«أيمن» يوثق تراث الأجداد بالزجاج الملون.. تحف فنية من الوابور والزير ولمبة الجاز
«أيمن» مع بعض منتجاته التراثية
داخل ورشته بشارع «الصليبة» بجوار سبيل أم عباس، فى منطقة السيدة زينب، يُقطِّع أيمن عبدالعال، 54 سنة، الزجاج المعشق إلى قطع متناهية الصغر، ويمررها على موتور الشطف حتى تصبح ناعمة، ويصنع منها قطعاً فنية من الزجاج الملون، الذى يستخدمه فى عمل مجسمات وتحف مضيئة من الأشياء القديمة وتراث الأجداد مثل وابور ولمبة الجاز، الإبريق، الزير، وبراد الشاى.
وعن مهنته التى يقدرها لدرجة العشق، يقول «أيمن»: «هدفى أعرَّف الأطفال والأجيال الجديدة على حياة جدودهم بالفن، وأول بابور كنت عاوز أحوله لتحفة من 5 سنوات أخد منى شهر ونص شغل، كان قديم بتاع جدتى واتكسر ففكرت فى تحويله لتحفة وبعدها بقيت ألف فى الأرياف والأماكن الشعبية أدور على البوابير القديمة وأشتغلها».
يمسك بمكواة الكهرباء ليلحم القطع التى غلفها بشريط نحاسى، ويشرد للحظات تُعيده لأيام الطفولة، قائلاً: «الورشة القديمة فى حارة ضرب السماكين قبل ما تنهار عليها عمارة الجيران، ووالدى لما كان يتزنق فى طلبية شغل أو مشوار، كانت والدتى تنزل تقف مكانه».
ويشرح «أيمن» الشهير باسم «برويز» مراحل تصنيع التحف: «البداية الزبون يختار الألوان والخامات وبعد كده باجهّز التصميم وأبدأ أقطع الخامات قطع صغيرة وبأشكال فنية مميزة وأشطفها وأنعمها وألفها بورق نحاس بعد كده مرحلة اللحام والمرحلة الأخيرة أضيف بعض الإكسسوارات والحلى».
"شربت الصنعة من أبويا واشتغلت صبى فى ورشته.. وأمى كانت بتساعده"
ويحتضن «برويز» أعمالاً فنية استمر يعمل عليها عدة شهور بكل حرص وعشق: «دخلت بيت زباين اشتروا منى بابور ولمبة جاز وكانوا محطوطين فى أماكن مختلفة، ماكنتش متخيل أن شغلى يكون بالجمال ده»، ولا يفوت «أيمن» أن يشكر والده الذى لم يبخل عليه بشىء لتعلم هذا الفن. ويستكمل قائلاً: «والدى علمنى أن روقان البال أهم من الصنعة والحياة الخاصة والمشاكل أبعدها عن الشغل، أبص للحاجة أقدرها، ربانى على قيم وأخلاق الورشة اللى بنفتقدها الآن، علمنى أكون راجل وبإيدى ماحتاجش لحد، وبدماغى أتغلب على أى حد وماقلدش شغل لكن أبتكر شغل بأفكار جديدة».
ويشير إلى فرق بين أسنانه الأمامية، ويشرح «أيمن» أنه بسبب إصابة من أمه، ويحكى حكاية تلك الإصابة قائلاً «والدى كان مسافر يجيب بضاعة من إسكندرية وفيه صنايعية بتنقل ألواح الزجاج وأنا بساعدهم، أخويا قال لى معايا تعريفة تيجى نشترى حاجة من الدكان، فسِبت الصنايعية وماشى لقيت لوح اتكسر راجع أبص لقيت الكماشة فى أسنانى ومن ساعتها مابقتش أسيب الورشة قبل ما أستأذن».
وحين يتذكر محاولات ابنته «فرح» لتعلم مهنة صناعة الزجاج الملون، رغم صغر سنها «حبت المهنة وبتتعلم بسرعة، بس البنت مهما كان ليها بيت زوجها»، يتحسر «أيمن» على ابنه البكرى الذى رفض تعلم المهنة التى ورثها هو عن أجداده «رافض يتعلم وبيقول لى المهنة إديتك إيه علشان تدينى، عايز أورثه الفن علشان تراثنا مايضيعش».
مجسم زجاجى مضىء على شكل بيضة منقوش عليه اسم «فرح» صنعه أيمن، وأهداه لابنته، كان سبباً فى عشق الطفلة ذات الـ11 عاماً لمهنة والدها، ذكرته ببدايته عندما تعلم نفس الحرفة: «أنا ابن الورشة كنت بلية فى ورشة أبويا كنت بنضف تحت البنك آخر اليوم علشان الصنايعى ييجى الصبح يشتغل على الجاهز، بلية كبر لحد ما بقيت صاحب ورشة ومن أفضل حرفيى المهنة فى مصر».
«بابا طلَّع شغل كتير قدامى وأنا حبيتها وبدأت أتعلم فى 3 ابتدائى، وباشتغل الكور ولمبة الجاز، أبويا فنان ولما نزلت معاه معرض يوم التراث العالمى، كنت فرحانة بشغله قوى، ونفسى أطلع زى بابا».. هكذا حدثتنا «فرح» عن حبها لحرفة والدها التى تتمنى إتقانها.