نتوضى بدل الزحمة جوه عشان نلحق نصلى»، وبمجرد الانتهاء من صلاة الجمعة طلب خطيب المسجد من المصلين الاستعداد لأداء صلاة الجنازة على جثمان إحدى السيدات، وذلك بعد وصول نعشها محمولاً على أكتاف ذويها ليصلّوا عليها صلاتها الأخيرة.
وفى الناحية المقابلة للمسجد، جلس رجل خمسينى ذو بشرة تميل إلى السمرة مرتدياً ملابس بالية، وأمامه طاولة خشبية صغيرة وضع عليها بعض علب المناديل الورقية لبيعها للمارة بعدما تعرض لحادث تسبب فى فقد إحدى قدميه، ورغم أنه كان جالساً بمفرده ينتظر بعض فاعلى الخير الذين يترددون عليه من وقت لآخر، فإنه لم يسلم من مضايقات أحد سائقى الميكروباصات الذى طلب منه ترك مكانه لركن سيارته داخل الموقف، ما تسبب فى نشوب مشادة كلامية بينهما انتهت بتنفيذ ما طلبه الأخير منه.
ومع اقتراب عقارب الساعة من الثانية ظهراً، بدأت حركة المارة تزداد عما كانت عليه من قبل، وخصوصاً فى مواقف الميكروباصات المنتشرة بالمنطقة، والتى تنقسم إلى ثلاثة مواقف لكل منها وجهة مختلفة، إحداها لمحافظات الوجه البحرى، وأخرى لمحافظات الوجه القبلى، وثالثة لمحافظات الصعيد، حيث يتوافد عليها الركاب القاصدون السفر لقضاء إجازتهم الأسبوعية مع أسرهم، ومن بينهم الشقيقان «على» و«عادل»، اللذان ظلا يلتفتان يميناً ويساراً داخل الموقف، وكأنهما يبحثان عن شىء معين، حتى وقفا أمام إحدى سيارات الأجرة التى ينادى أصحابها بصوت عالٍ: «سويس سويس.. رايح السويس يا بيه»، لم يتردد الشقيقان فى ركوبها بعدما سمح لهما السائق بوضع حقائبهما فوق سقف السيارة، لكن طول انتظار مدة تحميل السيارة دفع «على» إلى الذهاب لـ«الفكهانى» الذى يبتعد خطوات قليلة عن الموقف لشراء بعض أنواع الفاكهة التى يعرضها داخل خيمته، وبعد نقاش دار بينهما حول الأسعار، أخرج الرجل الثلاثينى من جيبه ما طلبه البائع منه بعدما رفض الفصال معه.
«شاحن.. بطارية.. سماعة.. أى حاجة بـ15 جنيه» جملة رددها أحد الباعة من خلال مكبر للصوت، دفعت فتاة عشرينية للوقوف أمامه لشراء سماعة «هاند فرى»: «بكام السماعات دى»، ليرد العشرينى، قائلاً: «بـ15 جنيه وفيه عندى سماعات أصلية بـ25 جنيه أنضف منها»، وبعد تجربة السماعة فى هاتفها المحمول حاولت الحصول عليها بسعر 10 جنيهات بدلاً من 15 جنيهاً، مبررةً ذلك بأن: «نفس السماعات دى بتتباع فى المترو وبعشرة جنيه، هاخد الاتنين على 20 جنيه»، لم يتردد الشاب العشرينى فى إتمام البيعة قبل أن تتوجه الفتاة إلى محطة مترو المنيب.