ستاد القاهرة
"إنه لمن العار حقا أن تبلغ بلادنا كل هذا الرقي، ثم تنفرد القاهرة بخلوها من ملعب رياضي كبير"، جملة خطّها قلم محمد طاهر باشا عام 1948 في تقرير له في مجلة المصور تحت عنوان "القاهرة.. العاصمة الحديثة الوحيدة التي ليس بها استاد"، وثّق فيه بداية التفكير في إنشاء ستاد القاهرة الدولي، والتي تعود للوراء أكثر من عقدين من الزمان قبل افتتاحه عام 1960.
محمد طاهر باشا طبيب مصري، من أصل تركي، الذي أسس دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط، وكان رئيس اللجنة الأولمبية المصرية، وعضو في اللجنة التنفيذية اللجنة الأوليمبية الدولية في الأعوام بين 1952 إلى 1957، قال في تقريره "ها أنا ذا أقص قصة الاستاد من أولها لكي أبين أن الإيمان بالرياضة مايزال ينقصنا، ولذلك ترانا نفتقر إلى أكبر دعامة من دعائمها".
الحكاية كما يرويها الطبيب بدأت في عام 1936 حين دعت اللجنة الأهلية للرياضة البدنية المهندس الألماني فانور رمازش الذي صمم ملعب برلين، ليحضر إلى القاهرة ويدرس معها المشروع، ثم اتصلت بمصلحة المباني الأميرية حيث وضع تصميم لهذا الملعب، وجاء في تقرير اللجنة لسنة 1937 أنها واصلت سعيها لدى السلطات العليا لتحقيق إقامة هذا الملعب.
وفي عام 1944 بمناسبة مشروع مدينة الأوقاف الجديدة بجوار الزمالك، حجزت وزارة الشؤون الاجتماعية قطعة أرض من هذه المدينة مساحتها 211 ألف و567 متر مربع للمشروع، ثم شكلت لجنة حكومية أقرت حجز المساحة المطلوبة، فاعترضت وزارة الأشغال بأن ثمن الأرض يبلغ حوالي 211 ألف و567 جنيها، وطلبت إعادة النظر في الموضوع واختيار قطعة أرض أخرى لإنشاء الملعب، تكون أسعار الأراضي فيها منخفضة.
وحسب تقرير طاهر باشا، أدرجت إدارة الرياضة بوزارة الشؤون 200 ألف جنيه في مشروع ميزانية سنة 1946-1947 للبدء في مشروع ستاد القاهرة ولكن المبلغ لم يدرج فيها، وعادت وزارة الشؤون إلى إدراج هذا المبلغ في ميزانيتها للسنتين التاليتين، إلا أن وزارة المالية حذفته من الاعتماد.
أنهى طاهر باشا التقرير بقوله "إن هذا هو مجمل الخطوات التي تمت بشأن ذلك المشروع وجهود الهيئات الأهلية والوزارات المختلفة لتنفيذه، وبقى أن نجد من يؤمن بقيمة هذا الاستاد وضرورته لمصر، فيدفعه إيمانه لأن يجعل من الحلم حقيقة"، ليأتي بعدها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ويحقق نبوءة الرجل الذي رأى أنه من العار ألا تمتلك مصر ملعبها الخاص.
الرئيس الراحل عبدالناصر كان له حلمه الكبير بأن تمتلك مصر ستاد أوليمبي خاص، ليسند مهمة بنائه للمهندس أحمد الدمرداش، والذي استدعى نفس المهندس الألماني صاحب تصميم ملعب برلين، "فيرنر مارش" الذي حضر للقاهرة قبل، وسماه طاهر باشا في تقريره "فانور رمازش"، ليصمم الملعب الأوليمبي الحلم، ويبدأ إنشاءه عام 1957.
ولمدة 3 سنوات، وعلى مساحة 500 فدان، وبتكلفة 5 مليون دولار، وعقول وأيادي 14 مهندس وحوالي 3 آلاف عامل، اكتمل بناء ستاد "ناصر"، ليشهد العيد الثامن لثورة يوليو في عام 1960، افتتاح تاريخي لـ"ملعب الرعب"، حضره العديد من زعماء ومشاهير العالم.
ستاد القاهرة الدولي يعود بعد ساعات قليلة، لاستقبال المباريات، وذلك بعد عملية تجديد استغرقت عدة أشهر، استعدادًا لبطولة الأمم الأفريقية التي تستضيفها مصر في الفترة من 21 يونيو الجاري وحتى 19 يوليو المقبل، وتلتقي مصر بزيمبابوي في مباراة الافتتاح.
تعليقات الفيسبوك