ساقطو القيد فى «مطروح».. حياة مهمشة دون تعليم أو دعم
خالد أبوخرطة، عمدة قبيلة العشيبات بمطروح
رغم التقدم التكنولوجى وارتفاع مستوى التعليم فى جميع المحافظات ومنها مطروح، التى أوصلت أبناءها إلى شهادات الدكتوراه، إلا أن نجوع المحافظة والتجمعات السكانية النائية لا تزال بعيدة عن هذا التقدم، تحاصرهم قسوة الصحراء وتجاهل المسئولين، الذى وصل إلى حد تناسى قيد سكان تلك التجمعات فى السجلات المدنية، فهم بلا شهادة ميلاد أو بطاقة رقم قومى، ومنهم المتزوج بدون «قسائم زواج»، الذى حرم من إثبات نسب أولاده الذين حرموا بالتبعية من أبسط حقوقهم فى صرف الدعم الذى يستحقونه وكأنهم يعيشون فى عالم موازٍ، معزولين عن الدنيا.
«سواقط القيد»، من أكثر الموضوعات التى تؤرق الكثير من أبناء مطروح القاطنين فى القرى والنجوع البعيدة عن المدن لأن هذه القضية تمس المواطنين البسطاء الذين يسكنون فى الصحراء وحرموا من أبسط حقوقهم، ومن بينهم أشخاص يعيشون بدون شهادات ميلاد، وهو ما أكده أحمد الحفيان، أحد الأهالى، بشأن مشكلة ساقطى القيد فى مطروح، موضحاً أن هناك مشاكل عديدة تخص قيد بعض الأسماء من بينها انعدام خبرة العاملين بالسجل المدنى المعينين من خارج مطروح، ولا يستطيعون التفرقة بين الأسماء وبعضها وعلى سبيل المثال، «حميدة» يقيدونه باسم امرأة، بينما هو اسم ذائع الشهرة فى المجتمع المطروحى، وهو اسم رجل، وأخطاء أخرى متكررة فى أسماء أهل البادية، يصعب عليهم إدراكها، وبالتالى يجرى القيد بالخطأ ما يترتب عليه معاناة مستقبلية.
كبار سن يعيشون ويموتون دون تسجيلهم فى بيانات الدولة.. وأبناء حرموا من إثبات النسب بسبب البيروقراطية
«الحفيان» أضاف أن القانون حدد بعض القيود التى تختص بتصحيحها اللجنة القضائية، المشكلة بدائرة الأحوال المدنية بنطاق المحافظة دون سواها، وهذه القيود تحتاج لحماية خاصة فهى لا تصحح إلا عن طريق اللجوء للقضاء، وتابع: «من الأخطاء الشائعة أن القيود التى تختص بها اللجنة اختصاص أصيل، عندما يلجأ إليها المواطن طالباً التصحيح، نجدها تصدر قراراً برفض طلب التصحيح وعلى المتضرر اللجوء للقضاء، فى حين أن القضاء غير مختص بتصحيح تلك الفترة المحددة لأنها من اختصاص اللجنة وفقاً لصحيح نص القانون، فنجد أن المواطن يعيش مأساة حقيقية هو وأبناؤه، فمنهم من هو فى سن التجنيد فيترتب على هذه المأساة مأساة أخرى وهى تخلف الشباب عن تأدية الخدمة العسكرية، لعدم وجود أوراق وعدم وجود فهم صحيح لنص القانون».
فى بعض التجمعات السكنية وتحديداً جنوب «قرية الزيات»، يعيش العديد من كبار السن بدون شهادات ميلاد، وفق ما ذكره فتحى المالكى، مشيراً إلى أن كبار السن بلغوا من العمر أرذله، وسيفارقون الحياة دون أن يحصلوا على شهادات ميلاد، وهناك من توفى منهم دون أن يسجل نهائياً لا حياً ولا ميتاً، بخلاف آخرين لا توجد لديهم بطاقات رقم قومى ولا قسائم زواج وأبناؤهم ضحية لا يتمكنون من التعليم أو القيد فى أى مدرسة وليس لهم أى ذنب فى الدنيا إلا أنهم يعيشون حياة بلا معنى أو اهتمام من المسئولين أو رعاية، وهذا أقل حق من حقوقهم أن يتم قيدهم ويحصلوا على حقوقهم مثل عامة الناس.
«أشخاص كثيرون منسيون لا حق لهم فى التعليم أو فى الصحة ولم يتم احتسابهم فى تعداد الدولة»، قالها «فتحى» من أبناء قرية الزيات بمطروح، وتابع: «أعداد كبيرة من الأهالى تعول أسراً كاملة دون أن يكون لهم حق فى العلاج أو التموين، ويجب العمل على وضعهم تحت مظلة المنظومة الخدمية».
ويضيف خالد أبوخرطة، عمدة قبيلة العشيبات بمطروح: «ساقط القيد ليس له حقوق فى الدولة.. لا تموين ولا معاش ولا بد من إنشاء فروع للسجل المدنى أو مكاتب صغيرة فى جميع المراكز والمدن المحرومة مثل مراكز ومدن برانى وسيوة والسلوم أو فتح شباك فى مجالس المدن لاستخراج شهادات الميلاد وبطاقات الرقم القومى».
محمود منصور، من أهالى المحافظة، علق على تلك الإشكالية شارحاً العراقيل الصعبة التى يتعرض لها المواطنون من ساقطى القيد فى استخراج المستندات، مطالباً الجهات المسئولة بمصلحة الأحوال المدنية، بالعمل على إزالة تلك المعوقات بزيادة أعداد الوحدات الإلكترونية لتجوب القرى والنجوع لتصوير المواطنين وتسجل بياناتهم على الحاسب الآلى.
أبوخرطة