«لينين الرملى».. وجه المسرح الضاحك
لينين الرملى
عرفه الجمهور فى الثمانينات، بعد أن بدأ اسمه يقترن بأكثر المسرحيات ضحكاً وعمقاً فى وقت واحد، لكن ذلك كان رأس جبل الجليد، الذى يمتد أسفل سطح الإبداع، لكنه يضرب جذوره فى أرضه، يعشق الكتابة أكثر من أى شىء، ويعشق فى الكتابة «المسرحية»، ويعشق فى المسرحية كوميديا الموقف.. «لينين الرملى» بشهادة الجمهور قبل النقاد والممثلين، هو أحد أعمدة المسرح المصرى الكوميدى، الذين أثروا لسنوات وسنوات خشبة المسرح بعشرات الشخصيات، وهو أب روحى لعشرات الأفكار المسرحية الخالدة، وأسهم فى خروج أجيال من النجوم، الذين وجدوا فى «أوراقه» مادة خصبة للنمو والازدهار، تمر السنوات ويمارس الزمن دوره على الجسد الفانى، يتأثر بالمرض، فيغيب عن الساحة، بينما تضوى أنوار أعماله من بعيد وهّاجة خالدة، دعوات لتدخل الدولة فى علاجه، ووفاء وصمود من شريكة حياته المصرة على الوقوف بجانبه، حتى لو لم تستعن بأحد، جائزة مسرحية باسمه وهو ما زال حياً بيننا تضاف إلى تكريمات شعبية ودولية حظى بها وجه المسرح المصرى الضاحك.
قدم رؤى جادة لإصلاح الوطن وحرية التعبير والتطرف الدينى
أجمع أكاديميون ونقاد على اعتباره علامة فارقة عند توثيق الكتابة للمسرح والدراما، كما أكدوا أنه استطاع الجمع بين القدرة على مخاطبة جمهور المثقفين والجمهور البسيط فى أعماله الفنية، وأن مسرحه لاقى تقديراً عالياً على مستوى البحث الأكاديمى، واعتبر المسرحيون أن لينين الرملى أحد الكتّاب الذين تميزوا بالالتصاق بالواقع، وتقديمه مقترحات لحل بعض المشكلات.
أكاديميون ونقاد: علامة فارقة فى تاريخ المسرح المصرى
يقول الدكتور سامح مهران، رئيس أكاديمية الفنون الأسبق، إن «الرملى» أستاذ عظيم ويستحق كل تكريم، وبدأ قوياً ومتميزاً، كما أنه أثرى السينما والفيديو بجانب المسرح، وفى فترة الثمانينات احتل «لينين» المكانة الأولى فى المسرح المصرى. وأضاف «مهران» لـ«الوطن» أن «لينين» استطاع أن يكون علامة فارقة فى المسرح المصرى، وكانت أعماله جماهيرية من طراز رفيع، كما برزت قدرته على مخاطبة جمهور المثقفين، والجمهور العادى، وظهر ذلك فى نجاح مسرحية «أهلاً يا بكوات» فى القطاع الحكومى، كما أن المسرحيات التى قدمها مع محمد صبحى لا تصنف أنها قطاع خاص فقط، لكنها فيها أيضاً جملة أفكار متميزة، وكذلك مسرحية «سعدون المجنون»، كما تميز أيضاً فى الأعمال التى قدمها للتليفزيون منها مسلسل «هند والدكتور نعمان» التى تعد من الأعمال الرائعة على جميع المستويات.
سامح مهران: استطاع مخاطبة المثقفين والجمهور البسيط
ولفت «مهران» إلى أن «الرملى» خاض تجربة معالجة الأعمال العالمية، فأعاد كتابة بعض النصوص منها: «حلم العقل» لبويرو باييخو، وقدم هذا النص فى مسرحيته «وجهة نظر»، كما أن مسرحية «سعدون المجنون» مستلهمة من نص تركى بعنوان «وثيق بيك المجنون»، ومسرحية «الحادثة» أيضاً مأخوذة عن نص «صائد الفراشات» وهو نص مسرحى غربى، موضحاً أنه «عمل كدراماتورج حريف تماماً، وهذا يعيد الاعتبار لكلمة الدراماتورج، وهو القادر على تغيير خطابات النصوص القديمة ويضعها فى سياقات معاصرة، وهذا شغل مهم جداً لم يتم الالتفات إليه رغم أن لينين الرملى تم عمل رسائل علمية كثيرة على أعماله».
ولفت إلى أن «الرملى» أيضاً أنتج لفريق خاص غامر به وأنفق من ماله الخاص ونادراً ما يقوم بها فنان.
من جانبها، قالت الدكتورة هدى وصفى، الأستاذ بأكاديمية الفنون، ومقرر لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة، إن «الرملى» كاتب «شديد الحساسية وموهوب على مستوى المسرح والسينما، وفنان حتى النخاع، فهو مهموم بوطنه وبوضع يده على مشكلات هذا الوطن، بل كثيراً ما نجده يطرح حلولاً لهذه المشكلات، شديد الالتصاق بالواقع، والاهتمام بوطنه، وربما يكون ظلم بسبب اسمه لاعتقاد بعض الناس أنه يسارى متعصب، وهو مثقف كبير ومتابع لما يدور حوله، ولديه رؤية ثاقبة ووجهة نظر».
هدى وصفى: كاتب شديد الحساسية وموهوب على مستوى المسرح والسينما
ولفتت «وصفى» إلى أن ميزة «الرملى» أنه كان أميناً مع نفسه ومع وطنه، وقد برزت الخلفية السياسية فى أعماله لكن يمكن أن نقول إن الخط السياسى لم يكن «صوته عالى» فى نصوصه، ويمكن أن نقول إن أعماله «تراجى كوميدى» وهى التى تخلط بين التراجيديا والكوميديا، وخلال طرحه للموضوعات كان يحاول أن يقترح حلولاً أو يساعد المتلقى على التفكير فى الحل، فقد اهتم بتقديم الموضوعات المرتبطة بإصلاح الوطن، وحرية التعبير، ومقاومة الفساد، وربطه التيار الدينى بالفساد، فى «أهلاً يا بكوات» تتحدث عن الماضى وسمات هذا الوقت الذى يتسم بالديكتاتورية، وفى «وداعاً يا بكوات» لم يجد الحلول إلا فى العالم الآخر فى الفضاء، بل ربما كان متشائماً بعض الشىء، ربما لإحساسه بانسداد الأفق ونستشف منه رؤيته بصعوبة مواجهة المشكلات.
وقال الناقد المسرحى محمد مسعد، إن لينين الرملى يمثل حلقة فارقة فى تاريخ المسرح التجارى فى مصر، أى مسرح القطاع الخاص، فقبله كان المسرح الخاص له شكل معين وبعده أيضاً كان له شكل آخر، ويتم النظر إلى لينين الرملى ومحمد صبحى بأنهما نماذج ناجحة لأن الاثنين تمكنا من استخدام نمط إنتاجى، وهو المعمول به فى القطاع الخاص، وفى الوقت نفسه تمكن الاثنان أيضاً من تقديم مسرح به قدر من الجدية فى الوقت ذاته، أى مسرح بعيد عن التفاهة، بل قدما «حالة مسرحية خاصة»، فهو استطاع أن يكون مضحكاً وجاداً، ويحوز على تقييم عالٍ داخل الأوساط الأكاديمية.
محمد مسعد: اهتم بشكل أساسى بمعالجة الطبيعة الإنسانية وموقفها الأخلاقى من العالم
وأوضح «مسعد» أن معظم الكتّاب الذين كتبوا للمسرح الجاد لم يكتبوا للمسرح الخاص، والعكس أيضاً، بينما استطاع «لينين» التعامل والنجاح فى المسرح التجارى والجاد، كما اهتم بشكل أساسى بمعالجة الطبيعة الإنسانية وموقفها الأخلاقى من العالم، فى مسرحيتى «الهمجى» و«وجهة نظر»، وقلل التعامل مع الجانب السياسى، وهذا ما جعل مسرحه قادراً على الاستمرار، كما أن لديه قدرة على بناء شخصية درامية، وكذلك تقديم أشكال لتطور هذه الشخصية عبر الزمن وعبر التحولات، ومنها مسرحية «أنت حر» هذه الميزة ظهرت منذ أعماله الأولى وهذا ليس سهلاً، كما أن نصوصه قابلة للتقديم أكثر من مرة فهناك أجيال مختلفة يمكنها تقديم أعماله سواء البيت الفنى أو الجامعة أو المستقل وهذا ما يحدث بالفعل.
وذكر «مسعد» أن مسرحية «أنت حر» من المسرحيات المهمة فى تاريخ المسرح، وكذلك «أهلاً يا بكوات» التى قدمت فى لحظة تاريخية ضد التطرف ووضع اجتماعى وسياسى سيئ، لذلك لاقت نجاحاً واسعاً على عدة مستويات.
- أعماله الفنية:
56 نصاً مسرحياً
12 عملاً سينمائياً
14 عملاً درامياً
1987 كتب فيلم «البداية» الذى حصل على الجائزة الأولى فى مهرجان فيفاى للأفلام الكوميدية
1967 قدم أول سهرة درامية للتليفزيون
1956 نشر أول قصة قصيرة بمجلة صباح الخير
2002 عُرض فيلم «النعامة والطاووس» بعدما رفضته الرقابة لمدة 25 عاماً
أقرا إيضا
زوجة «لينين»: يتلقى العلاج منذ سنتين ويحتاج لرعاية 24 ساعة وحالته لا تتحسن