مؤسسات قومية: إنشاء مصنع ورق الصحف ضرورة.. وانخفاض سعر المستورد أفشل تجربة «إدفو»
عبدالمحسن سلامة
«مصر لا تزال فى حاجة ماسة لإنشاء مصنع لورق الصحف»، وفقاً لرئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، نقيب الصحفيين السابق، عبدالمحسن سلامة، مشيراً إلى أن إنشاء هذا المصنع أكبر من أن تتحمله مؤسسة بمفردها، ويجب أن يكون مشروع دولة، لاسيما أنه مشروع استراتيجى مهم ليس للصحافة فقط وإنما للمنطقة كلها، لأنه سيصدر للدول العربية والأفريقية بأكملها التى تفتقر هى الأخرى لوجود مصنع لإنتاج ورق الصحف.
ورداً على سؤال حول الأنباء التى ترددت مؤخراً عن وجود بروتوكول بين مؤسسة الأهرام ووزارة الإنتاج الحربى لإنشاء مصنع للورق، قال «سلامة» إن هناك بروتوكولاً تم توقيعه بالفعل، لكن العقبة الأساسية التى تقف أمام إتمام هذا المشروع هى «التمويل» وليس أى شىء آخر، حيث يحتاج هذا المشروع إلى ما يتراوح بين 3 و4 مليارات جنيه، وهو ما لا يتوافر لدى مؤسسة الأهرام.
وتعليقاً على ما تردد عن سحب قطعة الأرض التى كانت مخصصة قبل سنوات لإنشاء مصنع للورق تابع للأهرام بمحافظة البحيرة من مخلفات قش الأرز والمخلفات الزراعية بشكل عام، بالشراكة مع شركة صينية، وذلك بعد تأخر بناء المصنع، اكتفى رئيس مجلس إدارة الأهرام، بالقول: إن «المحافظة تقول إن الأرض ستدخل ضمن مشروع قومى»، مؤكداً فى الوقت نفسه أن «المشكلة ليست فى توفير الأرض، حيث يمكن توفيرها بسهولة، وإنما فى تمويل ما يلى ذلك من مراحل».
وكشف «سلامة»، فى هذا السياق، عن أن الشركة الصينية التى سبق ووقعت مؤسسة الأهرام بروتوكولاً معها لإنشاء مصنع ورق الصحف، التى سبق وأعلنت أن لديها تكنولوجيا جديدة لتصنيع ورق الصحف من قش الأرز، لم تثبت الجدية فى التنفيذ، قائلاً «وصلتنا أنباء عن أنها أفلست وتم إغلاقها، ووردنا خطاب بهذا المعنى من وزارة الخارجية التى أدخلناها طرفاً فى الموضوع لنكسب الموضوع طابعاً رسمياً».
"سلامة": يمكننا التصدير إلى أفريقيا والدول العربية و"الشوربجى": أسعار الورق تخضع لبورصة عالمية
وعن المادة الخام التى يمكن أن يعمل عليها هذا المصنع المنتظر، قال: «الورق العادى يُصنع من مصاصة القصب وقش الأرز، لكن ورق الصحف يحتاج لما يُعرف بلب أو لحاء الخشب، وهى مادة تستورد من الخارج، من البلدان التى تنمو بها الغابات، ولكن حتى مع ذلك، فإن تكلفة ورق الصحف ستكون أرخص إذا ما كان لدينا مصنع محلى لإنتاج ورق الصحف، على حد قوله.
من ناحية أخرى، كشف المهندس عبدالصادق الشوربجى، رئيس مجلس إدارة مؤسسة روزاليوسف، رئيس لجنة مشتريات ورق الكتابة والطباعة الخاص بالصحف القومية، أن اللجنة الممثل فيها جميع الصحف والمؤسسات القومية، سعت للاستعانة بأكبر شركتين وطنيتين للورق، وهما شركتا «قنا» و«إدفو» للورق، لتوفير ورق الصحف والمجلات محلياً، ولا سيما بعد ارتفاع أسعار الورق المستورد، وأشار «الشوربجى» إلى أنه فى الوقت الذى لم تتفاعل فيه شركة «قنا للورق» مع هذه المبادرة، رغم أن أحد أغراض إنشائها أساساً كان إنتاج ورق الصحف، فإن «شركة إدفو» اهتمت بها وأخذتها بجدية، وأنتجت نموذجاً لورق الصحف وتمت تجربته بالفعل، وتسجيل عدد من الملاحظات عليه، تم تضمينها فى تقرير فنى وإرساله للشركة التى تلاشت جزءاً منها بالفعل، وبذلت مجهوداً فى ذلك، لافتاً إلى أنها تجربة تستحق التحية ولا يمكن أن نقول إنها كانت فاشلة، أو ناجحة بنسبة 100%، وأكد «الشوربجى» أن انخفاض أسعار الورق المستورد كان العقبة الأكبر التى أدت لتوقف المبادرة ومحاولات تلاشى بقية الملاحظات التى كانت لا تزال موجودة، حيث انخفض سعر ورق الصحف والجرائد المستورد من 950 دولاراً للطن إلى نحو 600 دولار للطن، وهو ما جعل تكلفة الورق المحلى الذى تنتجه «شركة إدفو» أعلى بكثير من الورق المستورد، الأمر الذى أكده كذلك، المهندس عبدالرحمن أحمد، رئيس مجلس إدارة شركة «إدفو»، وأضاف الشوربجى: «ماكينات الطباعة الموجودة بالصحف القومية الآن تحتاج لخصائص ورق معينة، ولا بد أن يكون أى ورق محلى مقارباً لها جداً»، إلا أنه أكد فى الوقت نفسه أنه «لو كانت أسعار المستورد ظلت أعلى من المحلى، فكنا سنجلس معهم مرة أخرى لمحاولة تلافى الملاحظات الباقية وضبطها».
وشدد هنا على انحيازه شخصياً لدعم المنتج الوطنى، خاصة أن تدبير الورق من الخارج أمر غير ميسر دوماً، قائلاً: «أسعار الورق تخضع لبورصة عالمية، ومن فترة ما كانش فيه ورق فى العالم كله وكان سعره غالى، وأحياناً يكون فى منتهى الصعوبة توفيره من الخارج»، مؤكداً أن توقف مصنع إدفو للب وورق الكتابة والطباعة «خسارة كبيرة».