في ذكرى رحيلها.. 5 وجوه سينمائية لـ سعاد حسني خلدت وجودها
سعاد حسني
ملامحها الجميلة.. روحها المنطلقة وعيناها المليئتان بالشقاوة، ليسوا سوى بطاقة دخول إلى قلوب الجمهور الذي عشقها من النظرة الأولى، فلن تكن تجاوزت الـ16 عاما، عندما أطلت عليهم للمرة الأولى في "حسن ونعيمة"، عام 1959، وقدمت السندريلا سعاد حسني مجموعة كبيرة من الأعمال السينمائية التي استعرضت عبرها قدراتها في التمثيل والغناء والرقص.
دخلت السندريلا مرحلة جديدة من النضج الفني، فبدأت تبحث عن الأعمال التي تستفزها كممثلة لها ثقل، فأجادت التنقل بين الأدوار ببراعة شديدة، وخلدت وجودها في قائمة أفضل 100 فيلم مصري بمجموعة كبيرة من الأعمال، مقارنة بأي ممثلة أخرى، من بينها "زوجتي والكلب"، "أهل القمة"، "الاختيار"، "غروب وشروق"، و"أهل القمة" وغيرهم، وفيما يلي أبرز الأدوار التي قدمتها السندريلا في مشوارها المتفرد.
إحسان "القاهرة 30"
تحاول إخفاء الثقوب التي أنهكت معطفها القديم، ونالت قبله من جواربها وحذائها البالي، تتحسس الملابس الملقاة أمامها، فمها وعيناها مفتوحتان على اتساعهما، تلقي ملابسها القديمة، ويسقط معها مبادئها وقيمها وحبها، وترتدي مكانها هدايا "قاسم بك"، التي تعتبر صك شرائها، وبطاقة دخولها إلى طبقة جديدة.
يتابع الفيلم صعود "إحسان" التي باعت نفسها تحت سطوة المال وذل الحاجة وأنياب الجوع التى نهشت جسدها وأجساد أشقائها، وتوافق أن تكون عشيقة أحد المسؤولين في الدولة، وزوجها من أحد موظفيه كستار لعلاقتهما، وتترك خلفها حبيبها المثالي المؤمن بالنضال.
قدم المخرج صلاح أبو سيف صورة واقعية من رواية "القاهرة 30" للكاتب نجيب محفوظ، إنتاج عام 1966، الذي تطرق إلى عدد من القضايا الشائكة متعلقة بالفساد والثورة عليه.
فاطمة "الزوجة الثانية"
حنكتها الفطرية رسمت لها طريق الخلاص، وضعت الخطة وبدأت في تنفيذها، تحولت برأتها إلى شراسة في الدفاع عن نفسها، فجرت أمامه المفاجأة بأن الطفل الذي تحمله في أحشائها ليس وريثه المنتظر، ولكن بذرة زوجها الذي انتزعها منه، اتهمها بالفجر، ولكنها تمتلك الحجة: بعبارة "أنا حامل من جوزي.. طب هو أنت جوزى ؟"، فأصاب العجز جسده الذي لم يتقبل الصدمة لتكون نهاية البطش والسطوة.
نجحت "فاطمة" في الخلاص من العمدة المستبد "عتمان" الذي انتزعها من زوجها حتي تنجب له طفل يحصل على كل شىء من بعده، ولم يكن الخلاص لها فقط بل لكل أهالي القرية الذين حصل على أموالهم وأراضيهم تحت سطوة نفوذه.
رائعة جديدة أجاد بها المخرج صلاح أبو سيف رسم ملامح كتبها أحمد رشدي صالح في فيلم "الزوجة الثانية"، إنتاج عام 1967.
"خلي بالك من زوزو"
مزيج ما بين الاثنين.. هل هى زينب عبد الكريم الفتاة الجامعية والطالبة المثالية في كلية الآداب، أم هي زوزو ابنة الراقصة نعيمة ألماظية، والتي تعمل معها في فرقتها، لم تشعر بالصراع إلا عندما تعرفت على المخرج المسرحي سعيد كامل الذي وقعت أسيرة في حبه، تتسع الفجوة بينهما عندما تجد "زينب" نفسها في مواجهة "زوزو" ابنة نعيمة ألماظية أمام الجميع، يتمايل جسدها الغاضب على حطام أحلامها السابقة.
أمام تلك الصدمة تقرر ترك الجامعة، لتعمل في الملاهي الليلة تحقيقا لرغبة والدتها، وتطمس معها الفتاة الطموحة "زينب"، ولكن إصرار الجميع على عودتها يشفى جراحها وتستأنف دراستها الجامعية.
في إطار من الكوميديا والاستعراض قدم حسن الإمام وصلاح جاهين فيلم "خلي بالك من زوزو"، الذي يعتبر علامة في تاريخ السينما المصرية، حيث استمر عرضه لمدة عام كامل في دور العرض السينمائي، عام 1972.
نوال "موعد على العشاء"
أقسمت على الانتقام، كل شىء بارد، ملامحها، نبرة صوتها، حتى أناملها، لتليق بالنهاية التى دستها بين طبقات صحن "المسقعة" المفضل بالنسبة له، حاصرها فلم يكن أمامها سوى أن تحرر نفسها من قبضته، يطلب منها أن تشاركه وجبته، يختنق صوتها وتمد يدها إلى الطبق وتتناول منه مستعدة لدفع أي ثمن مقابل الخلاص منه، تشعر بالآلم يعتصرها وهى تجاوب على سؤاله: "هو الأكل ده في حاجة.. في سم"، فتزداد البرودة.
رفضت "نوال" أن تظل حية تحت سطوة زوجها الأول "عزت"، الذي لم يستطيع أن يراها سعيدة بعد انفصالهم وزواجها من مصفف الشعر "شكري"، فقرر التخلص منه بدم بارد، فكان وراء قتله عن طريق حادث سيارة مدبر.
يعتبر "موعد مع العشاء" من الأفلام لهامة فى تاريخ السينما المصرية، حيث حمل توقيع السيناريست بشير الديك، والمخرج محمد خان في تجربته الإخراجية الثانية عام 1981.
زينب "الكرنك"
ترتفع يده لأعلى ثم تهوى على الصفعة على وجهها، تديره إلى الجهة الأخرى من قسوتها، لم يكن كافيا بالنسبة له، الاقتراب من الخطوط الحمراء إثم عظيم يتطلب العقاب، يرتفع صوته مناديا "فرج" الذي يبدو كالثور الهائج، يقترب منها ينفث أنفاسه الكريهة في وجهها، يمزق ثيابها وكرامتها وإنسانيتها، يحفر بأصابعه علامات داخل روحها يصعب محوها، ينتهك جسدها بشراهة على مرأى ومسمع من الجميع، ليكون رادع لها قبل الإفراج عنها.
الحديث فى السياسة هي الجريمة التي تجرأ الطلاب الجامعيين ومن بينهم "زينب" على خوضها، فكان جلوسهم على المقهى الشهير "الكرنك"، كافيا لتتبدل مصائرهم ما بين التعذيب والموت والاغتصاب في ظل فترة اشتهرت بالممارسات القمعية ضد طلاب الجامعة والمفكرين والمثقفين.
الفيلم مأخوذ عن رواية للكاتب نجيب محفوظ، وكتب السيناريو والحوار الراحل ممدوح الليثي، بينما أخرجه علي بدرخان، عام 1975.