صاحب أول كتاب عن الرسوم الأفريقية المتحركة: فنانو القارة يناضلون لتجاوز التحديات
محمد غزالة
صناعة «الرسوم المتحركة» فى دول القارة السمراء واحدة من الفنون، التى انطلقت فى ستينات القرن الماضى بالتزامن مع نيل الدول الأفريقية استقلالها، بعد فترات طويلة من النضال الأفريقى ضد المستعمر، ورغم أن بعض دول القارة ما زالت فى البدايات، إلا أن البعض الآخر وصل إلى مرحلة الإنتاج الجاد.
د. محمد غزالة: جنوب أفريقيا الأكثر دعماً للفنانين.. وبعض الأفارقة وصلوا لمناصب دولية
الدكتور محمد غزالة، أستاذ الرسوم المتحركة بكلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا، نائب رئيس الاتحاد الدولى للرسوم المتحركة «أسيفا»، ومؤلف أول كتاب باللغتين العربية والإنجليزية عن الرسوم المتحركة بالقارة، تحت عنوان «سينما التحريك فى أفريقيا»، قال إنه لم يكن متاحاً للمواطنين من الدول الأفريقية التعبير عن أنفسهم خلال فترات الاستعمار، عبر الفنون الموثقة، ومنها الرسوم المتحركة، لكن منذ بداية ستينات القرن الماضى، تزامناً مع حركات التحرر المتتابعة، بدأت تظهر تجارب فردية متميزة فى هذا المجال، ولعل أبرزها مصطفى الحسن، أول فنان من جنوب الصحراء «النيجر»، ينتج رسوماً متحركة، فى 1961، ومن أهم أعماله فيلم «رحلة سعيدة.. سيم»، الذى أنتجه فى 1966.
وأضاف «غزالة» لـ«الوطن» بعد هذه التجارب الرائدة بدأت بعض الدول الأفريقية فى دخول المجال، موضحاً «لكن أغلب التجارب كانت موسمية تعتمد على الجهود الفردية، ومرتبطة بوجود شخصيات محبة للفنون فى حكومات هذه الدول، وبالتالى لم يكتب لها الاستدامة، خاصة أنها تعتمد على ما تقدمه صناديق الدعم وهى قليلة العدد، وتنتظر الدعم الأوروبى المقدم من المراكز الثقافية، ومن هذه الأمثلة أعمال يتم إنتاجها فى كينيا ونيجيريا»، وتابع «غزالة» أن استمرار الإنتاج ونضجه يرتبط بالدعم الرسمى للفن والفنانين، والمثال الأوضح فى جنوب أفريقيا، فـ«المركز الوطنى للفيلم والتليفزيون» هناك يدعم الفنانين مادياً ويسهم فى الإنتاج، ما يسهل على صناع هذه الأفلام المشاركة فى مهرجانات دولية، بل الترشح لجوائز مهمة فى أكبر الفعاليات، ومنها مهرجان «أوسكار»، فقد تم ترشيح فيلم «زامبيزيا» من جنوب أفريقيا لجائزة الأوسكار فى 2012، أى إنها تجارب على مستوى المنافسة العالمية، ولفت «غزالة» إلى أن الإنتاج يواجه عدة تحديات، منها التعليم الأكاديمى المتخصص، فلا يكاد يوجد أقسام متخصصة فى دراسة الرسوم المتحركة فى الأكاديميات التعليمية، باستثناء بعض الأقسام القليلة المتخصصة، منها مثلاً فى جنوب أفريقيا، وغانا، وتعتمد معظم الدول على مراكز التدريب، التى لا يتم فيها الدراسة بشكل معمق. متابعاً كما أن التسويق والتوزيع يعتبر أحد معوقات هذه الصناعة أيضاً، حيث لا توجد قنوات متخصصة لعرض الأعمال، كما يتعرض صناع الأعمال لفرض سيطرة الممول الأوروبى فى بعض الأحيان.
وعن المشاركات فى مهرجانات دولية، قال «غزالة» إنها قليلة فمثلاً فى مهرجان «أنسى» للرسوم المتحركة، وهو أكبر مهرجان متخصص ويقام فى فرنسا، منذ 59 سنة، ويخصص مثلاً به جناح لليابان، وآخر لألمانيا، وغيرهما، وعلى امتداد القارة السمراء لا يوجد جناح لأفريقيا، باستثناء مشاركة لجنوب أفريقيا، وهناك مهرجان آخر فى كيب تاون، يحظى بدعم من مهرجان أنسى، وعدة جهات أخرى، ومهرجان «مكناس» بالمغرب، لكنه له ميل أكبر للفرانكوفونية، وفى غانا مهرجان دولى آخر هو «أنما أفرييك»، ومهرجان «فيس باكو» للرسوم المتحركة فى بوركينا فاسو، بخلاف مهرجان القاهرة الدولى للرسوم المتحركة، الذى تشارك فيه الدول الأفريقية، وكلها فعاليات تتيح فرص التفاعل المثمر بين الثقافات، وأشار «غزالة» إلى أن الفنانين الأفارقة لديهم اهتمام وشغف، والدلالات مبشرة، فهم فى مرحلة الخروج من عنق الزجاجة وتجاوز التحديات، بعد انتشار الإنترنت، وأصبح هناك أسماء من دول أفريقية تتبوأ مناصب فى مؤسسات دولية فى اليابان والدول الأوروبية، ومنهم مثلاً سيليا سوداكو، التى أصبحت رئيس قسم الرسوم المتحركة بجامعة كونكورديا بكندا.